الحالة المأساوية لمدينة كراتشي - العاصمة الاقتصادية لباكستان- أصابت المواطنين باﻹحباط، خاصة مع تحولها لمكب كبير للنفايات، وسط دعوات متزايدة لتنظيف المدينة، إلا أن جميعها لا تجد أذانا صاغية. بحسب وكالة اﻷنباء الفرنسية.
"عمير" أحد أهالي كراتشي يقول بنبرة تملؤها الحزن إن اثنين من أبنائه توفيَا قبل وصولهما للمستشفى، بعد تعرضهما للحرق جراء أكوام الزبالة التي كانت مكدسة أمام بيته.
الشرطة لم تعرف بعد سبب اشتعال النيران في القمامة التي سرعان ما وصلت للمنزل حينما كانت اﻷسرة نائمة.
شامين زوجة عمير - بحسب الوكالة - تلقي باللوم على سلطات المدينة في وفاة أطفالها، قائلة: "أولئك الذين يلقون القمامة والذين لا يقومون بعملهم لتنظيف المدينة مسؤولين عن وفاة أولادي".
شامين ربما تكون الحالة الأكثر مأساوية التي تشير بأصابع الاتهام إلى السلطات المسؤولة عن إدارة النفايات، والمتهمين بالفساد وعدم الكفاءة، لكنها ليست الضحية الأولى أو الوحيدة.
ونقلت الوكالة عن "ساجناني" رئيس إدارة النفايات الصلبة - التي أنشئت في 2015 للتخلص من القمامة - قوله:" بصراحة القدرة الحالية لسلطات المدينة لا يمكنها مواجهة كم النفايات التي تلقى يوميًا".
وشهدت كراتشي - المدينة الضخمة شاهقة الأبنية والمترامية الأطراف- مباني غير شرعية على بحر العرب نموها تزايد في العقود الأخيرة بعد موجات الهجرة من اللاجئين الفارين من الحرب في أفغانستان والمناطق القبلية في باكستان.
ويقول مسؤولون إن عدد سكان كراتشي يتراوح بين 20-25 مليون شخص على الأقل، يخرج عنهم مخلفات تصل لـ 12 ألف طن يوميًا.
ويؤكد "ساجناني" أن سلطات البلدية قادرة فقط على إزالة نصف هذه الكمية حوالي 6 آلاف طن، ويتناثر الباقي في الشوارع والأزقة، ثم تتراكم لتصبح أعلى وأعلى.
ويقول "عمران صابر" - أحد كبار المسؤولين في وكالة حماية البيئة - :" من المثير للقلق أن بعض السكان يحرقون القمامة المتبقية.. والتي من بينها المخلفات البلاستيكية مما ينشر الغازات السامة.. وبعضها يكون مسببًا للسرطان".
رئيس بلدية كراتشي السابق "مصطفى كمال" يقول في خطاب جماهيري في الآونة الأخيرة:" لقد تحولت هذه المدينة إلى صندوق قمامة كبير".
واتهم كمال - الذي شغل منصب رئيس بلدية حتى عام 2010 - خصومه السياسيين بالفساد وعدم الكفاءة، والسمسرة في كل شيء حتى الديزل المستخدم لتشغيل شاحنات القمامة.
ولكن رئيس البلدية الحالي "وسيم أختار" - الذي انتخب في 2016 - يشكو من أنه ليس لديه المال أو السلطة، خاصة أنَّ الحكومة المحلية تعاقدت مع شركات صينية للتخلص من القمامة في اثنين على الأقل من خمس مناطق في المدينة.
ويعتقد كثيرون أنَّ الإصلاح الحقيقي لا يمكن أن يتحقق إلا إذا كانت السلطات والمواطنين يعالجون جذور المشكلة، الاستهلاك المستشري والنفايات التي يخلفها ملايين السكان، وغياب ثقافة إعادة التدوير، بجانب عدم استعداد أي شخص لاتخاذ المسؤولية عن تنظيف المدينة.
الرابط اﻷصلي