تتجه الأنظار صوب جنيف، حيث تنطلق بعد سويعات مباحثات جنيف 4 حول سوريا، أملا في إيجاد حل سياسي يجفف نهر الدماء السائلة، ورفع الحصار عن المناطق المحاصرة، وإدخال المساعدات لهم، والإفراج عن المعتقلين.
حالة من التشاؤم تخيم على الأجواء، خاصة بين صفوف المعارضة، إذ أن جميع المقدمات لمفاوضات جنيف غير مبشرة لذلك لا يمكن التنبؤ بنتائج إيجابية تسفر عنها المباحثات.
حالة التشاؤم امتدت لستيفان دي ميستورا مبعوث الأمم المتحدة لسوريا، حيث أعلن في مؤتمر صحفي منذ قليل أنه لا يتوقع حلولا سريعة من خلال مفاوضات جنيف4 ولكنه أكد أنهم سيتطرقون لكل القضايا.
الانفراجة مستبعدة
واستبعد دي ميستورا أن يكون هناك انفراجة قريبة للأزمة، لكنه يطمح تحقيق قوة دافعة كبيرة في محادثات جنيف.
وذكر أن المحادثات بداية لسلسلة جولات للبحث بعمق في حل سياسي، مؤكدا أن المفاوضات ستركز على تأسيس حكم شامل غير طائفي ووضع دستور جديد وإجراء انتخابات بسوريا، وهي النقاط الثلاث التي نص عليها القرار الدولي 2254.
ورغم أن أكثر ما يحبط المحسوبين على الثورة السورية هو استمرار انتهاك خرق اتفاق وقف إطلاق النار إلا أن دي ميستورا ذكر أن روسيا طلبت رسميا من الحكومة السورية وقف القصف الجوي في المناطق التي يشملها وقف إطلاق النار.
فشل مؤتمر الأستانة
ولم تفلح مشاورات الأستانة 1 - التي قالت عنها موسكو إنها تمهيد لجنيف – في تثبيت الهدنة التي أعلنتها تركيا وروسيا أواخر ديسمبر الماضي، رغم أن هذا كان الهدف الرئيسي لمباحثات الأستانة.
وخلال فترة وقف إطلاق النار باركت موسكو عملية نفذها النظام السوري وميليشيا حزب الله اللبنانية الشيعية تحت قيادة إيرانية طوال 3 أسابيع في منطقة وادي بردى انتهت بتهجير بعض أهلها وإخراج مسلحي المعارضة منها.
استمرار القصف
كما يتواصل القصف العنيف على مناطق المعارضة التي تصنف معتدلة في درعا وريف حمص وريف حماه وأيضًا محافظة إدلب.
ولم تختلف نتائج مباحثات الأستانة 2 عن 1 في شيء إلا مزيد من الوعود الروسية في كبح جماح النظام السوري وحلفائه من الميليشيات الشيعية، في الوقت الذي امتعضت فيه المعارضة السورية من تجاهل الإشارة لدور إيران العسكري في سوريا سواء في المباحثات الأولى للأستانة أو الثانية.
وتزامنا مع وصول الوفود المشاركة في المفاوضات إلى جنيف بدءا من الاثنين 20 فبراير، أعلنت الحكومة السورية أنها تمتلك "اليد العليا" في العملية السياسية.
بسام الملك القيادي البارز في المعارضة السورية أبدى تشاؤمه حول مفاوضات جنيف متوقعا أن تتجه الأمور للتعقيد لعدة عوامل.
تشتيت المعارضة
وفند في حديثه لـ"مصر العربية" عوامل التشاؤم أولها أن دي ميستورا كما قال ارتكب خطأ كبيرا بأن يدعو ثلاث منصات كممثلة للمعارضة وفد من موسكو والقاهرة والرياض ممثلة في الهيئة العليا للتفاوض.
ولفت إلى أنه إن لم يحدث توافق بين الثلاثة سيسحقون، بجانب ذلك سيتحجج النظام بأنه لا يعرف من يتفاوض تحديدا.
وذكر القيادي في المعارضة السورية أن مؤتمر الأستانة لم يضع ثوابت نهائية لوقف إطلاق النار، بجانب أن المساعدات الإنسانة التي كانت متوجهة لأهالي حمص "نهبها" النظام السوري.
المقدمات سلبية
واعتبر أن كل المؤشرات حتى الآن سلبية، بجانب أن دي ميستورا مهزوز عوضا أن النظام لا يريد مفاوضات أو حل سياسي، وكل هذه المقدمات بحسب ما يعتقد الملك ستفضي لفشل ذريع.
وأكمل:" يريدون أن ينسفوا قرارات مجلس الأمن 2218 و2254 ، بالدعوة لحكومة شاملة تحت يد بشار الأسد، ليعرضوا على المعارضة الوزارات الهامشية مثل الزراعة والتضامن والتموين وخلافه وتكون السيادية كالخارجية والداخلية والدفاع من نصيب النظام".
حتى مسألة صياغة دستور جديد التي تحدث عنها دي ميستورا في رأي بسام الملك ستسير إلى طريق مسدود، متسائلا:" من سيصيغه؟ النظام سيضع بنودا والمعارضة ستضع أخرى مختلفة، فلمن يكون القرار؟".
وشدد على أن الأزمة لن تحل إن لم يكن هناك ثقل للموقف الأمريكي، فالمشاكل لن تحت في ظل إدارة الروس فقط.
تعقيد الأمور
وشاطره زكريا عبدالرحمن الخبير السياسي السوري التشاؤم إذ اعتبر مفاوضات جنيف مشهد من فيلم لا ينتهي وهو تعقيد الأمور أكثر فأكثر، مؤكدا أن المفاوضات ستفضي للا شيء.
وأكمل حديثه لـ"مصر العربية":" دي ميستورا رافض الحديث عن الانتقال السياسي والقضايا الكبرى حول شكل النظام، فهم يريدون فرض حل محدد، ودستور صاغته روسيا".
فرض حل على المعارضة
ورأى أن كل الهدف من جولات المفاوضات هو فرض حل "مفزع" على المعارضة التي تقاوم حتى الآن، ولكنها تقدم تنازلات شيء فشيء.
واستطرد:" السيناريو المتوقع الدائم هو الحديث حول المساعدات الإنسانية ورفع الحصار عن المناطق المحاصرة، رغم أنه حتى الآن هناك 13 قرية ومدينة لا يدخلها الغذاء ولا الماء ولا الأدوية ولا أي شيء".
واختم عبدالرحمن:" كل المؤتمرات هدفها إلهاء المعارضة وإشغالها بتفاصيل ثم تفاصيل أخرى".