بعد 5 سنوات من الثورة .. التعذيب إرث لم تتخلص منه تونس

اتهامات بالجملة للشرطة في تونس

رغم  مرور أكثر من  5سنوات على سقوط نظام الرئيس التونسي زين العابدين بن علي، بعد الثورة التي اندلعت بسبب انتهاكات حقوق الإنسان، إلا أن تونس لم تتخلص من الإرث الثقيل، ولم تتجاوز بعد حقبة الماضي المظلم.

 

وتصدرت الشرطة قائمة السلطات الأمنية في تونس التي ترتكب انتهاكات في حق المحتفظ بهم، وذلك بنسبة 62 بالمائة، تليها المؤسسات السجنية (24 بالمائة) ثم الحرس الوطني بنسبة 14 بالمائة، وفق التقرير السنوي الإحصائي للمنظمة التونسية لمناهضة التعذيب لسنة 2016 .

 

عدد السجناء

 

ويبلغ عدد السجناء التونسيين نحو 22 ألفا، بحسب ما أفاد به وزير العدل غازي الجريبي أثناء جلسة استماع في البرلمان التونسي.

 

وكشفت رئيسة المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب، راضية النصراوي خلال ندوة صحفية بالعاصمة، لتقديم هذا التقرير، أنه "تم تسجيل 153 حالة تعذيب توزعت بين التعذيب والعنف وسوء المعاملة".

 

وبخصوص توزيع الانتهاكات حسب جهات البلاد، أفادت النصراوي نقلا عما ورد في التقرير، بأن نسبة الانتهاكات المسجلة بإقليم تونس الكبرى وبنزرت وزغوان، بلغت 62 بالمائة، تليها ولايات الشمال الغربي بنسبة 19 بالمائة، فمناطق الوسط والجنوب (12 بالمائة)، ثم جهات الوطن القبلي والساحل بنسبة 7 بالمائة.

 

أنواع  الانتهاكات

 

كما تطرقت النصراوي إلى أصناف الانتهاكات، إذ احتل التعذيب أعلى بنسبة (59 بالمائة)، تلاه سوء المعاملة بنسبة 33 بالمائة، ثم الاعتقال التعسفي (4 بالمائة)، فالموت بنسبة 2 بالمائة والتهديد ومحاولة الاغتصاب (2 بالمائة) كذلك.

 

وقد توزعت أماكن الانتهاكات بين مراكز الشرطة بنسبة 36 بالمائة والسجون (25 بالمائة) والأماكن العامة (21 بالمائة) ومراكز الحرس الوطني (5 بالمائة).

 

تجريم التعذيب

 

وسلطت رئيسة المنظمة، الضوء على ما ورد في التقرير بخصوص المناخ الأمني الذي وصفته بـ"غير المستقر"، في ظل الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية الصعبة، علاوة على المطالب القانونية المتعلقة خاصة بتعديل قانون السجون وأحكام المرسوم 106 لسنة2011 والذي ينص على تجريم التعذيب.

 

كما كشف التقرير  الفئات العمرية لضحايا الانتهاكات، فقد مثل من تجاوزت أعمارهم 40 سنة نسبة 21 بالمائة، مقابل 74 بالمائة لمن تتراوح سنهم بين 19 و39 عاما.

 

أما الشريحة العمرية ما بين 14 و18 سنة، فقد مثلت ما نسبته 5 بالمائة من الانتهاكات التي توزعت حسب جنس الضحايا إلى 86 بالمائة رجال و14 بالمائة نساء.

 

رد الحكومة

 

 وتقول السلطات التونسية إنها "فتحت تحقيقات في عمليات التعذيب في السجون"، وتشدد على أنها "تصرفات فردية من بعض الأشخاص".

 

وفي مايو من العام الماضي، نفى وزير العدل التونسي السابق عمر منصور في تصريحات إعلامية على هامش زيارته لسجن النساء بمنوبة (غرب العاصمة)، وجود ممارسات تعذيب ممنهجة في السجون التونسية.

 

عودة غطرسة الأمن

 

بدوره قال الناشط السياسي التونسي على مبارك – إن ثورة 2011 جاءت تحت عنوان "شغل حرية كرامة وطنية" إلا أن بعد مرور6 سنوات عليها شهدت انتكاسة على مستوى حقوق الإنسان خاصة في ظل الحكومتين الأخيرتين حيث عادت الانتهاكات وغطرسة قوات الأمن وتجلى ذلك من خلال تجدد مظاهر التعذيب واستعمال القوة المفرطة في مراكز الإيقاف والسجون التونسية.

 

وأضاف في تصريحات لـ"مصر العربية" أن رجل الأمن عاد فوق القانون وبعيدا على المحاسبة ما تسبب في عودة التوتر بين الشرطي والمواطن   وأصبحت العلاقة بينهما عدائية من جديد و هذا ما أكده تقرير منظمة العفو الدولية الصادر في 10 فبراير  2017 .

 

الاغتصاب

 

وأوضح أن منظمة العفو أكدت أن الطريق إلى الإصلاح في تونس مهدد من جراء اعتماد قوات الأمن التونسية على الأساليب القمعية التى كانت معهودة في الماضى بما في ذلك التعذيب والقبض و الاحتجاز بصورة تعسفية والقيود على السفر على المشتبه فيهم هذا فضلا على مضايقة أفراد أسرهم دون أن ننسى وجود بعض حالات الاغتصاب في بعض السجون التونسية.

 

وأكد مبارك أن عودة هذه الأساليب "القذرة" بمثابة ناقوس خطر، تتطلب تحرك المجتمع المدني من منظمات وجمعيات وأحزاب لتصدي لهذه الظاهرة حيث طالب المجتمع المدني بتفعيل الهيئة الوطنية لمكافحة التعذيب ومدها بالوسائل المالية واللوجستية حتى تقوم بدورها.

 

كما طالب الحكومة بمحاسبة المارقين على القانون وتجلى ذلك من خلال الضغط على مجلس نواب الشعب لاستدعاء وزير الداخلية ومساءلته على هذه الانتهاكات خاصة في ظل تفعيل العدالة الانتقالية.

 

خطر على المرحلة الانتقالية

 

فيما قالت الناشطة السياسية التونسية حفصة مصطفى، إنه من الطبيعي أن نجد مثل هذه الممارسات الأمنية، ولفتت إلى أن مرور عشرات السنوات من الفساد والقمع لن تمحى في 6سنوات.

 

 وأضافت في تصريحات لـ"مصر العربية" أن نظام بن علي مازال متحكما في مفاصل الدولة من خلال رجاله المخلصين له،والذين يطبقون سياسته القمعية لكن بشكل مستتر.

 

وأدانت الناشطة التونسية الانتهاكات التي جاءت في التقرير، واعتبرته عودة سريعة لما قبل الثورة التونسية الأمر الذي يشكل خطر على المرحلة الانتقالية على الرغم من العثرات التي تتعرض لها على يد السياسيين على حد قولها .

مقالات متعلقة