رغم أن محافظة المنيا أنجبت عمالقة في مجال الفن والأدب ومنهم عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين، والموسيقار العالمي عمار الشريعي، ورائدة الحركة النسائية في مصر هدى شعراوي، إلا أن الفن يتراجع بشكل غير مسبوق بـ "عروس الصعيد"، حيث نجد أن دار عرض واحدة فقط تخدم محافظة عدد سكانها تجاوز الـ 5 ملايين نسمة.
يقول أشرف كمال، نائب الأمين العام للاتحاد الدولي للفنون: "من العيب أن نجد أجدادنا الفراعنة نقشوا أعمالاً فنية قبل آلاف السنين على جدران المعابد في إشارة قوية للاهتمام بالفن والثقافة، ونجد الآن دار عرض واحدة هي سينما النصر بفندق القوات المسلحة تخدم محافظة تضم 5 ملايين نسمة.
وأوضح كمال، أن المسرح الروماني المكشوف على كورنيش النيل بمدينة المنيا، أصبح دوره مقتصرًا على إقامة حفلات الزفاف الجماعي، ونادرًا ما يشهد إقامة عمل مسرحي أو فني رغم حالة الجهل والأمية والتشدد المنتشرة على أرض محافظة المنيا بشكل خاص والصعيد بشكل عام.
وأضاف نائب الأمين العام للاتحاد الدولي للفنون، أنه خلال الأعياد والمناسبات تظهر المنيا في صورة سيئة، حيث يتكدس المواطنون أمام سينما واحدة للحصول على تذاكر وتحدث مشادات ومشاجرات ومهاترات، والغريب أيضًا أننا نتحدث كثيراً عن السياحة وتنشيطها وجذب الأجانب، ولدينا طلاب من دول عربية يدرسون في جامعات حكومية وخاصة، ولا يجدون في المحافظة سوى دار عرض واحدة، والأمر يحتاج إلى تدخل من الدولة وعملية تنظيم وتطوير.
وأشار كمال، إلى تحول دور العرض المتواجدة بمدن المنيا إلى "خرابات، تسكنها الكلاب الضالة والزواحف" إضافة إلى استيلاء الباعة الجائلين، على أسوار مقرات السينما بجميع مراكز المحافظة، وتحويلها إلى أماكن لبيع منتجاتهم، وسط صمت كبير من المسؤولين.
من جانبه قال خيري فؤاد، نقيب المعلمين بسمالوط، إن المنيا لا تشهد نشاطًا ثقافيًا ملحوظًا، علمًا بأن المحافظة معروف عنها أنها كانت قديمًا منارة للثقافات والفنون والآداب، وخرج منها رموز الفن والأدب وأثروا الحياة الثقافية في العالم العربي..
مثل عميد الآدب العربي الدكتور طه حسين، ابن مركز مغاغة، والموسيقار العالمي عمار الشريعي، ابن مركز سمالوط، وهدى شعراوي رائدة الحركة النسائية في مصر، إضافة إلى الكثير من نجوم الفن مثل ثناء جميل، وجميل راتب، وتوفيق الدقن، وكذلك نجوم رياضة مثل هشام عبد الرسول وأحمد حسن وطارق السيد.
وأضاف فؤاد، كل مركز إداري في محافظة المنيا، كان به دار سينما وللأسف تم غلقها، حيث تحولت دار العرض السينمائية لمراكز تجارية بهدف تحقيق الربح، دون الاهتمام بتنشيط الثقافة ونشر الآداب والقيم.
ماركو عادل، مؤسس مجموعة "ألوانات للفنون والثقافة" بالمنيا، قال إن مراكز محافظة المنيا التسع كان يوجد بها سينما، وفجأة تم غلقها لأغراض تجارية، ولأن مجموعة "ألوانات" تؤمن بدور الفن تقدم أسبوعيًا عروضا لأفلام، غير دارجة في السوق.
ولفت إلى أنها تعبر عن ثقافات مختلفة من دول أوروبا وكوريا والصين، وتم تقديم أفلام إيرانية وسعودية معظمها روايات.
وأضاف عادل، معظم دور العرض الموجودة في محافظات الصعيد، تركز على تقديم أفلام محلية، ولا تعرض أفلامًا أجنبية، أما نحن فنقدم موادا تعبر عن كل الثقافات، ويتم مناقشتها، من حيث جودة العمل الفني، ومردوده علي المجتمع بعد العرض. واستطرد: "كما أننا نحصل على أفلام تم عرضها، لأننا نقدم خدمة سينمائية مجانية بنسبة 100%، ويتم العرض في قاعات مركز ألوانات بمدينة المنيا، وهناك تعاون بين مجموعة ألوانات وشركة زاوية للعالمي الراحل يوسف شاهين، وسبق ونظمنا بانوراما بعنوان الفن الأوروبي، ونحصل منهم على نسخ لأفلام نادرة وتسجيلية ووثائقية لعرضها بالمجان لإثراء الفكر والثقافة في مجتمع الصعيد".