موقع إسرائيلي عن تبرئة مبارك: السيسي يجهز على الثورة

السيسي- مبارك

قال الكاتب الإسرائيلي "جيا أليستر" إن المصريين لم يندهشوا لتبرئة مبارك من قتل المتظاهرين، فقد باتوا حقا يحنون لحكمه، مقارنة بانعدام الأمل تحت عصا عبد الفتاح السيسي، الذي محا الثورة. على حد قوله.

 

 

واعتبر في مقال نشره موقع "walla” بتاريخ 4 مارس 2017 تحت عنوان "دم المتظاهرين ذهب سدًى.. تبرئة مبارك تجهز على بقايا الثورة"، أنّ ما وصفه بـ"الطاغية الحالي" في إشارة لنظام الرئيس السيسي، هي جزء من النخبة التي قامت عليها الثورة، لكنها لم تغادر الساحة فعليًا حتى بعد سقوط مبارك، بل انتظرت اللحظة المناسبة للانقضاض، مضيفا " كان محمد مرسي تلك اللحظة”.

 

 

إلى نص المقال..

لم يقابل قرار محكمة النقض العليا في مصر بتبرئة الرئيس السابق حسني مبارك نهائيًا من قتل متظاهرين بالدهشة في دولة تسودها الثورات والاضطرابات. بل إن قرار المحكمة في القاهرة مر بلا مبالاة بين الجماهير الواسعة، التي يشعر بعضها بالحنين لنظام الطاغية الطاعن في السن البالغ 88 عامًا، مقارنة بالحياة في العصر الحالي وانعدام الأمل تحت عصا عبد الفتاح السيسي.

 

إلغاء كل التهم ضد مبارك، الذي أُعلن بريئًا من جريمة التورط في قتل 239 متظاهرا، هو التبرئة الأخيرة لمسئولين من ذلك العهد. فقد برأ رئيس ديوانه ووزير خارجيته من كل الاتهامات الشهر الماضي، لينضموا بذلك إلى رئيس الوزراء السابق أحمد نظيف ووزير الطاقة سامح فهمي، الذين أدينوا بعد الثورة بصفقات غاز غير شرعية مع إسرائيل.

 

بدلاً منهم، اضطهدت تلك العناصر الليبرالية والإسلامية الذين تكاتفوا معا بميدان التحرير لإسقاط النظام الذي يحكم في مصر منذ ثورة الضباط الأحرار عام 1952. الطاغية الحالي هو جزء من تلك النخبة، التي لم تغادر الساحة فعليًا حتى بعد سقوط مبارك، بل انتظرت اللحظة المناسبة للانقضاض. كان محمد مرسي تلك اللحظة.

 

كان مرسي أول رئيس منتخب بانتخابات ديمقراطية في تاريخ البلاد، وعضو جماعة "الإخوان المسلمين"، التي بثّت أحداث "الربيع العربي" في المنطقة في أذرعها الحياة بعد عشرات السنوات من القمع. وكما يحدث لدى تغير أي نظام، يحاول النظام الجديد تطهير الحرس القديم، ولم يكن مرسي مختلفًا في ذلك. إذ أطاح بقادة الجيش في أغسطس 2012، بعد شهرين من الانتخابات. رأى مرسي أنهم يعوقونه، وأنهم رموز نظام قديم يسعى لمحوه وعين في منصب وزير الدفاع ورئيس المجلس العسكري السيسي، نفس الجنرال الذي سيطيح به ويسجنه بعد أقل من عام على ذلك.

 

وسواء خطط لذلك مسبقًا، أم كان متخوفًا من حدوث انقسام بين الشعب بسبب الدستور الذي صاغه مرسي والصلاحيات الواسعة التي حصل عليها، محا السيسي بسرعة ذكر ثورة ميدان التحرير. أعطت التظاهرات العنيفة التي قام بها "الإخوان المسلمين" في أعقاب الانقلاب في يونيو 2-13 ذريعة لقوات الأمن لقمعها بالقوة، وقتل المئات من أنصار الجماعة بعد ذلك بشهر عندما فُضت معسكراتهم في القاهرة بعنف شديد. أدان الغرب، وتعاملت إدارة أوباما (مع السيسي) بفتور، وغضبت تركيا وقطر، لكن السيسي لم ينتظر وقتًا طويلاً وعمل على تصفية جماعة "الإخوان المسلمين".

 

هكذا، بدأت المحاكم في مصر في إصدار أحكام إعدام وأحكام مشددة بالسجن المؤبد على قادة الجماعة، التي حظرت وصُنفت تنظيمًا إرهابيًا في نفس العام. أصبح رجال مبارك أعداء الأمس، بينما اعتُبر مرسي خائنًا يتخابر من عدد من العناصر الخارجية- حماس، وحزب الله وقطر- ضد الوطن.

 

مبارك، الذي زجّ به في السجن المؤبد بشهر يونيو 2012 لتورطه في قتل متظاهرين، طعن على الحكم وأعيدت محاكمته في يناير 2013. جرى تبرئة مبارك من قتل متظاهرين في نوفمبر 2014، لكن هذه المرة طعنت النيابة العامة وجرى محاكمة جديدة في القضية- أغلقت نهائيًا الخميس الماضي.

 

 

على عكس عام 2014، لم تؤدّ البراءة الأخيرة لمبارك لتظاهرات واحتجاجات. تعب المصريون من الثورات وباتوا متعطشين للحصول على السلع الغذائية، والطاغية المتقاعد، الذين اعتقد الكثيرون في الماضي أنّه لن يستمر على قيد الحياة- سواء من خلال إعدامه أو بموت طبيعي- عاد للمستشفى العسكري في القاهرة التي مكث بها عدة سنوات. سمح السيسي لمعارضي الجيش ومناصري الديمقراطية بمساحة محدودة للتعبير عن الرأي. أبرزهم محمد أنور السادات ابن شقيق الرئيس السابق أنور السادات، الذي أطيح به هذا الأسبوع من الختامة، ونقصد بها البرلمان بمزاعم مختلفة وغريبة.

 

هذه المرة، لم يسمح حتى لأسر قتلى ميدان التحرير بالدخول لقاعة محاكمة مبارك. في المقابل التهبت أكف مناصريه الجالسين على مقاعد المحكمة لدى سماعهم الحكم. “يجب تكريمه على 30 عامًا من الأمن"، قالها أحد مؤيديه خارج المحكمة. صحيح أنَّ مبارك لن يعود للساحة السياسية، لكن يختلف الوضع تمامًا فيما يتعلق بنجليه.

 

كان علاء وجمال مبارك مكروهين لدى شرائح واسعة من الشعب خلال السنوات الأخيرة من حكم أبيهما، الذي أعدّهما على ما يبدو لخلافته في يوم من الأيام. حوكما معه بتهم الفساد، واتهموا باختلاس الأموال العامة في (قضية القصور الرئاسية). وفي نهاية 3 سنوات من السجن- قضاها أيضًا مبارك الأب خلال سنوات محاكمته- خرجا أحرارًا في 2015، وتدريجيا بدآ في الظهور بين الجماهير.

 

بدأت صورهما مع العوام تنتشر في كل مكان، خلال الشهور الماضية التقط الشقيقان صورا مع رواد مطاعم شعبية، بدون حراس، وشاهدا مباراة كرة قدم للمنتخب الوطني ضد تونس في بطولة إفريقيا.

 

كتب أحد رواد موقع "تويتر" غاضبا "ثوار يناير في السجون ونجلا مبارك يشاهدان مباراة لكرة القدم". يريد علاء وجمال الاندماج بين الجمهور الذي كانا منفصلين عنه عندما نهبا القصر في عهد أبيهما. النزول للشعب لن يعيدهما بالضرورة إلى مراكز القوة- وهما لم يتجرآ للحديث عن ذلك- لكن على الأقل تجنبت أسرة مبارك مصير مماثل لأسرة معمر القذافي وصدام حسين.

 

رافق اضطهاد "الإخوان المسلمين" انتفاضة تنظيمات إسلامية متشددة بشبه جزيرة سيناء، استغلوا الفوضى ودمروا السياحة المصرية. ربط الرئيس بين الجماعة المخضرمة، التي تأسست في العشرينيات من القرن الماضي، وبين جناح "الدولة الإسلامية" الذي ترسّخ في المثلث الحدودي مع قطاع غزة وإسرائيل.

 

لم تسفك هجماتهم دماء قوات الأمن فقط، بل زلزلت مدن رئيسية في أنحاء مصر، بما في ذلك العاصمة القاهرة، وأنزلوا كارثة باقتصاد البلاد.قطاع السياحة، قلب مصر، لم يتعافَ بعد من سقوط الطائرة الروسية بشرم الشيخ قبل عام ونصف العام.

 

لذلك، فإنّ الخيار الذي يتركه السيسي لمواطنيه بسيط ظاهريًا، العيش في كنف نظام إسلامي متشدد، بشكل مماثل لما أقاموه في معاقل داعش في ليبيا المجاورة والعراق وسوريا، أو في ظل نظام علماني و"وطني".  

صحيح أن من ينتقد النظام يمكن أن يجد نفسه خلف القضبان، لكن ما هذا بالنسبة لقطع الرأس لارتكاب خطيئة جسيمة ممثلة في تدخين سيجارة. مع هذه النغمة المتواصلة التي تعزفها أبواق النظام، فإنَّ الذكرى السيئة من حكم مبارك، تتلاشى أمام تجربة "الملتحين" الموالين لمرسي.

 

الخبر من المصدر..

 

مقالات متعلقة