أغلقت صفحة مفاوضات جنيف 4 حول سوريا دون أن تسفر عن نتائج محددة ليفتح المبعوث الأممي لدى سوريا ستيفان دي ميستورا صفحة جديدة بدعوة الأطراف المشاركة في المفاوضات السورية إلى جنيف 5 يوم 23 مارس المقبل.
دعوة دي ميستورا جاءت بعد أن أطلع مجلس الأمن على تفاصيل ما دار في جنيف4، وفي الجولة الخامسة من المفاوضات ستتمحور النقاشات حول الحكم والعملية الدستورية والانتخابات ومكافحة الإرهاب، وربما التطرق إعادة الإعمار، بحسب ما أعلن المبعوث الأممي.
الأستانة 3
وتأتي جنيف 5 بعد جولة جديدة من مباحثات الأستانة، وستعقد مشاورات الأستانة 3 بين الأطراف الضامنة لوقف إطلاق النار وهي روسيا وإيران وتركيا يومي 14 و 15 من الشهر الجاري.
ما يقلل التفاؤل من تصاعد الأرقام في جولات المفاوضات هي أن الأستانة 1 و2 اتفقت فيها الأطراف المشاركة على وقف إطلاق النار ولكن فعليا استمرت قوات النظام وحلفائها من الميليشيات الشيعية التي استقدمتها إيران من دول الجوار في استهداف مناطق المعارضة السورية واستمر القصف على غالبية المناطق بضوء أخضر روسي.
ولم يكن لجنيف 4 حسنة سوى أن روسيا ضغطت على النظام السوري لقبول مناقشة الانتقال السياسي في سوريا والذي كان خطا أحمر للنظام والروس سواء، رغم أن وجهة نظرهم من الانتقال ألا يكون رحيل بشار الأسد ضمنه، ودون ذلك واصل رئيس وفد النظام اتهام المعارضة بعرقلة المفاوضات.
غير مباشرة
وستكون مباحثات جنيف 5 غير مباشرة بين الأطراف المشاركة ما يعطي إيحاء بأن التعقيدات ربما لن تنفك في هذه الجولة.
وتصر المعارضة على تفعيل قراري مجلس الأمن 2118 التي حددت مسار الانتقال السياسي بإنشاء هيئة حكم انتقالية جامعة تخوَّل سلطات تنفيذية كاملة، وتعتمد في تشكيلها على الموافقة المتبادلة، والقرار 2254 الذي يقضي بالإفراج عن المعتقلين ورفع الحصار عن المناطق المحاصرة والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية، بينما يماطل النظام في ذلك.
إيجابيات
فراس الخالدي أحد المشاركين بوفد المعارضة في جنيف رأى أن "جنيف4" حققت أكثر من المتوقع وأقل من الآمال المعقودة عليها من الشعب السوري.
وفي حديثه لـ"مصر العربية" قال:" من حيث الشكل كانت أهم جولة تطرقت لتطبيق قرار مجلس الأمن ٢٢٥٤ وجلسنا مع وفد السلطة وجها لوجه من حيث الشكل على منصة واحدة، ووافق وفد السلطة على الشكل الإجرائي ومناقشة الانتقال السياسي رغم محولاته الهروب من نقاشه، ورغم انه أضاف سلة الاٍرهاب لكنه وضعت بالشكل العام وترك نقاش تفاصيلها للأستانة" .
كل هذا في وجهة نظر المعارض السوري حافظ على الزخم السياسي على مسار جنيف .
عرقلة
وتوقع الخالدي أن تكون هناك محاولات لعرقلة جنيف5 أو المماطلة من قبل وفد السلطة، ولكنه تمنى أن يضع الجميع آلام الشعب السوري وعذابه أمام أعينهم، وأن تكون بوصلتهم سوريا ووحدتها، مؤكدا أن التغيير هو الذي يؤسس لبناء "سوريا الأمل".
بينما كان لميسرة بكور رئيس مركز الجمهورية للدراسات وحقوق الإنسان السوري رأي آخر، فرغم اعتقاد البعض أن الدعوة لجنيف 5 خطوة مهمة وتسرع عجلة البحث عن حل سياسي في سوريا، إلا أنه أكد أن جنيف4 لم تخرج بشيء لذلك لا يجب التفاؤل بالجولة الخامسة.
جوفاء
وأضاف لـ"مصر العربية" أن أيام جنيف4 التسعة انقضت في البحث عن جدول أعمال وتأطير حلقات النقاش، لافتا إلى قرارات مجلس الأمن الدولي خاصة القرارين "2118 و 2254" كأساس لأي عملية تفاوضية تتم بشأن سوريا فلا داعٍ لكل هذه التفرعات.
وعن قبول وفد الأسد بمناقشة الانتقال السياسي ذكر بكور أن مندوب الأسد قبل بمناقشة هذا البند لأن الانتقال السياسي الذي يتحدث عنه وفد الأسد هو فقط تشكيل حكومة وحدة وطنية دون مناقشة مصير الأسد.
وتابع:" جنيف4 لم تقدم شيئا يذكر، ولم تفلح في إخراج معتقل واحد، وعوامل بناء الثقة لم يتم العمل بها وخير دليل على ذلك محاولة تهجير أهالي حي الوعر برعاية روسية".
موقف ضعف
واستطرد:" الحقيقة تقول إن روسيا ترفض رفضا قاطعا سقوط تنظيم الأسد وانتصار الثورة وهي مستمرة في الكذب والقصف دعما للنظام وتمضي الوقت بالتراشق بالكلمات، وتركيا تجد نفسها اليوم في مأزق بمنبج بين الكُرد والروس والأمريكان، وهذا يضعف موقف المعارضة ويقوي موقف الأسد الذي لم يتوقف عن القصف منذ 5 سنوات وهو مستمر في عملية القضاء على الثورة" .
ويؤمن مدير مركز الجمهورية للدراسات بأن ما أخذ بالدبابات لن تعيده الخطابات والحوارات، مردفا:" في زمن الطائرات المسيرة والصواريخ المجنحة علينا أن نكون صادقين مع الناس وأنفسنا جنيف بفصولها الأربعة، وميونخ وفيينا ولوزان وما بينهم من أستانة لم تقدم حل ولن تهدم كل من على شاكلتها مملكة الأسد ".
واختتم:" لا تنتظروا شيئا من جنيف ، والمعارضة اليوم في أسوأ حالتها بسبب ضعف الموقف التركي وقد سبق لزعماء المعارضة أن وضعوا كل البيض في سلة أردوغان وحذرناهم من قبل لكن للأسف لم يستجيبوا".