الفتيات تتحدى البطالة بمشروعات «أون لاين»: إثبات ذات ومصدر للدخل

أحد منتجات جاليري العم روسي

"شعرت أن لدي هدف في الحياة، بالتأكيد كان لدي واحداً من قبل لكن لم يكن بهذا الوضوح ويكبر أمام عيني كل يوم"، تقول مروة عن مشروعها الذي لاقى نجاحا لم تتوقعه قبل7 أشهر.

 

 

اختارت مروة محمد (26 عاما) اسم "براءة"لمشروعها المتخصص في ملابس المحجبات، توضح أنه اسم ابنتها المستقبلية لذلك أحبت إطلاقه على مشروعها الوليد الذي قررت أن تمنحه كل رعايتها.

 

 

بالتزامن مع مشروع براءة لملابس المحجبات  انتشر الكثير من المشروعات متناهية الصغر على موقع التواصل الاجتماعي"فيس بوك" لفتيات لم يستسلمن للجلوس في منازلهن،منتظرات وظيفة بات الحصول عليها صعبا في ظل الأزمات الاقتصادية المتلاحقة.

 

براءة

 

بدأت فكرة "براءة" تشغل حيزا من تفكير مروة محمد التي تربت في المملكة العربية السعودية بعدما استقرت في القاهرة قبل نحو ثلاث سنوات ،إذ وجدت أن الأزياء المعروضة في الأسواق لا تناسب ذوقها سواء على مستوى الخامات أوالشكل.

 

مروة محمد

 

تقول مروة لـ"مصر العربية"إنها بدأت التردد على محال الأقمشة القريبة من منزلها لتتعرف على أنواع الخامات المتاحة وتحدد المناسب منها وبالفعل وجدت إحدى الخامات المريحة ثم فصلت أول فستان من تصميمها.

 

 

بعدما شعرت مروة بالراحة في أول فستان ترتديه من تصميمها تساءلت حول إمكانية إنهاء معاناة الفتيات مثيلاتها اللاتي تضطررن إلى إرتداء أزياء لا تعجبهن نتيجة عدم إتاحة خيارات أخرى أمامهن.

 

 

"بعت اللاب توب بتاعي بـ3 ألاف جنيه في يونيو الماضي ونزلت اشتريت خامات أول فستان عملته براءة "تقول مروة بنبرة قلقة إنها كانت خائفة جدا من طرح أول فستان صممته على جمهور الصحفة الرسمية للمشروع على موقع "فيس بوك".

 

 

 

تضيف الفتاة العشرينية:ذهبت إلى ورشة تصنيع ملابس في مدينة الحوامدية لأني لم أكن استطيع سوى تنفيذ 12قطعة فقط بينما المصانع لا تنفذ إلا الأعداد الضخمة.

 

لم تتوقع مروة أن تنفذ كميتها الصغيرة في أول أسبوع فقط من طرحها تقول بنبرة حماسية :كنت أظن أنني لن استطيع بيعها لأشهر ، لكن حدث مالم أتوقع ، أعجبت المجموعة الفتيات كثيرا.

 

 

تنسى الفتاة كل الإرهاق الذي تلاقيه أثناء إعداد الفساتين عندما ترسل إحداهن صورتها مرتدية فستان براءة ، تقول بحماسة ممزوجة  بالفخر " أنا بفرح جدا لما بشوف بنت لابسة فستاني و بشوف الفرحة في عنيها ، بحس أني قدمت لها خدمة".

 

 

بعد سبعة أشهر فقط من بدايته تلقت مروة طلبات من فتيات مقيمات بماليزيا و الإمارات و قطر و تركيا و السعودية و أرسلت إليهن ما أردن عبر شحن الأزياء عن طريق البريد، بملامح تعلوها البهجة تقول مروة : لم أكن أصدق ما حدث.

 

 

مروة أيضا تمارس هوايتها في التصوير،إذ تصور منتجاتها و تعرضها في شكل جذاب على صفحتها ،كما إنها حريصة على توصيل الطلبات بنفسها لتراجعها مع زبائنها و ترى الفرحة في أعينهم، على حد تعبيرها.

 

تريد مروة أن ينتقل مشروعها من الفضاء الإليكتروني لتفتتح محلا تجاريا يحمل نفس الأسم يرتاده الفتيات من مختلف الأنحاء ثم تفتتح فروعا له في الخارج.

 

جاليري العم روسي

على الرغم من اختلاف مشروع مي العمروسي عن مروة إلا إنها تشاركها الفخر ذاته بتجربتها الوليدة " جاليري العم روسي الذي  يهتم  بصنع (الأكواب، الميداليات، دفاتر الملاحظات ، طفايات، أوعية زرع) لكن  جميعها ذات طابع خاص.     

تهوى العمروسي -طالبة بكلية تجارة -كل ما هو متعلق بالفن سواء الكتابة أو الرسم ،تقول  لـ"مصر العربية ":بدأت  منذ فترة  طويلة  في الرسم على  الصيني و الورق و الفخار وانتجت  أشكال  جميلة ، فقررت أن أبدأ مشروع جاليري لكن "أون لاين".

 

 

ولأن مي روائية  فقد مزجت الرسم بفنها المفضل ،إذ صنعت شخصية  العم روسي الرجل الحكيم صاحب الرؤية ثاقبة والخبرات والتجارب المتعددة  التي يريد توصيلها لجيل الشباب.

 

استلهمت مي اسم "العم  روسي" من لقبها ، موضحة أن هذه الشخصية تمثل عامل جذب قوي لزبائنها ، قائلة:"أنا من كتر ما حبيت الشخصية والناس حبت الشخصية بقت حاسة انها شخصية حقيقية موجودة معانا ".

 

 

 تستطرد مي:"هناك شباب في مثل أعمارنا يقابلون رجل كبير أو إمرأة لديهم الخبرة والحكمة وفي الوقت ذاته قريبين من جيل الشباب و يتفهمونهم بعكس جيل الكبار الذي يرفض التواصل معنا  بنكون متعجبين من قربهم منا  وتواصلهم معنا بسلاسة،هذه هي شخصية العم روسي".

 

تسعى الفنانة الشابة للاستقلال التام عن الأسرة منذ فترة طويلة لإثبات ذاتها،فعملت بأكثر من وظيفة في القطاع الخاص في مجال دراستها لكنها لم ترغب الاستمرار في أي منها،تضيف مي أن هذا ما شجعها  للبدء في مشروع  خاص يوفر لها دخل مادي و في الوقت ذاته تفعل شيئا  تحبه .

 

 

بينما كانت تهندم مي العمروسي ثيابها لالتقاط صورة تذكارية مع أصدقائها أثناء افتتاح معرضها في ديسمبر،كانت إسراء عثمان تحيك أول حقيبة جلد طبيعي لتبدأ مشروعها "جاليرينا".

مي و أصدقائها في افتتاح مشروعها جاليرينا

 

  تقول إسراء التي تخرجت في كلية الفنون الجميلة إنها اختارت صناعة حقائب جلد طبيعي نسائية لأنها ليست منتشرة ومعلومات الناس عنها أشكالها محددة وأسعارها مرتفعة.

تضيف عثمان(23 عام ):قررت بدء مشروع صناعة حقائب الجلد الطبيعي لتطوير تصميماتها فتصبح أقرب للثقافة العربية وإضفاء الطابع الشرقي عليها فتصير أكثر جاذبية.

تعتبر الفتاة العشرينية كل حقيبة تنتجها قطعة فنية و ليس منتج للبيع و الشراء فقط، لذلك تدقق في كل تفاصيله بدءا من التصميم مرورا بتنقية الجلد وحياكتها النهائية.  

لا تستطيع إسراء عثمان التخلي عن جاليرينا  حتى  لو توفرت  لها  وظيفة مناسبة  فتقول: " مقدرش ألغيه دا جزء من حياتي يعني فعلا بفرح لما بشتغله دا بيحسسني اني عايشة عشان حاجة".

 

خيط وفكرة

 

 

أما شيماء الغطاس فكرت  قبل ثماني سنوات في استغلال حبها لخيوط الكروشيه في إسعاد الأخرين وشغل وقت فراغها خاصة أنها لم تجد عملا  مناسبا منذ تخرجها  في كلية الخدمة الاجتماعية .

 

تقول الغطاس لـ"مصر العربية "مديرة مجموعة "خيط و فكرة" على موقع "فيس بوك" الذي تعرض منتجاتها من خلاله و تتلقى طلبات زبائنها إن  مشروعها يمثل مصدر دخل لكن ليس بشكل دائم و رغم ذلك حققت الكثير من خلال التعرف على أشخاص أخرين و تعليم فن الكروشية للهواة عبر قناتها على موقع "يوتيوب".

 

واجهت المشروعات الأربعة مصاعب بعد تحرير سعر صرف الجنيه في 3 نوفمبر الماضي ،إذ ارتفعت أسعار الخامات بشكل أًصبح يهدد مشروعاتهم الصغيرة .  

 

توضح  شيماء الغطاس أن عقب تعويم الجنيه اختفت بعض الخامات التي تحتاجها تسببت  في ضعف إقبال محبي الكروشيه و الأشغال اليدوية على منتجاتها .

 

لكن  شيماء -أم لطفلين- تحاول  البحث عن أفكار بسيطة ذات أهمية  بالخامات المتاحة في الأسواق تجذب محبي الأشغال اليدوية،  على حد قولها .  

 

 

فيما اضطرت مروة محمد لرفع الأسعار قليلا  عقب ارتفاع معظم  الخامات التي تستخدمها بشكل أساسي مثل:الشيفون ، الفسكوز ، القطن و الكريب بنسبة كبيرة بحيث تستطيع مواصلة مشروعها.

 

 

"فضلت أن أكسب هامش ربح من 20 إلى 30 جنيه في الفستان ، في مقابل عدم استخدم خامات أقل تؤثر بشكل ما على سمعة براءة"  و توضح مروة  أن رغم استهدافها للطبقة المتوسطةإلا أن بعض الفتيات تجدن الأسعار مرتفعة.

 

 

 ربما يكون جاليري العم روسي الأكثر تأثرا بقرار تعويم الجنيه،إذ توضح مي العمروسي صاحبة المشروع أن ما تنتجه ليس سلع أساسية،ومن يشتريها لا يحتاجها  لكنه يحبها.

 

 

للتغلب على معضلة ارتفاع الأسعار، تقول  مي :"العم روسي عنده ميزة أن أسعاره متفاوتة يعني فيه اللي يناسب الطبقة الفقيرة و فيه اللي يناسب الطبقة المتوسطة و المنتجات كلها مميزة و فيها فن يرضيهم".

 

 

 "كل يوم السعر بيتغير، لذلك الموضوع بقى صعب" تقول إسراء عثمان صاحبة جاليرينا لكنها تريد أن ترى  حقائبها تزين أزرع النساء،لذا حاولت التغلب على فروق الأسعار من خلال البحث عن خامات أسعارها مناسبة  حتى لا تضطر لرفع أسعار المنتجات  .

 

 

تستطرد إسراء التي تحلم بأن تكون منتجاتها سفيرا لمصر في الخارج: "أنا بحب اللي بعمله وكل قطعة في شغلي بعملها بحب و بالتالي محبش أبالغ في سعر الحاجة عشان توصل لكل الناس".     

 وقررت الحكومة في نوفمبر الماضي تحرير سعر صرف الجنيه و رفع أسعار الطاقة و إقرار ضريبة  القيمة  المضافة  على السلع  و الخدمات  ضمن برنامج الإصلاح الاقتصادي للحصول على قرض صندوق النقد الدولي البالغ 12 مليار دولار وتسلمت مصر دفعته الأولى في  منتصف نوفمبر الماضي.

 

 

لم تفكر أيا من الفتيات الأربعة اللجوء للصندوق الاجتماعي للتنمية الذي يمول المشروعات المتناهية الصغر،مي العمروسي تريد  أن تستقل تماما  عن الدولة  تكره فكرة  السلف في حد ذاتها،على حد تعبيرها.

   و ربما شيماء وإسراء و مروة يلجأن  للصندوق في مرحلة لاحقة من مشاريعهن  عندما يحتجن فيها هذا التمويل،  بحسب ما قالوه لـ"مصر العربية".

    بلغ عدد المشروعات المتناهية الممولة من الصندوق التي تخص المرأة خلال الفترة من عام 1992 وحتى ديسمبر 2016 حوالي 1.173.088مشروع متناهي بنسبة 56% من إجمالي عدد المشروعات بإجمالي تمويل قدره حوالي 3.4 مليار جنيه ، بحسب الموقع الرسمي للصندوق.

 

 

وتشمل البرامج التى يقدمها الصندوق لمساندة المرأة فى مجال التمويل متناهى الصغر : المرأة المعيلة و الإقراض الجماعي و ( الإقراض الجماعي و الحفاظ على التراث) .

 

 

و يبلغ  معدل  مساهمة  القوى العاملة في النشاط الاقتصادي في 2015 46% حيث يبلغ المشتغلون 24.8 مليون فرد منهم 79%ذكور و 20.5% إناث ، بحسب بحث القوى العاملة  الذي أعده الجهاز المركزي للتعبئة العامة و الإحصاء في يونيو 2016.

مقالات متعلقة