بينما تعاملت القاهرة بزخم قبل وأثناء زيارة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل كأنَّها فتحٌ اقتصادي سياسي سياحي - كما رأى محللون، لم تغب عن مؤتمر الرئيس والمستشارة مواقف عدة، جذبت الاهتمام أكثر من غيرها.
فبعيدًا عن حديث السيسي وكلام ميركل عن حرصٍ على تعزيز التعاون، وتنسيق لحل قضايا المنطقة، لوحظ في مؤتمرهما الصحفي - الذي أعقب جلسة مباحثات كانت قد وصفتها الرئاسة المصرية بـ"الهامة" - مشاهد في قلب القصر الرئاسي، فجّرت سخريةً في إحداها، وجدلًا في أخرى.
تصفيق خالف البروتوكول
"في الموقف الحساس أخطأ رئيس الجمهورية".. هكذا وُصف حال الرئيس عبد الفتاح السيسي في مؤتمره الصحفي مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل.
ففور انتهاء الرئيس من حديثه في المؤتمر، وعقب حديثه عمَّا أسماه "توازنًا" تجريه الدولة بين الإجراءات الأمنية وحقوق الإنسان، بادر الرئيس بالتصفيق لميركل، إلا أنَّ لوحظ أنَّ السيسي كان يصفق منفردًا، فسرعان ما تراجع عن الأمر وتوقف عن التصفيق.
اللافت أنَّ تصفيق الرئيس - الذي لم يجر وراءه أحد - يخالف بروتوكولات تنظيم المؤتمرات الصحفية، لا سيَّما لدى الأجانب، التي تخلو مؤتمراتهم من مثل هذه الأمور.
مترجمة ألمانية
ميركل اصطحبت "سيدة ألمانية"، لترجمة حديثها أثناء مؤتمرها الصحفي مع السيسي، في سابقة جديدة من نوعها، ما قد يرجعه مفسِّرون بأنَّه تخوفٌ من تغيير أي شيء في مضمون حديثها.
ما خافت منه ميركل كان قد حدث قبل سنوات بالفعل، وذلك في أول مؤتمر صحفي لمسؤول غربي مع الإدارة المصرية الجديدة، في يوليو 2013، في وقتٍ كان يتولى فيه السيسي منصب وزير الدفاع، وذلك بعد 27 يومًا فقط من إعلانه عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي.
في ذلك المؤتمر، كانت تتحدث مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي -وقتذاك- كاثرين آشتون إنَّها "تقابلت مع محمد مرسي الليلة الماضية"، ذكرت المترجمة -التي بيَّن صوتها أنَّها مصرية- وهي تنقل بالعربية ما قالته آشتون "تقابلت مع الرئيس السابق محمد مرسي".
في المؤتمر نفسه، ذكرت أشتون أنَّ "فقط عملية تجمع جميع الأطراف هي التي ستنج"، ترجمتها السيدة المصرية بالقول "خريطة الطريق الشاملة التي تشمل الجميع هي التي ستصلح".
حقوق إنسان وحرب إرهاب
لم تخفِ معالم وجه السيسي غضبه إزاء التطرق إلى ملف حقوق الإنسان، وذلك ردًا على تقارير تتحدث عمَّا تسميه تجاوزًا لملف حقوق الإنسان بمصر بداعي فرض الأمن والاستقرار.
ومع الحديث عما يسميه البعض "تضييقًا على منظمات المجتمع المدني"، فقالت ميركل عن ذلك خلال المؤتمر إنَّ سيادة القانون ومجتمع مدني متعدد أمران مهمان لتطوير البلاد.
وردًا عليها، قال الرئيس: "أنا عارف إن في كل الأصدقاء الأوروبيين اللي بيكونوا موجودين بيشغلهم هذا الموضوع.. لازم تكونوا عارفين إننا حريصين على حقوق الإنسان زي ما انتو حريصين.. لكن من فضلكم كلكم.. راجعوا المنطقة وظروفها والإرهاب والتطرف والعمليات ضد كل عناصر الدولة في الثلاث سنوات ونصف الأخيرة".
الرئيس أضاف: "ليه تتعرض الكنائس في مصر للهجوم.. ليه يتعرضوا للمصريين على أساس تمييز ديني؟.. إحنا بنعمل توازن بين حقوق الإنسان وإجراءات الأمن.. لو إنتو تعرضتم لحجم التهديدات والهجمات التي تعرضت لها مصر خلال الـ40 شهر الأخيرة وسقط منكم مئات من المصريين كان هيبقى رد فعلكم قاسي جدًا ضد منفذي هذه العمليات، لكننا بنحاول في إطار القانون والدستور.. ونحن لا نستخدم القوة إلا عندما يرفع السلاح في وجه الدولة".
سوريا.. الغضب والضحكة
وهو يتحدث عن الأزمة السورية، انفعل الرئيس بشدة: "نحن ندعم الجيوش الوطنية لاستعادة دولها.. هناك 6 سنوات والدولة تتعرض عن التدمير.. لا يجب أن نترك الشعب السوري أسيرًا في أيدي الجماعات الإرهابية المسلحة ثم إعادة إعمار سوريا".
احتد غضب الرئيس، وهو يذكر دولًا "لم يسمها" قال إنَّه تدعم الإرهاب، فقال يحرك يديه، حاملًا قلمه، للأعلى والأسفل: "الدول اللي بتدعم الإرهاب يجب أن ترفع أيديها عن ذلك، ويجب أن يكون موفقنا كلنا موقف واضح وحاسم ويكون موقفًا واحدًا للتحدث أمام العالم في هذه المسائل".
الرئيس أضاف - مجيبًا على سؤالٍ "لم يُسمع": "نعم مع ألمانيا"، غير أنَّها ضحك بصوت مكتوم، وهو يوزِّع نظراته على الحضور.