خلال أسبوع واحد، صدر أكثر من تقرير حول حالة حقوق الإنسان فى مصر، الأول، وهو الأهم، تقرير الخارجية الأمريكية حول حالة حقوق الإنسان لكل دول العالم، ويخصنا هنا القسم الخاص بحالة حقوق الإنسان فى مصر، وتقرير العفو الدولية حول المراقبة للمعارضين وتقييد حريتهم وزيادة القمع للمعارضين، فضلاً عن البيانات العاجلة التى قدمت فى مجلس حقوق الإنسان بجنيف فى الدورة 34 لانعقاد المجلس، والذى تحدث أمامه وزير الخارجية فى افتتاح أعماله.
كما يعقد على هامش الاجتماعات ندوات تنظمها منظمات حقوقية عقدت واحدة حول المدافعين عن حقوق الإنسان يوم 6 مارس تناولت فيها الانتهاكات الجسيمة لحقوق المدافعين عن حقوق الإنسان من منع من السفر، ومصادرة الأصول للمنظمات والجمعيات، بالإضافة إلى المتهمين فى القضية 173، حيث تم إخلاء سبيل الأجانب عام 2011، واستمرت القضية ضد المدافعين فى مصر، حيث تضم القضية تقريباً كل المدافعين عن حقوق الإنسان ومنظماتهم.
فى الحقيقة، صورة مصر أمام المجتمع الدولى فى مجال حقوق الإنسان شديدة القتامة، فتقرير الخارجية الأمريكية تناول العديد من القضايا والانتهاكات، مثل الاختفاء القسرى وأحكام الإعدام والحكم على بعض الأشخاص لاعتبارات سياسية، ودون أدلة محددة، حسب ما ورد فى التقرير، صحيحٌ أن التقرير أشاد بالانتخابات الرئاسية والبرلمانية، إلا أنه شدد على انتهاكات حقوق الإنسان، ومنها طبعاً قانون الجمعيات الأهلية الذى يعد انتهاكاً جسيماً لحرية المجتمع المدنى، سواء المصرى أو الأجنبى، لا سيما أن هناك عدداً من المنظمات الألمانية والأمريكية قررت وقف العمل فى مصر ونقل مكاتبها لخارج مصر.
وقد أثارت المستشارة الألمانية ميركل قضية المجتمع المدنى والحكم على سيدة ألمانية ضمن القضية 173، وهى تنتمى لمؤسسة كونراد أديناور التى ترأسها شرفياً المستشارة ميركل، وقد انتهى الحوار مع الرئيس إلى الاتفاق على عقد بروتوكول مكمل لاتفاقية التعاون الثقافى بين مصر وألمانيا التى وقعت عام 1971، وكانت الأساس الذى تعمل وفقاً له المنظمات الألمانية الثلاث ناومان وإيبرت وكونراد أديناور.
وفى الحقيقة، فإن قضية حقوق الإنسان لا تشكل عائقاً فقط فى علاقات مصر الدولية، إلا أنها أحد أهم الأسباب التى منعت الاستثمارات للتدفق على مصر حتى بعد قبول مصر لشروط صندوق النقد الدولى وتعويم الجنيه المصرى الذى يعد فرصة لا تعوض للمستثمر الأجنبى للحصول على أصول مصرية بأرخص الأسعار أو إقامة شركات وصناعات بنصف التكلفة على الأقل بالمقارنة بالوضع قبل التعويم.
فرغم صلاحية المناخ للاستثمار، فإن الوضع الحقوقى مؤثر لا شك، وذلك لعدة أسباب، أولاً: هناك التزامات على الشركات بشكل عام بأن تعمل فى مناخ يحترم حقوق الإنسان، فهناك مبدأ يتنامى فى المجتمع الدولى والقانون الدولى لحقوق الإنسان بدور الاستثمار والشركات فى تحسين حقوق الإنسان فى الدول التى تعمل فيها.
ثانياً: كثير من الشركات متعددة الجنسيات وصاحبة الاستثمارات الكبرى تلتزم بتوجهات المجتمع الغربى بأن تعمل فى دول تحترم سيادة القانون، ولديها قضاء مستقل.
ثالثاً: وهو الأهم الدول التى تحترم حقوق الإنسان هى الدول الأكثر استقراراً لا سيما إذا كانت لديها مؤسسات راسخة وتعمل وفقاً للدستور والقانون وتعمل وفقاً لمبادئ الشفافية.
من أجل تحقيق تقدم حقيقى فى مصر لا بد من تعزيز العلاقات الدولية ولا يمكن تحسين علاقتنا الدولية إلا بتحسين سجلنا فى حقوق الإنسان وأن نؤكد دولة سيادة القانون التى تحترم حقوق الإنسان وتعزز المجتمع المدنى ودوره فى التنمية على كافة الأصعدة، الأمر الذى يتطلب صدور قانون للجمعيات يعمل وفقاً للمعايير الدولية، ووقف الإجراءات ضد الإعلاميين المستقلين والمخالفين للرأى الرسمى، بدون ذلك سنواجه مشاكل فى علاقاتنا الدولية.