رغم لقاء ميركل وأردوغان .. لماذا عاد الصدام الألماني التركي؟

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ومستشارة ألمانيا أنجيلا ميركل

وكأن لقاءً لم يجمع بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الشهر الماضي، فقد عادت الحرب الكلامية بين الجانبين كما كانت عليه قبل اللقاء.

 

وقبل شهر من الآن عقد أردوغان وميركل مشاورات فيما بينهما واتفقا على التعاون في الحرب على الإرهاب سواء كان من جانب جماعات إسلامية متشددة أو حزب العمال الكردستاني.

 

الأزمات انفجرت مجددا حينما كان يعزم النظام التركي تنظيم عدة فعاليات تروج للتعديلات الدستورية في عدة دول أوربية خاصة ألمانيا التي يقطن بها مليون و400 ألف تركي يحق لهم التصويت على الاستفتاء المقر عقده إبريل المقبل.

 

التعديلات الدستورية  

ويرمي النظام بثقله من أجل تمرير التعديلات الدستورية التي وافق عليها البرلمان وبموجبها يمنح الرئيس أردوغان صلاحيات رئاسية واسعة ما يجعل نظام الحكم أقرب للرئاسي بعد أن كان برلمانيا.

 

 

ولكن على ما يبدو أن أوروبا التي جلدت تركيا بانتقاداتها لحملة التطهير التي نفذتها  أنقرة عقب محاولة الانقلاب الفاشلة منتصف يوليو الماضي، تعارض هذه التعديلات وهو ما يراه مراقبون.

 

 

إلغاء تجمعات مؤيدة  

ولذلك ألغت ألمانيا تجمعين في مدينتي غاغناو وكولونيا مؤيدين للرئيس التركي 2 مارس الماضي كان مقرر أن يتحدث في واحد منهما وزير العدل التركي بكير بوزداغ عن التعديلات الجديدة الذي ألغى بدوره الزيارة.

 

 

واشتاظت أنقرة غضبا على هذا القرار واستدعت سفير برلين احتجاجا عليه، وانتقد وزير العدل التركي ألمانيا بحدة معتبرا قرارها بانتهاك لحرية التعبير وغير ديموقراطي.

 

نازية ألمانيا  

واتهمت أنقرة برلين بالسعي لتغليب كفة غلبة معارضي التعديلات الدستورية، وفي تجمع لأنصاره شبه أردوغان التصرف الألماني بأنه لا يختلف عن التصرفات في الحقبة النازية، معتبرا أن ألمانيا لا علاقة لها بالديمقراطية، وأنها ليست إلا امتدادا للتصرفات النازية التي كانت تحدث من قبل، وقبلها اتهم واتهم الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، ألمانيا بـ"مساعدة وإيواء" الإرهاب.

 

 

ولكن  أنجيلا ميركل برأت الدولة الاتحادية  من هذا التصرف وقالت إنه قرار للسلطات المحلية.

 

سجن المراسل  

وزاد من حدة الخلاف سجن دنيز يوغل  مراسل صحيفة دي فيلت الألمانية في تركيا، الذي يحمل الجنسيتين بتهمة "الدعاية الإرهابية" وأنه عضو في جماعة "حزب العمال الكردستاني" المحظورة، وردت عليه برلين بالاحتجاج لدى السفير التركي.

 

وبعد أن وصلت الحرب الكلامية لمستوى كبير، أعلن المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الألمانية، مارتن شيفر، اليوم الإثنين، أن وزيري خارجية ألمانيا وتركيا، سيغمار غابرييل، ومولود جاويش أوغلو، سيجتمعان يوم الأربعاء المقبل  في برلين، لمناقشة خطوات تطبيع العلاقات بين البلدين.

 

كرم سعيد المتخصص في الشؤون التركية قال إن الخلافات الألمانية التركية ممتدة ومع هذا تبقى مسارات التعاون ضرورية في العلاقات الألمانية التركية.

 

رفض التعديلات الدستورية  

وأوضح في حديثه لـ"مصر العربية" أن السلطات المحلية الألمانية تحججت بأن القاعات لن تستوعب الأعداد المشاركة في الفعاليات المؤيدة للرئيس أردوغان الذي كان سيحشد الجماهير للتصويت بالموافقة على التعديلات الدستورية وبالتالي ألغتها، معتبرا السبب الحقيقي يعود إلى أن الاتحاد رافض لهذه التعديلات ويرى أنها للدكتاتورية وحكم الفرد في تركيا.

 

والدليل على ذلك كما يردف سعيد هو إعلان النمسا وهولندا رفض إقامة مثل هذه فعاليات تزامنا مع جولة كان من المقرر أن يجريها الرئيس التركي في أوروبا.

 

ولفت المتخصص في الشؤون التركية إلى السجل السابق للخلافات الألمانية التركية وكان أخطرها حين اعترف البرلمان الألماني بالمذبحة الأرمينية المتهمة فيها تركيا، وردت أنقرة باتهام ألمانيا بمساندة الإرهاب في إطار  دعمها لحزب الاتحاد الكردستاني المصنف إرهابي.

 

حجب مواقع حزب العمال  

وأكمل:" أوروبا شأنها شأن أمريكا ترى أن الأكراد رقم مهم في  مواجهة داعش، و

اتهمت أنقرة في وقت سابق الطائرات الألمانية التي تنطلق من إنجرليك التركية بأنها حجبت عنها مواقع لحزب العمال الكردستاني وأعطتها فقط صور لمواقع داعش".

 

 

جاءت أزمة المراسل الذي يحمل الجنسيتين الألمانية والتركية لتزيد الاحتقان بين الجانبين، كما يرى سعيد، خاصة أن أنقرة اتهمته بأنه جاسوس ويدعو للانفصال، وهو الطريق الذي سلكته ألمانيا في وقت سابق حين اتهمت اتحادات إسلامية ترية لديها بالتجسس وتجنيد دعاة يجمعون معلومات عم حركة "الخدمة" التي اتهمها الرئيس التركي بأنها خلف محاولة الانقلاب الفاشلة، ألقت القبض على كثير من واعظي هذه الاتحادات.

 

احتياج متبادل  

ورغم جميع ما سبق يؤكد المتخصص في الشؤون التركية أن ألمانيا ما زالت في حاجة لتركيا من أجل حل أزمة اللاجئين، فهي من بيدها غلق هذه البوابة، وفي الوقت نفسه تركيا تحتاج ألمانيا في تهدئة خواطر الاتحاد الأوروبي بجانب الاحتياج للاستثمارات الألمانية والسياحة في ظل تعثر الاقتصاد التركي، وكلها عوامل تهيئ للحد من الصدام وهو المتوقع من لقاء وزيري الخارجية الألماني والتركي.  

بينما كان لمحمد حامد الباحث في الشأن التركي رأي آخر إذ يعتقد أن تركيا تسعى  لتأزيم العلاقات مع ألمانيا أكثر  وأكثر لإلهاب العصب القومي لدى أنصار الحكومة التركية قبل الاستفتاء ولضمان أكبر عدد من الأصوات في الداخل  التركي ومن الجالية التركية في الخارج.

 

استعراض

 

وأضاف في حديثه لـ"مصر العربية":" أردوغان يهدف للاستعراض أمام أوروبا وإظهار أن تركيا آمنة ومستقرة والواقع غير ذلك والردود العنيفة من قبل القيادة التركية والساسة الأتراك بهدف التشويش على ملف حقوق الإنسان الثقيل من الانقلاب الفاشل يوليو الماضي".

 

هذا بجانب  التشويش على الصلاحيات الخرافية في الدستور الجديد وصد الانتقادات اللاذعة من ألمانيا والاتحاد الأوروبي بشكل عام خاصة في ظل تزايد أعداد اللاجئين من تركيا لدول الاتحاد الأوروبي هربا من القمع، كما يردف حامد.

 

وذكر الباحث في الشأن التركي أن أردوغان يعلم أن العلاقات مع ألمانيا استراتيجية ولا يمكن الاستغناء عنها مطلقا، ملمحا إلى أن ما تتذمر منه تركيا من تدخل ألماني في شؤونها تفعله أنقرة مع دول الربيع العربي منذ 5 سنوات.

 

وعن إلغاء التجمعات المؤيدة لأردوغان بألمانيا أكد حامد أن هذا قرار محلي من بلديات ألمانية برفض إقامة فعاليات لأسباب أمنية وخوفا من تصادم بين أنصار أردوغان ومعارضيه.

 

مخاوف من نقل المعركة  

كما أن ألمانيا ترفض نقل معركة الدستور والخلاف حوله إلى الشارع الألماني خاصة أن الجالية التركية كبيرة للغاية تبلغ 3.3 مليون مواطن ألماني تركي، بحسب ما يكمل الباحث في الشأن التركي، مبينا أن حكومة المستشارة ميركل  ترفعت وتجنبت انتقاد الحكومة التركية أثناء الزيارة الأخيرة بسبب ملف اللاجئين.

 

ورغم هذا أفاد حامد  بأن لقاء ميركل وأردوغان كان مثمرا فقد انتهى بتوافق على استكمال اتفاق اللاجئين مقابل الصمت على تحول تركيا لجمهورية بوليسية تدار عبر دستور غير ديمقراطي، بحد قوله.

مقالات متعلقة