من جديد عاد الحديث مرة أخرى عن مرحلة ما بعد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، الجالس على كرسي الإعاقة، والتي تنتهي ولايته الرابعة رسميًا في أبريل 2019، وسط غموض بشأن حقيقة حالته الصحية منذ سنوات.
سيناريوهات التحولات المرتقبة في الجزائر تحكمها التكهنات والتوقعات لخليفة الرئيس القعيد، تزامنًا مع حديث عن صراع بين أجنحة السلطة وتحذيرات من عواقب الانتقال الرئاسي. بحسب مراقبين.
فالرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، هو سابع رئيس حكم الجزائر منذ الاستقلال عن الاستعمار الفرنسي عام 1954، لكنه يُعد أكثر الرؤساء الذين عمروا في الحكم لفترة 18 سنة.
الحالة الصحية للرئيس الجزائري ظلت السؤال المتكرر منذ إصابته بجلطة في عام 2013، خاصة وأنّه منذ انتخابه في أبريل 2014، وحالته الصحية في تدهور.
مرض بوتفليقة
ورغم مرض بوتفليقة الذي وصف بالشديد، وقوة رجال دولته، إلا أن تحديد خليفته يعد مستحيلاً، فالجميع يبتعد عن "غضب الرئيس" الذي لا يتوانى في معاقبة كل مسئول يطلق العنان لطموحه الرئاسي، مثلما فعل ذلك مع مستشاره عبد العزيز بلخادم وأمين عام الحزب الحاكم عمار سعداني وقبلهما رئيس حكومته علي بن فليس.
عبد المالك سلال رئيس الحكومة الجزائرية
مراقبون يرون أنه في حالة وفاة عبد العزيز بوتفليقة، فإن رئيس مجلس الشيوخ عبد القادر بن صالح، من الناحية النظرية، هو الذي سيقوم مقام بوتفليقة لحين تنظيم الانتخابات الرئاسية..
أما على صعيد الممارسة العملية للسلطة بالجزائر، يرجح أن تؤول رئاسة الدولة للجناح الفائز في الصراع المحتدم على السلطة المحصور بين المعسكر الرئاسي والجيش والحزب القديم "جبهة التحرير الوطني".
فيما يرى آخرون أن الجزائر مقبلة على مرحلة مجهولة المعالم، مؤكدين وجود نية للدفع برئيس الحكومة عبد المالك سلال لتولي الجزائر فيما بعد بوتفليقة.
سيناريوهات الجزائر
في المقابل يتحدث الشارع الجزائري عن أسماء ربما تطرح في الأيام المقبلة، ومن بينها عبد المالك سلال رئيس الوزراء الجزائري، وأحمد أو يحيى، رئيس ديوان الرئاسة، والجنرال أحمد قايد صالح، نائب وزير الدفاع، وشقيق الرئيس سعيد بوتفليقة، فهم المرجحون لخلافة بوتفليقة. بحسب التوقعات.
سعيد بوتفليقة
المحلل السياسي والخبير الاستراتيجي الجزائري رضا بودراع الحسيني قال: "لا شك أن الحديث عن خليفة الرئيس بوتفليقة يطغى على الساحة السياسية رغم التحضيرات للانتخابات البرلمانية، لكن الأمر أعقد بكثير من مجرد ترشيح خليفة له، مضيفًا أن الأسماء التي تتداول سلال وأويحيى وسعيد بوتفليقة ثبتت فشلها طيلة 15سنة الماضية في تسيير الدولة، ولست أدري ما الفائدة من تداولها الآن.
وأوضح السياسي الجزائري لـ "مصر العربية" أن الجزائر مقبلة على مرحلة جديدة مجهولة المعالم على الأقل بالنسبة للفرد الجزائري، لكنها في نظري ستكون وفق ثلاث سيناريوهات.
جنرالات الدم
وأكد أن السيناريو الأول يتمثل بأن تتحالف فلول جنرالات الدم مع بارونات الفساد ويقدمون مرشحهم من حراس معبد الوصاية، وسيكون ذلك تجديدا لدولة الاستبداد ينسينا ذل فرنسا، أو حرب مع الشعب تنسيه أيام التسعينات.
وعن السيناريو الثاني أكد بودراع، بأن يستبق "الشرفاء" من الجيش بشخصية تلبي الحد الأدنى من التوافق بين أجنحة النظام الأمنية والمالية. لكن ذلك سيجعل البلاد محدودة السيادة وتحت رحمة تقلبات التوازنات الوطنية مع أدنى تدخل خارجي.
أحمد أويحيى رئيس ديوان الرئاسة
أما السيناريو الثالث فهو بالسماح لـ"الشرفاء"لحراك شعبي سلمي يفرز قيادة من رحم الشعب، يلتف حولها الجيش والشعب معا لتسيير مرحلة حكم انتقالية، لحين إرساء هوية الدولة الجديدة المتطابقة مع هوية الإنسان الجزائري.
وأنهى السياسي الجزائري كلامه قائلاً: "من المؤسف جدًا أن نرى الأحزاب تتهافت نحو مقاعد البرلمان دون الالتفات إلى رهانات المرحلة الحالية، كالذي يحرص على كرسي في سفينة آيلة للغرق.
أما المعارض السياسي الجزائري نذير بوخطة فرأى أنّ الرئيس الجزائري يتم اختياره داخل السفارة الفرنسية بالجزائر، وبعدها يعلن عن المرشح المفروض إلى العلن لإشهاره و إعلانه مرشح السلطة بطرق معروفة غير صريحة.
موافقة فرنسا
وأوضح السياسي الجزائري لـ"مصر العربية" أنه لن يفلح أي مرشح آخر لا ترضاه فرنسا في الوصول للحكم، طالما أن الهيمنة لحزب فرنسا قائما، ولو أدى ذلك إلى انقلاب أبيض أو أسود.
أحمد قايد صالح نائب وزير الدفاع
الدكتور مصطفى السعداوي أستاذ القانون الجنائي والمهتم بالشأن الجزائري، فقال إن الحديث عن خلافة بوتفليقة ليس اليوم فقط، وإنما منذ سنوات، فمنذ أن فاز بوتفليقة في الجولة الرئاسية الأخيرة، ولا حديث سوى عن بديل الرئيس، وبالتالي فوجود بوتفليقة في الحكم هو تمهيد للرئيس الجديد والذي سيأتي برضا فرنسي وجزائري.
وأوضح الخبير القانوني في تصريحات سابقة لـ"مصر العربية" أنّ خليفة بوتفليقة لن يكون شقيقه سعيد كما يتوقع البعض، فالرئيس القادم ستكون شخصية عسكرية محل رضا وقبول من الجميع، وأن الرئيس الجزائري سيتنازل له عن الحكم.
وتابع: المعارضة الجزائرية ستكتفي بمباركة الرئيس العسكري الجديد ليس أكثر.
عناصر للجيش الجزائري
أما رئيس حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية (معارض) في الجزائر، محسن بلعباس، فقال إن ترشح رئيس الوزراء عبد المالك سلال في الانتخابات البرلمانية التي ستجرى في الأيام المقبلة، له علاقة بالانتخابات الرئاسية القادمة، مشيرًا إلى أنّ هذا الترشح دليل على وجود خلاف بين عصب النظام حول خلافة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة.
توجهات إسلامية
ولفت القيادي المعارض في تصريحات صحفية، إلى أنّه في ظل الوضع الحالي يصعب التكهن بمن سيتم اختياره ليكون رئيسًا للجزائر، تاركًا الباب مفتوحًا على إمكانية ترشح عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة مثلما يدفع إليه أنصاره والمنتفعون من حكمه، على حدّ تعبيره، وهي إشارة إلى صعوبة التعرّف على مستقبل رئيس البلاد الذي يواجه متاعب صحية، لكن الموالين له يؤكدون قدرته على تسيير الشأن العام "حتى في أحلك الظروف".
وتنتقد المعارضة الجزائرية بكل توجهاتها الإسلامية والعلمانية، انشغال "الطبقة الحاكمة بمستقبل الحكم وتوزيع الأدوار فيما بينها، بينما مستقبل البلد في خطر"، على حد تعبير الدكتور جيلالي سفيان، رئيس حزب "جيل جديد" المقاطع للانتخابات التشريعية المقبلة، والذي قدّر أن هذا الموعد السياسي لن يحمل أي جديد يذكر عدا أنه يساهم في إطالة عمر النظام الحاكم.
ويقول جيلالي سفيان في تصريحات صحفية: إنَّ السلطة الحالية تسير بعدة أجنحة وهي تتصارع فيما بينها لفرض خيارها بعيدًا عن خيار الإرادة الشعبية، وفق تعبيره، مبرزًا أن أحزاب المعارضة التي تشارك في انتخابات مايو القادم "تم تجنيدها لهذا الغرض بالذات".
ويقصد المتحدث، وجود صفقة سياسية بين الأحزاب الإسلامية تحديدًا ونظام بوتفليقة، الذي اقترح عليهم شخصية إسلامية رئيسًا للجنة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات، وهو السفير الجزائري السابق لدى السعودية ومنظمة التعاون الإسلامي عبد الوهاب دربال.