"لا تكفي لتغطية تكلفة الزراعة".. هكذا لخص المزارعون شكواهم من قرار مجلس الوزراء بتحديد سعر توريد القمح للموسم الجديد ما بين 555 و 575 جنيهًا للإردب.
فريد واصل، النقيب العام للفلاحين، قال في تصريحات لـ«مصر العربية»، إن قرار مجلس الوزراء بتحديد سعر شراء القمح من المزارعين بـ555 و575 جنيهًا، غير مُرض للفلاحين، والتجار الآن تتحرك مع الفلاحين للشراء بأسعار أعلى من السعر الذي وضعته الحكومة.
وأضاف واصل، أن الاتفاق تم الآن بين الفلاحين والتجار على شراء إردب القمح بـ 650 أو 670 جنيها للإردب، أي أكثر مما حددته الحكومة بـ 100 جنيه، مضيفًا: «كل اللي يهم الفلاح إنه يستفيد، فالأعباء تضاعفت، والفلاح يتأثر مثله كأي مواطن».
وتابع: «الحكومة لم تُراع معاناة الفلاحين في قراراها، وهذه مشكلتها وليس مشكلة الفلاح»، وأضاف: «الحكومة بتتشطر على الفلاح للتوفير في الميزانية، وإذا نظرنا إلى سعر القمح المستورد سنجد أنه أعلى من هذا السعر بكثير، ولا أفهم لماذا تدعم الحكومة الفلاح الأجنبي؟».
وأوضح النقيب العام للفلاحين أن هذا السعر سيؤدي إلى إحجام المزارعين عن زراعة المحصول العام المقبل، والاتجاه إلى الزراعات الأخرى، مما يهدد المحصول الاستراتيجي من القمح، مضيفًا: «على الدولة دعم الفلاح حتى لو كان ذلك على حساب الميزانية العامة للدولة، لأن القمح أمن قومي».
من جانبه، قال، عضو مجلس النواب عن محافظة المنيا، رائف تمراز في تصريحات صحفية، إنه على الحكومة بالأخص اللجنة الاقتصادية بمجلس الوزراء، أن تراعي حصول الفلاح على هامش ربح يتراوح بين30 إلى 50 جنيها فى الأردب، حتى لايهرب الفلاح فى عملية التوريد للمحصول من القطاع العام، ونكرر ما يحدث فى أزمة كل عام.
وتتجدد أزمة توريد القمح بين الفلاح والحكومة أول إبريل من كل عام، حيث اعتاد الفلاح توريد القمح مقابل دعم يعادل ضعف السعر العالمي تشجيعًا لزراعته، بما يكلف خزينة الدولة نحو ستة مليارات جنيه إضافية، بعد إخفاق الحكومة بسداد دعم نقدي لمزارعي القمح مقابل تحرير أسعار شراء المحصول لتواكب الأسعار العالمية.
ووفقًا لبيانات البورصات العالمية، فإن متوسط سعر طن القمح 227 دولارًا خلال العام المالي الحالي 2016-2017، بالإضافة إلى مصاريف تخليص ونقل داخلي، وتفريغ 260 جنيها للطن، كما يقول محمد عبدالفضيل، رئيس مجلس إدارة شركة فينوس إنترناشونال، من الشركات المستوردة للقمح في مصر.
وتبعًا لهذه الحسابات، فإن متوسط تكلفة الإردب المستورد، وفقًا لسعر الدولار وقت آخر صفقة تبلغ 712 جنيها، وإذا تمت إضافة 50 جنيها "على الأقل" كدعم لقيمة الإردب بحسب ما أعلنه وزير الزراعة السابق، فإن سعر الشراء من الفلاح المصري لن يقل عن 762 جنيها.
ويبلغ حجم الاستهلاك الفعلي للشعب المصري سنويا 15 مليون طن من القمح، يبلغ نصيب الفرد منها 180 كيلوجراما، وتشير الأرقام الواردة من وزارة الزراعة والمستندة إلى الحصر الفعلي للمساحات المزروعة، التي تبلغ 3.4 ملايين فدان، وتنتج نحو9.4 ملايين طن، إلى أن من المتوقع توريد أربعة ملايين طن للحكومة بقيمة 11 مليار جنيه مصري، بمعدل تراجع بنحو مليون طن عما تم توريده العام الماضي، لتزيد بذلك احتياجات مصر من القمح المستورد.
بدوره، قال الدكتور نادر نور، الدين الخبير الزراعي، إن 99٪ من قمح الفلاحين بدرجة نقاء 22.5 في القيراط لأن ماكينات "الدراس" البلدي التي تعمل على سير الجرار لا تسمح بدرجة نظافة أعلى من ذلك وسعّرته الحكومة بسعر 555، لذلك يشتري التجار القمح من الفلاحين وبعد ذلك يتم الاتفاق مع الحكومة على الأسعار الجديدة.
وأوضح في تصريحات لـ«مصر العربية»، أن الحكومة أعلنت أنها تشتري بالسعر العالمي للقمح، قائلًا: «الحكومة تستورد قمح درجة ثانية، لكن القمح المصري درجة أولى، والقمح الدرجة الأولى في الأسواق العالمية وصل سعره لـ 250 دولار بالإضافة لتكاليف الشحن، فيصل سعر القمح الدرجة الأولى العالمي لـ 650 جنيها».
وأضاف: «ليس من المعقول أن تشتري الدولة القمح من الفلاح الروسي بـ650 جنيه، وتشتري القمح المصري بـ 550 جنيه، وكان من الأولى توحيد السعر المحلي والمستورد، ويتم معاملة القمح المصري، قمح درجة أولى، لكن الحكومة حسبت السعر على الدرجة الثانية وهذا خطأ كبير».
وتابع: «العام الماضي كان السعر أعلى من السعر العالمي عندما كان سعر الإردب 420 جنيها، وكان هناك فرق في الطن حوالي 1000 جنيه، عن السعر العالمي، من المفترض أن ترفع الحكومة الدعم الذي وضعته العام الماضي (1000 جنيه)، لأن الدولار تضاعف سعره، العام الماضي كان الدولار بـ 8 جنيهات، وكانت الحكومة تشتري الإردب بـ420 جنيها من الفلاح، وعندما أصبح الدولار بـ18 جنيها، من المفترض أن تصبح الـ 420- 800 جنيه لأن الدولار تضاعف، لكن 550 جنيه كما أعلنت الحكومة، فهذا غير معقول».
وأنهى تصريحاته لـ«مصر العربية»، قائلًا: «كان على الدولة دعم الفلاح وليس العكس، لكي لا يشعُر أن الحكومة تشتري من الروسي والأوكراني بسعر أعلى من ابن بلدها».
الدكتور محمود منصور، أستاذ الاقتصاد الزراعي، قال في تصريحات لـ«مصر العربية»، إن قرارات القطاع الزراعي غير مدروسة وغير دقيقة لذلك تحدث هذه الكوارث، وكان من الضروري عرض القرار على لجنة من الاقتصاديين لمعرفة أفضل الطرق التي يتم التوصل بها لاتفاق دون خسارة للجانبين (الحكومة والفلاح)، مضيفًا: «ما نراه الآن هو قرار عشوائي».
وتخصص وزارة المالية في موازنة العام المالي الجاري 3.4 مليار جنيه لدعم مزارعي القمح، ما يكفي لدعم 68 مليون أردب بمبلغ الخمسين جنيها المشار إليه، وهو معدل إنتاج خيالي مقارنة بالسنوات السابقة، أو يمكن للحكومة دعم 34 مليون أردب بمبلغ مائة جنيه، وهو حجم الإنتاج الأقرب للمنطق.
وكانت الحكومة قد دعمت سعر الأردب فى الموسم الماضى بحوالي 170 جنيها، حيث اشترت القمح المحلي من المزارعين بسعر 420 جنيها، فى وقت بلغ فيه السعر العالمى ما يعادل 250 جنيها حينها.