حضور باهت، ومرشحون يغازلون ناخبيهم بالسرادق الذي احتل نصف شارع عبدالخالق ثروت، أمس، في انتخابات يعتبرها كثيرون مختلفة عن سابقاتها، وينتظر الجميع استئنافها في السابع عشر من مارس الجاري بعد قرار تأجيل انعقاد الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين لعدم اكتمال النصاب القانوني.
المعركة المؤجلة بقرار من اللجنة المشرفة على الانتخابات تدور رحاها بين فريقين؛ يمثل النقيب الحالي والمرشح لدورة ثانية يحيى قلاش، الفريق الأول وهو متهم من جانب الثاني (منافسه الأبرز على منصب النقيب عبد المحسن سلامة) بإدخال النقابة في أزمة مع الدولة، وهو ما نفاه قلاش باستمرار مؤكدا أن الخلاف مع أي سلطة لا يعني الخلاف مع الدولة نفسها، فيما يطرح سلامة نفسه كرسول للخلاص من بوابة الخدمات والدعم المادي برفع بدل التدريب والتكنولوجيا للصحفيين، غير أن تهمة الانتماء لنظام الرئيس الأسبق حسني مبارك تلاحقه. بسبب عضويته السابقة في الحزب الوطني المنحل.
المتابعون للمعركة من أبرز أعضاء الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين لا يرون الأمر على هذه الدرجة من التبسيط إن جاز التعبير؛ بعضهم يراها معركة استقلال وانحياز للنقابة ومعركتها في الدفاع عن ذلك الاستقلال، وآخرون يرونها معركة انحياز لمن يمارس المهنة بشكل حقيقي ويبحث وراء الخبر والتحقيقات، وليس الناشط السياسي، على حد قولهم.
الكاتب والمفكر السياسي عبدالله السناوي، عضو الجمعية العمومية للصحفيين، يرى أن انتخابات نقابة الصحفيين لها معنى غير مسبوق هذه المرة، فالمعركة تفرض نفسها؛ وإما أن تداس المهنة بالأقدام، تحت أي ذريعة أو ينتصر الصحفيون لاستقلال مهنتهم.
وأضاف لـ"مصر العربية"، موقف مجلس النقابة المنتهى ولايته كان موقفا قانونيا بامتياز، ولم يكن سياسيا، فالقانون رقم 70 من قوانين النقابة يقضي بأنه "لا يجوز تفتيش مقار نقابة الصحفيين ونقاباتها الفرعية أو وضع أختام عليها إلا بموافقة أحد أعضاء النيابة العامة وبحضور نقيب الصحفيين أو النقابة الفرعية أو من يمثلها».
وأوضح أن ما حدث من اقتحام لمقر النقابة وافتعال الأزمة مع بعض مؤسسات الدولة كان الهدف منها إذلال الصحفيين والنقابة التي يرمز لها بأنها قلعة للحريات العامة.
ونوه إلى أن الاثنين اللذان جرى اقتحام النقابة للقبض عليهما، أفرج عنهما، ولا توجد ملاحقة قضائية لهما، وهو ما يدلل أن اﻷمر كان مفتعلا.
ومضي السناوي قائلا:” أعتقد أن الانحياز ليس لرجل على حساب آخر" مشيرا إلى أن المنافسة ستفرز إما نقابة تحترم نفسها وأعضائها أو العكس، والقول في النهاية للصحفيين.
ويتفق مع السناوي، الكاتب الصحفي حسين عبد الرازق، بأن الانحياز للنقابة واستقلالها أو لتبعيتها للسلطة.
ورفض عبد الرازق في حديث لـ"مصر العربية" تقسيم الفريقين المتنافسين لفريق خدمي وآخر سياسي.
وقال إن هناك فريق يركز في دعايته وشعاراته على الدعاية الخدمية، ولا يرى دورا للنقابة سوى الدور الخدمي فقط، وآخر يرى أن نقابة الصحفيين مؤسسة قائمة على حماية أعضائها الذين يتشكلون من أصحاب الرأي، وتدافع عن استقلال النقابة وترفض تبعيتها ﻷي جهة سواء سلطة أو حزب حاكم أو معارض.
وذهب إلى أن المجموعة الأولي التي تطرح خدماتها فقط تردد أن مجلس النقابة الحالي لم يقدم خدمات، وهذا غير صحيح فالمجلس يحسب له أن تسلم النقابة وديونها 11 مليون جنيه واليوم يوجد فائض بالموازنة 40 مليونا.
وتابع أن المجلس يحسب له أيضا تطوير نظام العلاج للصحفيين وأسرهم والبالغ عددهم حوالي 13 ألف ورفع الحد المقدم للعلاج من 15 ألف إلى 20ألف جنيه.
ولفت إلى أن ما قدمه مجلس يحيي قلاش يؤكد أن قدم خدمات غير مسبوقة ولعب دورا نقابيا محترما في أزمة اقتحامها من قبل وزارة الداخلية، وكان موقفه واضحا دفاعا عن استقلال النقابة، وحماها من أن تصبح فاقدة لحرياتها التي ناضل الصحفيون من أجلها طويلا سواء في العهد الملكي أو الجمهوري.
في المقابل، قال الكاتب الصحفي مكرم محمد أحمد نقيب الصحفيين الأسبق، إن الأصلح لقيادة مجلس النقابة، هو الصحفي المهني الذي يمارس المهنة بشكل حقيقي ويبحث وراء الخبر والتحقيقات، وليس الناشط السياسي.
وقال في تصريحات لمصر العربية: "هذا هو النقابي الذي سيحافظ على مهنته لأنها ستكون كرامته ومصيره وحياته لذلك سيحرص على تقدمها ورقيها ويكون لها شأن".
وأوضح، أن كل من الطرفين المتنافسين يعلم أن الجمعية لن تكتمل من المرة الأولى، لذلك فهم يعتمدون على المرة الثانية التي تجرى بعد أسبوعين، وكذلك نظرا لكثرة أعداد الصحفيين أعضاء الجمعية.
وفي مؤتمر صحفي عقده عبدالمحسن سلامة بمؤسسة تحرير الأهرام، الخميس، أكد أن البدل هو الآلية الوحيدة المنضبطة لزيادة دخول الصحفيين كافة، ولا يوجد وسيلة منضبطة إلا بدل التكنولوجيا، مؤكدا أنه خلال أيام سٌيعلن عن قيمة الزيادة على البدل.
وكان النقيب المنتهية ولايته يحيى قلاش، قد أعلن في لقاء بجريدة الجمهورية مؤخرا، أن بدل التدريب والتكنولجيا حق لكل الصحفيين وأنه سعى لزيادة خلال الفترة الماضية واعدا باستكمال المسيرة لزيادته ﻷنه يمثل قضية أمن قومي.