السجون في عيون «حقوق الإنسان»: فندقية.. والأهالي: مقبرة

زيارات السجون

"طعام في أوانٍ جديدة، جيد الطهي، يقدم بعضه بطريقة فندقية، من قبل نزلاء السجن ويرتدي كل منهم كمامات وقفازات واقية في يده"، هذا المشهد دائما ما يظهر خلال زيارات وفود حقوق الإنسان عبر وسائل الإعلام داخل السجون، إلا أن السجناء يؤكدون أن تلك الصورة "مصنوعة".

 

البريء

                                     

كانت زيارة المجلس القومي لحقوق الإنسان في أغسطس 2015 أول تلك الزيارات التي نالت هجوماً شديداً على أعضائه بتهمة تمثيل فيلم "البريء"، في الوقت الذي اعتبر فيه حافظ أبوسعدة، عضو المجلس ذلك الهجوم "غير مفهوم".

 

ورفض في تصريحاته لـ"مصر العربية" آنذاك المقارنة بين زيارة المجلس ومشهد الزيارة في فيلم "البريء"، موكدا أنها مقارنة غير منطقية ومحاولة تصوير  الحكومة "بتضحك" على وفد حقوق الإنسان، قائلا :”لم نكن نمثل".

 

 

 

سجون فندقية

تكرر الأمر في زيارتي سجن برج العرب والمرج العمومي، وأعلنت الداخلية خلال الزيارة أن برج العرب خضع لتطوير المنشآت والمرافق ودعم المستشفى الموجودة بأحدث الأجهزة لتوقيع الكشف الطبي على السجناء وإجراء العمليات الجراحية حتى أصبحت المستشفى 5 نجوم.

 

 

في مساء الأربعاء الماضي، أعلنت لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان عن زيارتها لسجن الفيوم العمومي، مؤكدين أنه لا يوجد تعذيب إطلاقاً إضافة لتقديم خدمة جيدة للمحبوسين على أعلى مستوى. 

 

كذلك تساءل الوفد البرلماني عن طبيعة الطعام المقدم للنزلاء ومدى جودته، فأكد المساجين أنهم يتناولون في الإفطار "الفول والعيش"، ويليها وجبه خضار، وبالنسبة للغذاء يتناولون اللحمة مرتين أسبوعياً، وخضار وأرز يوميا وبيض مرتين أيضًا بدلا من الفراخ بجانب فاكهة يوميا.

 

 

 

 

 

طعام محترق

 

تمتلك أبرار علي، زوجة بدر الجمل، رواية أخرى، من سجن برج العرب، تؤكد فيها أنه لا يتناول الطعام المقدم في السجن ويعتمد فقط على ما يحصل عليه من الزيارة، معللة الأمر بـ"الطعام إما غير مطهي أو محترق".

 

تشير لـ:"مصر العربية" إلى أنه عندما نشرت الصور لسجن برج العرب في مارس الماضي ظهر فيها كسجن فندقي هو الآخر، ما جعلها تطبع الصور ليراها زوجها في الزيارة، وهو ما أصابه بالضحك مؤكدًا لها أنهم لم يروا هذا الوضع نهائياً داخل السجن، ما قد يدفعهم لتناول طعام السجن جبراً هو إغلاق الزيارات في أيام العطلات وليس لديهم طعام لتناوله.

 

رأس سمكة

 

إيمان فتحي، والدة عبد الرحمن كمال المحبوس بسجن العقرب، تؤكد أن الطعام الذي يتناولونه يحضره الأهالي معهم، ويُمنع أكثر من نصفه، موضحة أنه في زيارة وضعت سمكة لنجلها فقطع الرأس منها لإدخالها له، وأُعيد لها الباقي، معلقة :"الطعام لا يكفي حاجة قطة".

 

وفقًا لشهادات وثقتها المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، عن سجن العقرب، فإنّ أهالي المحبوسين يعتمدون على نظام "الطبلية" حيث تقوم عائلة كل سجين فى الزنزانة بتحضير وجبة تكفي عدد السجناء فى الزنزانة الواحدة وهكذا يصبح لدى السجناء طعام يكفيهم، وعند منع الزيارات، فإن هذا يعني أنه لا فرصة للسجناء في الحصول على طعام إلا عن طريق طعام السجن - والذى أشار الجميع إلى تردي حالته وإلى قلة كميته أيضًا - أو شراء طعام من كانتين السجن.

 

فتقول أحدهم:" الأكل وحش، في رمضان كانوا بيدخوا السحور والفطار مع بعض وقت الظهيرة، الأكل كان بيحمض، وفي أول يوم عيد وزع عليهم بيضة واحدة كفطار"، لا يشكو نجلها من أمراض ولكن يشكو من نقص الطعام، تصف الأمر بالتجويع.

 

ما يقدر  الأهالي إدخاله عبارة عن معلقتين أرز وقطعة لحم صغيرة جداً وممنوع دخول البطاطس، يوضع الطعام على بعضه في كيس بلاستيكي ويقدم للمسجون.

 

تشير زوجة أحد السجناء بـ"الوادي الجديد"، إلى سوء المياه، لافتة  إلى أن الأهالي حاولوا تحليل عينة من المياه ووجدوا فيها نسبة عالية من "الصديد" والأملاح إلا أن إدارة السجن لم تستجب لهم، خاصة مع المعاملة السيئة للأهالي أثناء الزيارة.

 

وأضافت أن السجن به قائمة من الممنوعات بدون أسباب واضحة، يبقى أبرزها البطاطين والملابس الشتوية، والكثير من الطعام، مشيرة إلى أنه في كل زيارة يرفض السجن إدخال ما يقرب من نصف الطعام بدون أسباب.

 

"سوء الرعاية الصحية، وتهالك مستشفى السجن، وسط رفض السجن نقل أي محبوس للخارج لإجراء أي فحوصات - بحسب الأهالي"

 

الأكل في جردل

 

ناجي كامل، عضو حركة شباب من أجل العدالة والحرية، تعرض للحبس أكثر من مرة في سجون مختلفة ما بين سجني الجيزة وأبوزعبل وطنطا.

 

يشير إلى أنه داخل سجن الجيزة لا وجود للمطبخ من الأساس لتقديم الطعام، ما يقدم لهم كان قطعة من الجبن ورغيف خبز أو بيضة تكون فاسدة في أغلب الأوقات.

 

يختلف الوضع داخل سجن أبو زعبل، فوفقا لناجي، كان الطعام مرة واحدة في اليوم عبارة عن "جردلين"  أحدهم يحمل خضارا  يتكون من باذنجان قطعت كل واحدة منهم قطعتين ووضعت للطهو، معلقا :"رائحته قد تتسبب في فقدان أحدهم للوعي"، والجردل الأخر من الأرز "معجن"، مشيراً إلى أن "الكمامات" التي ارتداها الطباخ في صور سجن المرج لم تكن متوفرة من الأساس للأطباء في السجون.

 

لائحة تنظيم السجون في 36 مادة منه حددت صلاحيات ومسئوليات طبيب السجن بمراقبة الأغذية والملابس والمفروشات المخصصة للمسجونين، وفي المادة 22 حددت اللائحة حق السجناء في الحصول على وجبة غذائية متكاملة، ولابد أن يكون الطعام جيد الإعداد والتقديم، وتوفر المياه الصالحة للشرب، إلا أن وفقا لشهادة "ناجي" لا يخضع الطعام لأي نوع من الرقابة وكذلك الرعاية الصحية في السجن، فحالات التسمم والإصابة بالأمراض نتيجة الطعام شهدها ناجي أكثر من مرة.

 

خاض ناجي تجربة مع الرعاية الصحية في السجن لمدة 4 أيام بسجن الجيزة دون خضوعه للعلاج، وبعد تدهور صحته انتظر عربة ترحيلات لنقله للمستشفى أمام السجن ساعتين وفي النهاية حصل على حقنة مسكنة، ومن أعطاه العلاج طبيب مسجون في الزنزانة.

 

" 50 * 180 سم" هي المساحة المتاحة للمسجون أو ما يطلق عليه "شبر وقبضة" لا يملك غيرها نتيجة التكدس مما يعني أن من يصاب بمرض ينقله لغيره على الفور، بحسب ناجي، وهو ما حدث في حالات الإصابة بالجرب في الصيف.

 

حالات الإهمال الطبي التي شهدها "ناجي"، كان أبرزها السجين المصاب بورم في الكلي بحجم رأس الإنسان، لا يستطيع الحركة أو النوم إلا على جانب واحد، يرفض السجن نقله للعلاج

"ما يحدث مع الجنائيين أسوء بمراحل، ففي سجن طنطا يٌجبروا على الدخول لغرفة لتناول الأرز بالصابون لإفراغ ما في معدتهم بعد كل جلسة".

مقالات متعلقة