اليوان في شراك الدولار... ضعيف ومحلي

اليوان والدولار

وصف دونالد ترامب الصين بـ «بطلة» التلاعب بالعملات. ولكن، ما هو على المحك في هذه المسألة؟ أهي نزاهة التنافسية في التجارة الدولية حين خفض قيمة السلع الصينية إلى أبخس من السلع الأميركية، ومنح الصادرات الصينية امتيازاً غير عادل سببه سعر صرف عملتها؟ أم تحول الصين إلى أكبر التجار بالدولار الأميركي، فتشتري الدولار للجم سعر عملتها، وتبيعه لرفعه؟ ولا شك في أن احتياطي الصين من الدولار معضلة صينية وأميركية. فاعتماد الصين على الدولار الأميركي هو علامة مزمنة على حدود نظامها المالي والنقدي، وعلى أن اقتصادها اقتصاد نام، ولو كان ضخماً.

 

وثمة كلفة تترتب على نزول الدولار في منزلة نواة الاقتصاد الصيني، وهذه الكلفة تشمل أخطار أسعار العملة، وعدم تطابق قيمة الأصول، والتباس مسؤولية الشركات في موازناتها وزيادة الأخطار على السيولة. وهذا الوجه الأول من المعضلة. ويعيد احتياطي الضخم للصين وغيرها من الدول، من الدولار إلى ذهن واشنطن على الدوام أن العولمة المالية تقيد هامش عمل الدول المفردة. وهذا وجهها (المعضلة) الثاني.

 

والوجه الآخر من اعتماد بكين على الدولار هو اعتبار الريمنبي (اليوان) عملة دولية قاصرة وغير ناضجة. فإمكان تحويلها في سوق الصرف محدود ويقتصر على أسواق دون غيرها، منها لندن. ويحظر على بكين عدد من التسهيلات المالية ويقيد تداول عملتها في الأسواق الدولية.

 

ولا شك في أن سياسة السلطات النقدية الصينية منذ 2010 الرامية إلى تطوير اليوان عملةً دولية أحرزت نجاحات. فتعاظم إبرام الصين صفقات تجارية بعملتها. ولكن، أمام اليوان شوط كبير ليقطعه قبل التحول إلى عملة دولية يودعها غير الصينيين في حساباتهم.

 

وضم اليوان، في نهاية 2015، إلى سلة حقوق السحب الخاصة في صندوق النقد الدولي، إلى جانب الدولار واليورو والين والجنيه الاسترليني، هو خطوة رمزية تندرج في سياق اختبار الصين تدويل عملتها. لكن الخطوة هذه لم تؤثر إلا لماماً في القدرة على استخدام اليوان في التجارة والتداول، ولم تقطع أواصر الاعتماد على الدولار. فالعملة الأميركية لا تزال نواة التجارة الصينية وعلاقاتها المالية بالعالم. واستثمارات الصين المباشرة في الخارج تبرم بالدولار، فتراكم الخزانة الصينية نحو 3 تريليون دولار.

 

وسلطت الانعطافة في السياسة النقدية الأميركية وقوة الدولار النسبية الضوء أكثر فأكثر على مدى وقوع الصين في شراك العملة الأميركية. فهي أكثر جاذبية في أوساط المستثمرين الصينيين، والطلب القوي على الدولار يشد قيمة اليوان إلى أدنى، فيضطر بنك الصين الشعبي إلى التدخل لرفع قيمته وتقويض حركة الاستثمار. ولا شك في أن بكين لن تعدل عن ضبط أسعار عملتها واقتصادها، في وقت تواصل الاتجاه إلى سوق عملات موجهة. وحظوظ تحول اليوان إلى عملة دولية شاملة أو معولمة، ضعيفة.

 

نقلًا عن "الحياة"

مقالات متعلقة