قبل نحو ثمان سنوات، انتزع موظفو مصلحة الضرائب العقارية حقهم في إنشاء نقابتهم المستقلة ، لكن القانون المنوط به تنظيم وضع النقابات المستقلة (ألف نقابة وفق تقديرات غير رسمية)، لم يخرج للنور حتى الآن.
وفي ظل الزخم الثوري الذي أعقب ثورة الخامس والعشرين من يناير، أعلنت وزارة القوى العاملة إصدار إعلان الحريات النقابية في مارس 2011، والذي استندت عليه مئات النقابات المستقلة في عملية التأسيس.
عقب صدور الإعلان الذي استند إلى المواثيق الدولية الخاصة بالحريات النقابية التي وقعت عليها مصر، توافقت أطراف مجتمع العمل على مشروع قانون التنظيمات النقابية، بعد حوار مجتمعي دعمته وزارة القوى العاملة، لكن هذا القانون ظل حبيس أدراج المجلس العسكري رغم موافقة حكومة عصام شرف.
وتوالت مناقشات قانون التنظيمات النقابية خلال تولي خالد الأزهري حقيبة القوى العاملة أثناء حكم الرئيس الأسبق محمد مرسي، أعقبها توافق القوى النقابية والعمالية حول مشروع قانون آخر للنقابات في عهد وزير القوى العاملة الأسبق كمال أبو عيطة في2013، إلا أن مصير ذلك المشروع لم يختلف عن سابقيه.
وفي 2014 نظمت وزيرة القوى العاملة ناهد العشري، جلسات حوار مجتمعي لإعداد مشروع قانون للتنظيمات النقابية، لكنه لم يحظ بتوافق عام.
وفي 2015 أصدر الوزير جمال سرور أكثر من نسخة لقانون التنظيمات النقابية دون حوار مجتمعي، ولم تخرج أي من مسودات هذا القانون للعلن، بالتزامن مع اتخاذ الحكومة حزمة إجراءات بهدف تحجيم نشاط النقابات المستقلة منذ نوفمبر 2015.
مؤخرا، أعد وزير القوى العاملة محمد سعفان، مشروعي قانون للنقابات العمالية؛ كان الأول في يوليو 2016 والثاني في يناير الماضي، باختلافات طفيفة بين المشروعين.
غير أن الوزير محمد سعفان قال في تصريحات صحفية في 22 يناير الماضي إن قانون المنظمات النقابية العمالية تم الانتهاء من إعداده في 27 أبريل 2016، واعتمده مجلس الوزراء وانتهى مجلس الدولة من مراجعته مطلع يناير الماضي.
وعلى الرغم من تأكيد قيادات الاتحاد العام لنقابات العمال في يوليو الماضي مناقشة مشروع القانون، بمجلس النواب خلال أيام قليلة إلا أن ذلك لم يحدث حتى اليوم.
وتتوقع قيادات نقابيةعدم مناقشة القانون في دور الانعقاد الحالي لمجلس النواب (ينتهي في يونيو المقبل)، وخاصة بعد موافقة المجلس على مد الدورة النقابية لعام آخر في يناير الماضي، بعد انتهاء مدة الدورة النقابية الماضية والتي سبق للبرلمان أن قرر مدها لستة أشهر في مايو 2016.
سبب تأجيل مناقشة مشروع قانون النقابات العمالية، يعود إلى "تخوف الحكومة من ردود فعل النقابة في حالة مناقشة القانون الذي يحمل الكثير من المخالفات الدستورية"، بحسب رفعت حسين عضو مجلس إدارة الاتحاد المصري للنقابات المستقلة.
ويضيف حسين لـ"مصر العربية" أن هناك خلافات بين الوزارة وممثلي الاتحاد العام لنقابات عمال مصر في لجنة القوى العاملة؛ متعلقة بالمادة الخاصة بعدم ترشح الذين وصلوا لسن الستين لمجالس إدارات النقابات العمالية، نظرا لأن بعضهم تجاوز الستين بالفعل، لذا مد البرلمان الدورة النقابية مرتين في عام واحد.
ويرجع صلاح الأنصاري منسق حملة الحريات النقابية تأجيل إقرار قانون النقابات العمالية خلال الخمس سنوات الماضية إلى عداء النظام للحركة النقابية المستقلة، لأنه يريد الحفاظ على تنظيم نقابي موال له، على حد قوله.
ويقول الأنصاري لـ"مصر العربية" إن طرح أكثر من نسخة لمشروع قانون النقابات العمالية أكثر من مرة خلال الفترة الماضية ربما يكون نوع مما وصفه بـ"جس نبض"الحركة العمالية لمدى تقبلها لمواد القانون الذي يضع قيودا على العمل النقابي و يفرغه من محتواه أم لا، بحسب تعبيره.
وكان النائب محمد وهب الله وكيل لجنة القوى العاملة والأمين العام لاتحاد نقابات عمال مصر، قد أرجع في حوار سابق مع "ممصر العربية تأخر إصدار قانون النقابات العمالية إلى اضطراب الأوضاع عقب ثورة 25 يناير و30 يونيو.
وقال وهب الله إن القانون من القوانين المكملة للدستور وبالتالي يحتاج إلى موافقة ثلثي أعضاء مجلس النواب، وهذا لم يتوفر خلال السنوات الماضية، إذ لم يكن هناك برلمان.
وبحسب وهب الله فإن الحكومة فكرت بشكل جاد في إصدار قانون النقابات العمالية بعد إقرار دستور 2014 الذي حدد وضع النقابات، لكنه تأخر نتيجة تعاقب أكثر من وزير على حقيبة القوى العاملة.
وتنص المادة 76 من دستور 2014 على :"إنشاء النقابات والاتحادات على أساس ديمقراطي حق يكفله القانون، وتكون لها الشخصية الاعتبارية وتمارس نشاطها بحرية وتسهم في رفع مستوى الكفاءة بين أعضائها والدفاع عن حقوقهم وحماية مصالحهم كما تكفل الدولة استقلال النقابات والاتحادات ولا يجوز حل مجالس إداراتها إلا بحكم قضائي ولا يجوز إنشاء أي منها بالهيئات النظامية".