حازم حسني: دولة ما بعد السيسى تبدأ بترتيب الأوراق بعيداً عن «المهاترات الانتخابية»

حازم حسني

ذكر حازم حسني، أستاذ العلوم السياسية، أن دولة ما بعد الرئيس عبد الفتاح السيسي، تبدأ بترتيب الأوراق بعيدًا عما وصفه بـ "المهاترات الانتخابية".

 

وقال في تدوينة عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك": "الطريق إلى مصر ما بعد السيسي، كنت أنوي مد فترة الصمت الاختياري حتى نهاية شهر مارس، حتى أنني لم أعلق على مداخلات السيسى في لقائه بشباب ما يسمى بالبرنامج الرئاسي، ولم أكن أنوي التعليق عليه في أي وقت، فلم تعد هناك أي فائدة ترجى من إظهار عورات هذا النظام، ومن لم يرها حتى اليوم فلا أمل في أن يرى في أى يوم من الأيام".

 

وتابع: "كنت في حالة صمت اختياري استعد خلالها للحديث عن مرحلة ما بعد السيسي، ما ملامحها، وما هو الطريق إليها بعيداً عن أحاديث المراهقة الثورية التي لا تجيد قراءة الواقع البائس الذي أوصلتنا إليه أخطاء ارتكبها الجميع على امتداد أكثر من ست سنوات، لولا أن استفزتنى أحداث ما كنت أحب أن أعيش لأراها تقع بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، ولا بجامعة القاهرة، مما يزيد المشهد كآبة فوق كآبته، وبؤساً فوق بؤسه".

 

وأضاف: "حتى في عهد مبارك الذي ثار عليه المصريون لم نر كل هذا الابتذال، ولا كل هذا الامتهان الفج للقيم الأكاديمية التي تمثلها الجامعة - أو ما بقى منها - وقد كان حرياً بأهلها أن يدافعوا عنها لا أن يستسلموا لما استسلمت له مؤسسات كثيرة نراها تستسلم إعلامياً لمنطق العسكرة، من إعلانات 57357 حتى محطة قطارات أسيوط، مروراً بكل أوجه الحياة المدنية في مصر".

 

وواصل: "في صيف 1989 زار حسنى مبارك كليتنا، واجتمع بأساتذتها في قاعة مغلقة بعد أن أمر الإعلام بمغادرة القاعة، أذكر أن أحداً منا لم يصفق للرجل وهو يدخل القاعة، لا إهانة ولا تجاهلاً له وإنما تأكيداً على الوقار الأكاديمي الذي احترمه مبارك فلم يبد امتعاضاً طيلة اجتماع امتد لنحو خمس ساعات، جلس مبارك يومها على المنصة في ضيافة عميد الكلية وقتها - الدكتور أحمد الغندور رحمه الله - وجلس رئيس الجامعة وقتها - الدكتور محمود نجيب حسني (رحمه الله) - على المنصة ضيفاً ولم يجرؤ على اغتصاب دور المضيف من عميد الكلية، لم نر يومها متعهد موالد انتخابية ينظم فعالية تجري في الكلية، ولا رأيناه يفرض نفسه عليها فيأمر بإزالة أسماء قادة الكلية من على المنصة كي تخلو له ولقادة القوات المسلحة، ولا رأينا الكلية وقد تحولت لمنصة تروج لأطروحات النظام التي لا علاقة لها بالعلم، ولا هي ترددت يومها في أرجاء الكلية أصداء هتافات فقدت معناها من كثرة ما أصابها من ابتذال، مثل "تحيا مصر"، ومثل الدعوة للاصطفاف خلف الجيش دونما حق السؤال عن لأين يقودنا هذا الاصطفاف الأعمى".

 

وأردف: "للحدث وما سبقه تفاصيل كثيرة لا أرغب في البوح بها على هذه الصفحة احتراماً لنفسي وللكلية وللجامعة وللدولة ولجيشها، لكنها تفاصيل مؤلمة ترسم ملامح التدهور المتسارعة معدلاته في ظل نظام يتحدث عن هيبة الدولة وكأن مفتاحها هو قانون الصمت و"ما تسمعوش كلام حد غيري"، لكن هيبة الدولة تضيع وتمحي ملامحها بمثل هذه الممارسات التي تخطت حدود الابتذال الذي أوصل الجيش للاستعانة بمتعهد موالد انتخابية، متنكر في صورة رئيس جمعية أهلية لا نعرف لها نسباً صريحاً، ظناً منه بأن نجاح الجيش وهيبته يتحققان بحملة علاقات عامة تهدم في طريقها كل شيء له علاقة بمعاني الحياة وملامحها التي ظلت تقاوم تجاعيد الزمن حتى خلال حكم حسني مبارك".

 

واختتم: "رُبَّ ضارة نافعة، فقد تأكد أن الطريق إلى مصر ما بعد السيسي لا يمكن أن تقوم به مؤسسات خربها حكمه، الطريق إلى دولة ما بعد السيسى يبدأ بترتيب أوراق العقل بعيداً عن مهاترات الموالد الانتخابية، ولو بجلوس العقلاء معاً فى حدائق أكاديموس التي كان يغرس فيها أفلاطون ومريدوه شتلات ما نبت في حدائقنا يوماً من قيم أخذت من هذه الحدائق اسمها الذي اشتهرت به قبل أن يأتي عليها ما صار يأخذ في طريقه كل معاني الحياة السوية في بلادنا".

مقالات متعلقة