الحكم النهائي الذي أصدرته محكمة النقض المصرية بتبرئة الرئيس المخلوع حسني مبارك من تهمة قتل المتظاهرين إبان ثورة الـ 25 من يناير 2011، هو بمثابة ضربة قاضية لأسر الضحايا الذين كانوا يطالبون بالحرية والعدالة.
هكذا علقت إذاعة "إن بي أر" الأمريكية على الحكم القضائي الصادر أمس الخميس من محكمة النقض المصرية والذي قضى بتبرئة مبارك من تهمة الضلوع في قتل المدنيين خلال احتجاجاتهم في ثورة يناير التي أسدلت الستار على حياة الرئيس السابق السياسية بعد 30 عاما قضاها في سدة الحكم.
ونقلت الإذاعة في سياق تقرير على نسختها الاليكترونية تصريحات أدلى بها عثمان الحفناوي، محامي أسر الضحايا والتي قال فيها:" هذا الحكم ليس عادلا. والقضاء مسيس."
وأوضح التقرير أن ربط حوادث القتل التي وقعت في ثورة يناير بالرئيس السابق نفسه كان أمرا صعبا، واضطر المحققون في هذه القضية إلى الاعتماد على الأدلة التي قدمتها وزارة الداخلية التي يُنظر إليها على أنها لا تزال موالية لنظام مبارك.
وقال نجاد البرعي، المحامي الحقوقي البارز في حديثه لوكالة "أسوشيتيد برس":" لم تتوافر الأدلة الكافية على إدانة مبارك في التهم المنسوبة إليها."
لكن البرعي، ومع ذلك، ألقى باللائمة على الحكم الاستبدادي من جانب مبارك، في المشكلات التي تعانيمنها مصر في الوقت الراهن. وتابع:" السؤال الآن هو كيف نخطو بهذا البلد إلى الأمام."
وأشار التقرير إلى أن غالبية المصريين كانوا سعداء حينما شاهدوا الرئيس السابق على شاشات التلفاز وهو يُمثل أمام هيئة المحكمة، قائلة إن مبارك كان يجسد، للكثيرين، صور القمع والرأسمالية المتوحشة.
لكن، والكلام لا يزال للتقرير، المحاكمة بدأت تسقط رويدا رويدا من ذاكرة المواطنين نتيجة الاضطرابات السياسية التي شهدتها البلاد بعد الإطاحة بمبارك.
كان مبارك - الذي يبلغ الآن 88 عاما - قد أدين في أول محاكمة له عام 2012، بعد عام من تنحيه، وحُكم عليه بالسجن مدى الحياة.
وظل مبارك محتجزا منذ القبض عليه في أبريل 2011 في عدد من المستشفيات، ليستقر به الحال الآن في المستشفى العسكري جنوبي القاهرة.
ونفى مبارك اتهامه بتوجيه أمر بقتل المتظاهرين، مؤكدا على أن التاريخ سيحكم عليه بأنه "وطني خدم بلاده مترفعا عن أي مصلحة".
وكانت محكمة جنايات القاهرة برئاسة المستشار أحمد رفعت، قد حكمت على مبارك ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي بالسجن المؤبد وبرأت مساعدي العادلي الستة في الـ2 من يونيو 2012، وهو الحكم الذي ألغته محكمة "النقض" في الـ 13 من يناير 2013، وقررت إعادة المحاكمة من جديد.
كما برأت المحكمة وزير الداخلية السابق حبيب العادلي وأربعة من مساعديه من نفس التهمة أمس الخميس.
ورفضت محكمة النقض أيضا مطالب محاميي أسر المتظاهرين برفع دعاوى قضائية أخرى ضد مبارك.
وقُتل نحو 850 شخصا في الحملة التي شنتها قوات الأمن لمواجهة المظاهرات التي اندلعت في الـ25 يناير 2011، وانتهت بتنحي مبارك عن الحكم في الـ 11 فبراير من العام نفسه.
ولا يزال قتل المتظاهرين خلال أيام الانتفاضة التي استمرت 18 يوما قضية مثيرة للنزاع، إذ يطالب النشطاء، وجماعات حقوق الإنسان بمحاسبة الشرطة عن ذلك.
وكان عشرات من ضباط الشرطة - اتهموا بقتل متظاهرين - قد برئوا، أو حكم عليهم بأحكام مخففة، أو بأحكام مع وقف التنفيذ.
لمطالعة النص الأصلي