"ضل راجل ولا ضل حيطة" مثل شائع أطلقته السيدات عندما لم يتحملن المعيشة مع شريك الحياه، ولا يجرأون على طلب الطلاق من الرجل في الوقت ذاته، خوفًا من النظرة السلبية للمجتمع، فتحملن وصبرن خوفًا على سمعتهن ونظرتهن أمام المجتمع.
تحاورت مصر العربية مع بعض السيدات اللاتي تمنين طلب الطلاق ولكن امتنعن لأسباب عدة، من أهمها نظرة المجتمع السيئة لهن:
وقالت فتحية الأمين "39 عامًا" إنها غير قادرة على تحمل الحياة مع زوجها، فهي تعيش معه كالأغراب لا تتمكن من محادثته، ولا هو أيضًا، ولكنها مضطرة إلى البقاء معه من أجل أطفالها، مضيفة " أنا مستنية بس العيال تكبر وتجوز ومش قعداله فيها، عشان بس محدش يكلم عيالي كلمة وحشة في الجامعة أو المدرسة ".
وتابعت إنها تسكن في مكان شعبي والسكان به ليس لديهم غير الكلام على جيرانهم بالسلب والإيجاب، وهي متقبلة العيش مع زوجها حتى تسكت ألسنتهم ولا يستطيع أحد ان يوجه لها كلمة أو لأبنائها.
" أنا لما اتخانقت وسبت البيت أمي رجعتني قالت لي معندناش بنات بتتطلق" ذكرتها خلود نادر "27 عامًا" وعيونها مليئة بالدموع، موضحة أنها كانت تحب زوجها قبل زواج وتتمنى العيش معه، ولكن عندما عاشوا سويًا، اكتشفت أن شخصيته غير متوافقة معها، وكانت تتشاجر معه لأسباب لا تستدعي الخلافات.
وأضافت أن سبب ذهابها إلى بيت والدتها أن زوجها الذي يدعى "هشام" ضربها أمام أطفالهم، وذلك بسبب تعصبه الزائد عن الحد، ولكنها عادت إلى منزلها بأمر من والدتها، وقررت العيش معه غصبًا عنها.
بينما تناولت شذى إبراهيم "33 عامًا" قصتها بأن زوجها الذي لا تطيق ذكره بلقب الزوج أو الرجل بشكل عام، حيث أجبرها على البحث عن عمل لأن راتبه لا يكفي، وبالفعل بدأت تبحث حتى وجدت أن تكون مدرسة رسم بإحدى المدارس التي بجانبهم، وعندما أخبرته بذلك، أوضح لها مفاجأته بأنه رُفد من عمله، ولكبر سنه لا يجد الوظيفة التي يرتاح لها، وبذلك أجبرها على العمل لكي تصرف عليه وعلى الأولاد.
"أنا استحملت وسكت ونزلت عشان خاطر الولاد وهو مهانش عليه يدور على شغلانة تكفينا حتى لو حاجة بسيطة أصل الشغل مش عيب" عبرت شذى عما في قلبها، مشيرة إلى أنها عندما طلبت الطلاق منه أهانها قائلاً " مين اللي هيصرف على العيال أنا هسيبهم وأشوف حياتي".
وبنظرات أسى وحزن شديد قالت مريم سعيد "25 عامًا" إنه عديم المشاعر لا يقول كلمة حلوة يريد أن يأخذ جميع حقوقه ووجباته، دون أن يقدم لي شيء أو مقابل، موضحة أنها قد تزوجته منذ 3 أعوام زواج صالونات قائلة إن الحب سوف يأتي بعد الزواج، ولكنها اكتشفت أنه لا يهتم إلى مشاعرها أو يراعيها، وهي تجد أن الحب وتقدير المشاعر أفضل كثيرًا من جلب النقود والاهتمام بالعمل.
وأضافت أنها طلبت الطلاق على الرغم من كونها لسه صغيرة وفي بداية زواجها، وكذلك مع إنجاب طفلتها الأولى التي كانت تريد لها أن تعيش في أسرة سوية حتى لا تتعرض إلى اضطرابات نفسية منذ صغرها، ولكنه رفض على أمل أن يتغير، أما شذى فترى أن الاهتمام إذا طلب لم يصل إلى القلب.
وقالت مدرس علم الاجتماع بجامعة الأزهر الدكتورة ابتسام مرسي محمد إن هناك عدة أسباب تمنع المرأة من طلب الطلاق، وهو الخوف من نظرة المجتمع من لقب مطلقة، وكأن الخطأ نابع من المرأة فقط ويجب عليها أن تتحمل الزوج مهما كانت سوء معاملته، وهناك نساء تمنعها السبب الاقتصادي وهو عدم وجود معيل لها فتضطر إلى البقاء معه.
وأضافت مرسي أن الأسر في مجتمعنا لم تتفهم عودة الزوجة إليها بعد زواجها، وفي حالة إذا كانت الأم والأب متوفين فيصعب على المرأة أن تذهب إلى منزل أخيها أو أختها فبالطبع لن يتقبلها زوجة الأخ أو زوج الأخت دائمًا، وتخاف أكثر إذا كان لديها أبناء فتخاف من حضانة الأبناء، أو نظرة المجتمع إلى أبنائها، كما أن طلاقها يقلل من فرص زواج بناتها إذا كان لديها.
وفيما يتعلق بالنتائج النفسية التي ستعود على المرأة التي لا يمكنها الطلاق، فتصاب بحالات الاكتئاب والعصبية الشديدة والانعزال والعدوانية الحادة مع أبنائها، وعدم الراحة النفسية، وكل هذا يؤدي إلى أمراض عضوية كالصداع المزمن وأمراض الضغط والسكري، بالإضافة إلى أنها ستصبح غير سوية نفسية تأذي نفسها بإهمال مظهرها وصحتها وتأذي من حولها، وفي بعض الأحيان وليس كثيرًا تلجأ إلى خيانة زوجها انتقامًا منه بشكل غير مباشر.
وأوضحت مدرس علم الاجتماع أن الأبناء يتأثرون كثيرًا من خلافات والديهم، فمن الممكن أن يتشرب الذكور طباع الأب ويطبقوها مع زوجاتهم في المستقبل، بالإضافة إلى أن مستواهم الدراسي سيكون منخفض، علاوة على أنهم سيكونون عدوانيين وانطوائيين، وإذا كانوا في فترة المراهقة سيصابون بالانحراف.
وترى الدكتورة ابتسام مرسي أن المطلقة ليست مرض يجب على الجميع تجنبه وخاصة السيدات خوفًا من أن تخطف أزواجهن، يجب أن يتقبل المجتمع فكرة أن المطلقة دخلت تجربة وفشلت بها مثل أي شيء، مشددة على أهمية وجود برامج لمساعدة المطلقات، والتي لم يكن لديها وسيلة إعالة ووعي أسري جيد، حتى لا تلجأ إلى بديل آخر أسوء من الأول.