كشف الخبير الاقتصادي الفلسطيني نهاد نشوان أن هناك أزمة ديون خطيرة تمر بها السلطة الفلسطينية، إذ تجاوزت خمسة مليارات دولار بسبب انخفاض المعونات المالية من الدول المانحة بنسبة تزيد على 80% .
ذلك بجانب عدم إيفاء الدول العربية بتعهداتها المالية وفقاً لمقررات جامعة الدول العربية ، التي دعت لتوفير مظلة مالية للسلطة الفلسطينية في ظل عمليات الابتزاز المستمرة من قبل حكومة الاحتلال التي تجمد بين الحين والآخر عائدات الضرائب الفلسطينية ، وتمتنع عن تحويلها ما تسبب خلال الفترات السابقة بأزمة مالية خانقة تبلورت في فقدان السلطة القدرة على دفع رواتب الموظفين.
وأكد نشوان أن المساعدات المالية المقدمة للسلطة الفلسطينية من الولايات المتحدة، والاتحاد الأوربي باتت ضعيفة، وإن حدثت تكون بشكل غير مباشر، وتذهب لمشاريع تنموية ، وليست لخزينة السلطة الفلسطينية.
" مصر العربية " حاورت نهاد نشوان للتعرف على الأسرار المالية للسلطة الفلسطينية، وإلى أين وصلت أزمتها الاقتصادية، وما تأثير تأثير واشنطن بوقف المساعدات المالية كلياً عن السلطة الفلسطينية في عهد إدارة الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب.
إلى نص الحوار ..
لماذا لوحظ انخفاض في المعونات المالية المقدمة من السلطة الفلسطينية .. وكيف يؤثر ذلك على السلطة؟
المساعدات الخارجية منذ قدوم السلطة الفلسطينية بموجب اتّفاق أوسلو لعام 1993 تعد المصدر الأول للموازنة الفلسطينية، وتم بناء نظامها المالي على محورين، الضرائب، ,المنح والتبرعات.
وفي حينها تعهد المجتمع الدولي بتوفير الدعم المالي، الذي بلغ قرابة 18 مليار دولار منذ إنشائها، وحتى اليوم تغطي بها السلطة نفقاتها التشغيلية، وأهمها رواتب 185 ألف موظف في قطاع غزة والضفة الغربية.
ولكن الثابت في السياسة متغير حيث بدأت المنح التي تشكل ثلث الموازنة العامة بالتقلص والتراجع الحاد فبعد أن كانت بمعدل 2,7 مليار دولار في عام 2008، تقلصت إلى 800 مليون دولار خلال عام 2015 إلى أن وصلت 150 مليون دولار العام المنصرم أي بتراجع يزيد عن 80% .
في ظل تراجع مساعدات الدول المانحة كم تبلغ الديون المتراكمة على السلطة الفلسطينية الخارجية والداخلية؟
الديون المتراكمة على السلطة الفلسطينية ملف خطير للغاية لأنها تزيد على خمسة مليارات دولار، نتيجة توقف المساعدات من الدول المانحة، فلم تعد تلك المساعدات كالسابق.
للأسف وأقولها لأول مرة السلطة الفلسطينية تحجب حجم ديونها منذ عام 2014؛ لأنها إذا كشفتها ممكن أن تعصف تلك الأرقام بحكومة "الحمد الله"، لأنه حسب المادة رقم ( 30 ) من قانون الدين العام رقم ( 24) لسنة 2005 لا يجوز أن يزيد الرصيد القائم للدين العام في أي وقت من الأوقات على 40 % من الناتج المحلي الإجمالي ، لذلك أطالب بسحب الثقة في الحكومة لتجاوزها القانون الأساسي الفلسطيني.
ما تأثير ذلك على استمرارية عمل السلطة الفلسطينية؟
السلطة الفلسطينية تمر بأزمة مالية تهدد استمرارها نتيجة التراجع الحاد في المساعدات الدولية وزيادة نفقات السلطة ما شكل عبر السنوات السابقة عجزا كبيرا.
ولجأت السلطة للتغطيته على الديون بالاقتراض من البنوك المحلية والخارجية فترتبت ديون أكبر، و وفق آخر إعلان في 2014 صادر عن سلطة النقد الفلسطينية فإن ديون السلطة تجاوزت 5 مليار دولار ، ونحن الآن في العام 2017 ، بتقديري زاد الدين كثيراً، وإذا استمر الوضع على ما هو عليه فلن تستطيع السلطة تسديد فاتورة رواتب الموظفين ولا مصروفاتها.
وكل إجراءات التقشف فشلت في الحد من الأزمة المالية، التي تعد بمثابة حبل حول عنق السلطة الفلسطينية وهو ما يجعلها عرضة في بعض الأوقات للابتزاز السياسي من إسرائيل والدول المانحة خاصة فيما يتعلق بالمفاوضات، وتقيد تحركاتها على الصعيد الدولي.
ما الخطورة المترتبة على وقف الاتحاد الأوروبي دفع فاتورة رواتب الموظفين في غزة ؟
يساهم الاتحاد الأوروبي بما قيمته 150 مليون يورو تدفع لموظفي غزة وقرر وقف صرفها بعد 10 سنوات من استنكاف الموظفين الذي يزيد عددهم على 72 ألف موظف وهذا كارثة ، ويشكل اختبار حول قدرة السلطة على تغطية هذا العجز.
هناك العديد من علامات الاستفهام تدور حول هدف الاتحاد الأوروبي من إيقاف تمويل رواتب الموظفين في قطاع غزة، وإن كانت السلطة الفلسطينية تقول أن هذا الدعم ربما يحول للحالات الاجتماعية التي تستفيد من السلطة الفلسطينية.
باعتقادك هل من الممكن أن توقف واشنطن مساعداتها للسلطة الفلسطينية في ظل التطورات الراهنة؟
انخفضت مساعدات واشنطن من 400 مليون دولار سنوياً إلى الصفر، وكذلك الاتحاد الأوروبي الذي صرح بأنه لن يدفع رواتبا لموظفي غزة.
والتخوف الأكبر أن تتوقف واشنطن في عهد ترامب عن دعم المشاريع التنموية التي تمولها الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية مع العلم أن إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك اوباما حولت 200 مليون دولار قبل لحظات من رحيلها للسلطة الفلسطينية، والمساعدات الأمريكية في ظل الواقع الموجود من قبل ترامب في طريقها إلى التوقف كلياً.
هل من الممكن أن تستخدم إسرائيل أموال الضرائب للضغط على السلطة الفلسطينية؟
وفق اتفاقية باريس الشق الاقتصادي من أوسلو السلع التي يستوردها التاجر الفلسطيني من الاحتلال يدفع عليها ضرائب ، ومن ثم يقوم الاحتلال بتوريد هذه الضرائب للسلطة التي تصل قيمتها إلى 150 مليون دولار شهرياً، وفي حال أي تجاذب سياسي مع إسرائيل سيكون لذلك أثر سلبي جداً خاصة، وأن وضع السلطة المالي لا يحتمل أي عوائق في هذا الجانب.
وبالمناسبة إسرائيل أقدمت أكثر من مرة في السابق على تجميد عائدات الضرائب بسبب قيام السلطة بخطوات سياسية مناهضة لها ما تسبب في عدم قدرة السلطة لعدة أشهر على دفع رواتب الموظفين.
كم المساعدات المالية المقدمة من الدول العربية سنوياً؟ وهل هناك تراجع في هذا الدعم أيضًا؟
كانت تدعم الدول العربية السلطة بمبالغ كبيرة ، وصلت في بعض سنوات لأكثر من 500 مليون دولار، إلا أن هذه القيمة انخفضت كثيرا فيما عدا السعودية التي تعد أكثر الدول العربية التزاماً فقد وقدمت 241 مليون دولار في العام 2015 ، تليها الجزائر بقيمة 52,8 ملايين دولار.
بينما لم تقدّم الإمارات العربية المتّحدة ، وبعض الدول الخليجية أي دولار إلى الموازنة الفلسطينيّة في عام 2015 بشكل مباشر بسبب التجاذبات السياسية مع العلم أن الدول العربية تعهدت في مؤتمرات القمم العربية السابقة على توفير مظلة مالية للسلطة الفلسطينية من أجل تعزيز صمودها ، وحمايتها من عمليات الابتزاز الإسرائيلية والأمريكية .