طالما كانت مناقشة الانتقال السياسي في سوريا خطا أحمر بالنسبة للنظام وروسيا خاصة بعد أن تدخلت عسكريا منذ أكتوبر 2015، ليصرح وزير خارجية النظام السوري إبراهيم المعلم مارس 2016 بأن "الرئيس السوري بشار الأسد خط أحمر" مردفا قبيل المفاوضات حينها:"لن نحاور أحدا يتحدث عن مقام الرئاسة، وإذا استمروا في هذا النهج لا داعي لقدومهم إلى جنيف".
روسيا هي الأخرى لم تكن تقبل بمناقشة رحيل الأسد فقال رئيس الوزراء الروسي نوفمبر 2016، أن الحوار السياسي بين طرفي النزاع في سوريا يجب ألا يمس بمصير رئيسها بشار الأسد.
ولكن دوما تشترط المعارضة التطرق لهذه المسألة لجدية المفاوضات، وفي نهاية المطاف أعلن اليوم نصر الحريري رئيس وفد الهيئة العليا للمفاوضات المعارضة السورية، من جنيف حيث تجري المفاوضات التي ترعها الامم المتحدة أن وفد الحكومة السورية وافق على بحث مسألة الانتقال السياسي في البلاد بفضل الضغط الروسي.
ورغم الانتقادات له قال المبعوث الأممي لسوريا ستيفان دي ميستورا إن المباحثات يجب أن تتطرق للانتقال السياسي والانتخابات وصياغة دستور جديد انطلاقا من قرار مجلس الأمن 2254.
الضغط الروسي على نظام بشار الأسد تطرح علامات استفهام حول إن كانت هناك حلحلة فعلية في الموقف الروسي المتشدد من مسألة رحيل الأسد، أو أنها مماطلة بهدف كسب الوقت لتحقيق انتصارات عسكرية على الأرض؟
اختلاف الرؤية
ما يزيد الشكوك أن إبراهيم المعلم قال في العام الماضي أن الانتقال السياسي والمرحلة الانتقالية من وجهة نظرهم هي الانتقال من دستور قائم إلى دستور جديد، ومن حكومة قائمة إلى حكومة فيها مشاركة مع الطرف الآخر، وهو ما ترفضه المعارضة.
كما أن روسيا رغم اتفاقها على وقف إطلاق في سوريا مع تركيا نهاية ديسمبر الماضي إلا أنها سمحت للنظام والميليشيات الشيعية التي استقدمتها إيران من دول الجوار من مواصلة مهاجمة مناطق المعارضة السورية بعد سقوط مدينة حلب بيد النظام.
وكذلك عقدت روسيا مؤتمرين في العاصمة الكازاخستانية الأستانة من أجل تثبيت وقف إطلاق النار إلا أنها باركت هجوم النظام وميليشيا حزب الله الشيعية اللبنانية على منطقة وادي بردى طوال 3 أسابيع كاملة انتهت بطرد المعارضة المسلحة منها وتهجير بعض أهلها، وتستمر عمليات قصف معظم مناطق سيطرة المعارضة في سوريا، رغم بدء المفاوضات في جنيف.
يفتقرون للمصداقيةتيسير النجار المحلل السياسي السوري أكد أن النظام السوري غير صادق في موافقته على مناقشة الانتقال السياسي في سوريا وكذلك روسيا، فكان الأحرى كما يرى أن يلتزم النظام وحلفاؤه من الميليشيات باتفاق وقف إطلاق النار الذي ضمنته موسكو.
وأكمل حديثه لـ"مصر العربية": " أسهل شيء تفعله روسيا التذرع بقصف جبهة النصرة وادعاء أنها موجودة في كل مكان لتقصف كل سوريا، رغم أن وقف إطلاق النار استثني منه داعش بالأساس، أما النصرة فنحن من سنتخلص منها وليس النظام والروس".
ضربة قاضية
وأكد أن ما يحدث على الأرض أن روسيا والنظام يتخلصون عمليا من كل القوى الممثلة للثورة السورية، حتى الوصول لضربة قاضية للمعارضة بعيدا عن مسار جنيف.
النجار يرى العدول الروسي عن موقفها القديم من أجل كسب الوقت فقط لا أكثر، حتى تقويض المعارضة ومن ثم فرض حل على المجتمع من باب "فرض الأمر الواقع".
وواصل:" في جنيف 2 كانت المعارضة الوحيدة الي تقاتل داعش، والنظام السوري انسحب من مواجهة التنظيم للتفرغ لقتال المعارضة، فالنظام من أخرج من المتشديين من السجون ليشكلوا داعش والنصرة وخلافه، ومازال يحتجز 500 ألف من مناصري الثورة، رغم قرار الأمم المتحدة بالإفراج عنهم".
كسب الوقت
ولفت المحلل السياسي السوري إلى أنهم استبشروا خيرا حين أعلنت روسيا وتركيا وإيران منذ شهرين البنود الأربعة المتعلقة بوحدة سوريا والسعي لحل سياسي وليس عسكري وإخراج كل القوى الأجنبية من سوريا، وإيصال المساعدات للمستحقين وهو ما لم يحدث، مردفا: " لا مصداقية لروسيا ولا لإيران ولا النظام" كل هذا التسويف لكسب الوقت لا أكثر".
واتفق معه في الرأي زكريا عبدالرحمن الخبير السياسي السوري الذي أكد أن روسيا تسعى منذ بداية مشاركتها في المفاوضات السياسية كسب الوقت من أجل تحقيق انتصارات عسكرية على أرض الواقع ومن ثم تفرض حلولها المجحفة على الجميع.
وأضاف لـ"مصر العربية" أن المعتاد في العسكرية الروسية منذ تدخلها في سوريا هي دخولها في المفاوضات عقب كل انتصار عسكري تحققها، وذلك بداعي ترتيب الصفوف وامتصاص حماسة الطرف الآخر، وإعادة الكرة في وقت آخر.
ويعتقد عبدالرحمن أن روسيا عازمة على تقسيم سوريا وتشاركها الرؤية الولايات المتحدة الأمريكية وكل ما تفعله هو إضاعة الوقت على حساب الدماء السورية.
وأجرى نائب وزير الخارجية الروسي، غينادي غاتيلوف، اليوم الأربعاء، في جنيف، اجتماعا مع وفد منصة موسكو للمعارضة السورية إلى مؤتمر جنيف-4 .
وقال رئيس منصة موسكو، قدري جميل في تصريحات إعلامية:" بحثنا سير المفاوضات في جنيف وأفاق تطويرها، بالإضافة إلى جوهر مقترحات المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا""