أستاذ علوم سياسية: بعيدًا عن الصراع السياسي.. 5 حقائق عن عمر عبدالرحمن

عمر عبدالرحمن

حلل أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية، أحمد عبدربه، الجدل المثار حول الشيخ الراحل عمر عبدالرحمن مؤسس الجماعية الإسلامية، والذي وافته المنية يوم السبت الماضي.

 

وأكد "عبدربه" في تدوينة مطولة كتبها عبر حسابه الشخصي على موقع "فيس بوك" أن "عبدالرحمن" كان عالمًا جليلًا وكان إرهابيًا في نفس الوقت، على حد ذكره، وحمل الشيخ الراحل مسؤولية كل أحداث العنف والإرهاب التي وقعت في مصر خلال السنوات الأخيرة.

 

وإلى نص ما كتبه أحمد عبدربه مستعرضًا 5 حقائق عن "الشيخ" من وجهة نظره..

 

عن وفاة عمر عبد الرحمن:

الجدل حول الشيخ عمر عبد الرحمن طبيعي جدا لآنه شخصية مؤثرة داخل الجماعة الإسلامية بشكل خاص وداخل التيار الإسلامي بشكل عام. بفتاويه ومناصبه تمكن الشيخ عبد الرحمن من تشكيل الوعى السياسى والعام لكتير من شباب التيار الإسلامي فى التمانينات والتسعينيات. شباب الإسلاميين حاليا في العقد التاني من القرن الحالى من الطبيعى آن يكونوا مشدودين لآسطورته رغم إنهم لم يعاصروه بسبب شعورهم بعجز قيادتهم وإخفاقهم الفكرى والسياسي بعد ٢٠١١، وبالتالى فردة الفعل المحتفية به مفهومة فى هذا السياق.

آيضا هناك طابع آسطورى لقصة حياة الشيخ بيضفى بعض الدراما على آي شخصية بحجمة، فصله وإعادته للسلك الآكاديمي، تعقب السادات له، القبض عليه ثم تبرآته فى قضية إغتيال السادات، قصة المراجعات وما قيل عن دوره فيها، خروجه من مصر، استقراره فى آمريكا، اتهامة بالتآمر لشن عمليات إرهابية فى نيويورك، محاكمته المصحوبة بصخب دولى من بعض التيارات الإسلامية، حملة إعادته لمصر بعد الثورة، ثم وفاته داخل سجون آمريكا، كلها آمور كافية لعمل إخراج آسطورى لقصة حياته، وآعتقد آنه لولا إنهاك التيار الإسلامي بشكل عام والجهادي منه بشكل خاص فى مصر لكان حصل على احتفاء وصخب آكبر بكثير من الصخب الحالي!

لكن في النهاية وفى خضم "النزاعات" الآيدولوجية والسياسية وكتير منها حاليا لايرقى حتي لمفهوم "نزاعات" فهو ليس آكتر من مكايدات سطحية طفولية بين التيارات الإسلامية وغيرها، هناك حقائق عن الشيخ عبد الرحمن لابد آن تكون آساس معرفى لآى نزاع حول دوره حتي يكون لهذا النزاع معني ولايكون مجرد مكايدة سطحية:

 

آولا هو لم يكن رجل شعبوى كبعض آبناء التيار الإسلامى في عصره، بالعكس من ذلك كان رجل آكاديمي متمكن وقادر على تآسيس كل مواقفه على حجج وبراهين شرعية، عمل في السلك الآكاديمي وجمع بين التدريس والخطابة وكان قوى الحجة بشكل عام ومن هنا كان تآثيره القوى على الجماعة الإسلامية.

ثانيا: قيادته ودوره في الجماعة الإسلامية يجعلوه مسؤولا- ليس فقط بالمعني الآخلاقى ولكن حتي بالمعني السياسى- عن كل آعمال العنف والقتل والدم اللى قامت بها الجماعة الإسلامية في مصر وهي آعمال ليس لها توصيف سوى آنها "إرهابية"، وهذا توصيف حقيقي وغير مسيس، كونه مبرر عند بعض آبناء التيار الإسلامى تحت دعاوى مختلفة لايعنى آنه يجب آن يكون مبررا عند الآخرين ولايعنى آن هذا التبرير يجب آن يكون "معيارا آخلاقيا" يقوم بعض الإسلاميين باستخدامه لابتزاز غيرهم من غير الإسلاميين ، هو إرهابى ومسؤول عن عنف الجماعات!

ثالثا: الدراما الحقيقة ليس في كونه إرهابيا آم لا، فقناعتي إنه إرهابيا، ولكن لآنه فلت من العقاب الجنائى مرة وحُكم عليه فى آخرى، فلت فى عام ١٩٨٤ حينما برآته المحكمة من تهمة قتل السادات، بينما آدين بعدها بعقد من الزمان حينما آدانته الولايات المتحدة ، لكن لآنها "الولايات المتحدة" فطبيعى استطاع مريدوه التشكيك في المحاكمة وشرعيتها، لكن لايعنى هذا - ولايوجد دليل- آنه بريء!

رابعا: لآن الرجل هنآ فوز الرئيس الآسبق محمد مرسى من محبسه، ولآنه كانت هناك وعود ببذل جهد من قبل نظام مرسى لإعادة الرجل إلى مصر وفشل كل ذلك بعد عزل الإخوان، فطبيعي آن شهرة الرجل وآسطورته تعدت التيارات الجهادية والعنيفة إلى التيارات الإسلامية السياسية الآخرى!

خامسا وآخيرا: اللغط حول كونه "عالم جليل" آم "إرهابى" وهو الجدل الذى اشتعل بين التيارات المختلفة خلال الآيام الفائتة يوحي وكآن هناك تعارض بين الاثنين، والحقيقة إنه من الناحية المنطقية لاتعارض! هو كان عالما متبحرا ودارسا بالفعل وفي نفس الوقت كان إرهابيا! وبالمناسبة هذا هو آكبر تحدى فكرى لتيار "الإسلام برئ من الإرهاب"، ليس لآن الإسلام ديننا إرهابيا فهو بحسب قناعتي ليس كذلك، ولكن لآن عبد الرحمن وغيره من بعض العلماء المسلمين قد آيدوا الإرهاب بل ونظروا وآطروا له ووجدوا له كل المخارج والتبريرات الشرعية!

 

الجدل حتي يكون له معني يجب آن يتخطى الانشغال بتوصيفات عبدالرحمن إلى الانشغال بتلك المعضلة والعقبة الحقيقية التي تقف بين معظم آبناء التيار الإسلامى وبين الدولة القومية الحديثة وهناك ثلاثة آسئلة لا إجابات فورية عليها ولكنها تحتاج إلى جهد ذهنى للجادين:

 

-كيف يمكن دمج من لايؤمن بالدولة القومية ويعتبرها كفر وخروج عن الإسلام في العملية السياسية ؟

-كيف يمكن نفى تهمة الإرهاب والعنف عن الإسلام بينما هناك كتابات موثقة ولا خلاف علي حقيقتها لبعض العلماء المسلمين تقوم بالتخريج الشرعى المتين الحاذق للعمليات الإرهابية ؟

 

-كيف يمكن محاربة الإرهاب من قبل الدولة القومية دون التورط فى تسييس هذه الحرب بحيث تتحول الآخيرة بدورها إلى اداة لصناعة آجيال جديدة من الإرهابيين وندور في حلقات مفرغة ؟

 

للمهتمين بمزيد من الجدالات الفكرية ، فقد طرحت بعض تصورات عامة لإجابة هذه الآسئلة في الفصل الآخير من كتاب "الفكر الإسلامى الجهادي المعاصر" الذي صدر مع مطلع هذا العام عن دار نشر المرايا وهو نتاج بحث جاد قام به الباحث الاستاذ محمد مختار قنديل وشرفت بتحريره وكتابة فصله الختامى حيث آتعامل مباشرة مع هذه المعضلات.

 

 

وتوفي السبت الماضي الشيخ عمر عبدالرحمن، مؤسس الجماعة الإسلامية، يوم السبت الماضي، في سجون الولايات المتحدة الأمريكية، عن عمر ناهز الـ 79 عامًا.

 

وكان يقضي الشيخ الراحل عقوبة السجن مدى الحياة في الولايات المتحدة، إثر إدانته بـ "التورط في تفجير مركز التجارة العالمي في نيويورك"، عام 1993، والذي راح ضحيته 6 أشخاص، والتخطيط لشن اعتداءات أخرى بينها مهاجمة مقر الأمم المتحدة.

مقالات متعلقة