ما بين الهجوم والتفهم، اختلفت وجهات نظر المعلقين على حملة "انتي المثل" التي أطلقتها إحدى شركات الزيوت المصرية، مستخدمة عبارات من الموروث المصري يصفها البعض بالعنصرية، مثل "انتي عانس"، و"اكسر للبنت ضلع يطلع لها 24 ضلع".
"انتي عانس" أطلقتها الشركة المعروفة في شهر المرأة لتسليط الضوء علي بعض المعتقدات والأفكار التي يتبناها الكثيرون، والتي منعت الفتاة المصرية من تحقيق أحلامها، مما أوقع ضررا كبيرا عليها سواء كان نفسيا أو عضويا.
ورغم أن الحملة تتمثل في حث الفتيات على إرسال القصص الخاصة بهن، والتعبير عن معاناتهن عبر هاشتاج للحملة، لينشئ القائمون على الحملة أمثلة جديدة لكل قصة، ويتم نشرها على صفحة المنتج عبر الفيسبوك، إلا أنها أثارت نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي.
تفكير غريب وأسلوب عجيب
مصر العربية تعرض آراء نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تقول شيماء إسماعيل: "واضح أن الشخص مسؤول عن الدعاية والإعلان للشركة تفكيره غريب وأسلوبه عجيب، وغالبا في واحدة ست أو أكتر معقداه ومعلمة عليه".
ووجهت إسماعيل حديثها لصاحب الشركة: "حضرتك اللي بتستخدم منتجات الشركة وبتطبخ بيها غالبا هي البنت أو الست اللي أسلوبك وقح في إعلاناتكم عنها.. طول عمري أعرف أن الإعلان فن محتاج شطارة وأفكار جديدة، لكن اتصدمت من الوقاحة والأسلوب المبتذل الصراحة".
بينما علق إبراهيم صلاح: "لو شركة زى دي عملت كده في دولة محترمة، مش هيشوفوا الشمس تاني، مش بس هتقفل دا هيروح فيها ناس كتير"، لافتا إلى أن الوضع في مصر يعني "قوم نتفرج على الماتش ونشجع ونتخانق وبس".
وتعبر سوسن بشير عن غضبها قائلة: "أنا عندي حالة غضب مع ذهول من الحملة الإعلانية لزيت صني اللي عاملة إعلان انتي عانس، متسائلة:"مين الحمار صاحب الفكرة؟".
قلة أدب وإهانة نفسية
ووصف الدكتور جمال فرويز أستاذ الطب النفسي ما حدث بأنه: "قلة أدب" موضحا "أولا فيها تصنيف وعنصرية طالما يبقى فيها عنصرية فهي مرفوضة طبها لأننا بنرمي الباطل بصورة حق".
وقال فرويز في تصريحات خاصة لموقع مصر العربية: "هذا وصمة عار لفئة معينة في المجتمع بنوصفها "أنتي عانس" وكأنها فتاة سيئة"، مشيرا إلى أن ذلك يؤدي إلى قيام أصحاب النفوس الضعيفة باستغلال هذا الأمر بالتريقة والنكت، وهو ما يصيب الناس بصدمات نفسية بدون أي داعي.
وأضاف أستاذ الطب النفسي: "في واحدة مش عايزة تتجوز، واحدة اتقدم لها كتير ومبتوافقش، واحدة مبيتقدملهاش حد خالص.. ولما بنصف بتبقى الصورة مش لذيذة وهي نوع من الإهانة النفسية".
وكشف فرويز عن أن الإعلان "عمل تصنيف بلا مبرر.. لأن في بنات مش بتتجوز غير لما تخلص تعليم، أو الأهل بيرفضوا قبل ما تخلص تعليمها، أو بسبب ظروف خاصة".
وأوضح فرويز أن "البنت اللي خلصت كلية وهي عندها 22 أو 23 سنة بيعتبرها بعض الناس عانس؛ علشان زميلتها اللي اتجوزت وخلصت دبلوم من 5 سنين.. لكن اللي خلصت الدبلوم مورهاش حاجة تمنعها أنها تتجوز"، لافتا إلى أن كل فتاة "لها ظروفها المختلفة عن ظروف التانية، ولذلك التعميم مرفوض".
وأكد الاستشاري النفسي أن "التصنيف بعمل فئة عنصرية على فئة معينة أخرى في المجتمع هيخلي أصحاب النفوس الضعيفة يؤثروا على فئة معينة بالتريقة أو الهزار أو أي حاجة تانية، وهو ما يؤثر بشكل سلبي على الفتاة".
الإساءة أكثر من الإفادة
وبدورها أكدت سوزان القليني، رئيسة اللجنة الإعلامية بالمجلس القومي للمرأة، أن حملة "انتي عانس" تقدم إساءة للمرأة أكثر من إفادتها.
ووصفت القليني من قام بهذه الحملة - في مداخلة هاتفية مع برنامج "السفيرة عزيزة" المذاع على قناة "Dmc" اليوم- بأنه غير متخصص.
وأرجعت عميدة آداب عين شمس سبب ذلك؛ لعدم وضوح الهدف والرسالة من ورائها، معبرة عن شعورها بالصدمة فور مشاهدة اللافتات لتوظيفها للمرأة بشكل غير مناسب.
بعد إنساني.. ولكن!
بينما ترى نهاد أبو القمصان، رئيسة المركز المصري لحقوق المرأة، أن الحملة الإعلانية لها بعد إنساني واجتماعي مهم وجميل، مؤكدة أن الدعاية المصاحبة لها ليست لها علاقة بحقوق المرأة، فهي تغرس الثقافة العنصرية.
وطالب أبو القمصان في تصريحات صحفية، منظمي الحملة بإزالة تلك اللافتات المسيئة لكرامة المرأة حقوقها، لافتة إلى ضرورة اختيار شعارات مناسبة تؤدي الغرض وتحقق الهدف المناسب في الوقت نفسه.
نعم لموقف حاسم
وطالبت الإعلامية لميس الحديدي عبر برنامجها "هنا العاصمة" على قناة "سي بي سي" جهاز حماية المستهلك باتخاذ موقف حاسم ضد هذا الإعلان المسيء لمشاعر المرأة، حسب تعبيرها.
في حين، تقدم المجلس القومي للمرأة بشكوى لجهاز حماية المستهلك بشأن إعلان "انتي عانس"، مطالبا بالتوقف عن بث إعلانات الشركة، وإزالة اللافتات التي تحمل عنصرية ضد المرأة وتقلل من مكانتها.
وقالت رئيسة اللجنة الإعلامية بالمجلس القومي للمرأة: إن الحملة الإعلانية بهذا الشكل "خاطئه مهنيا وعلميا، وتقلل من شأن المرأة، وتضر بجموع النساء، وتعود بالمرأة إلى نقطة الصفر".