أكثر من ٣ ملايين مواطن، اندرجوا ضمن الفقراء عقب قرار تحرير سعر الصرف فقط، من أصل 27.8% من المصريين الفقراء بحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، وهو مايراه مراقبون أنه بداية لتجدد الاحتجاجات الاجتماعية بين الحين والآخر.
733 احتجاج عمالي واقتصادي خرج خلال الثلاثة أشهر الأولى من العام الماضي ،بحسب مؤشر الديمقراطية لتحسين الأحوال المادية والاجتماعية،لكن مراقبون يتوقعون ارتفاعها خلال العام الجاري نتيجة وصول معدلات التضخم لمعدلات غير مسبوقة منذ ثلاثين عاما.
آخر الاحتجاجات التي شهدتها الساحة المصرية هي تظاهرات المواطنين بعدد من المحافظات اعتراضا على قرار وزير التموين بتعديل كميات خبز الكارت الذهبي لأصحاب البطاقات الورقية بدل الفاقد والتالفة والذين لا يملكون بطاقات ذكية، من 1500 رغيف إلى 500 رغيف كحد أقصى.
و تقول بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، إن نحو ٥٫٢ % من سكان مصر يعانون من الجوع، وهو ما يرجعه متخصصون لإلتزام حكومة المهندس شريف إسماعيل بروشتة صندوق النقد الدولي والتراجع الاقتصادي الحاد.
الدكتور حسام عيسي نائب رئيس الوزراء الأسبق يقول إن الساحة المصرية ستشهد مزيد من الاحتجاجات الاجتماعية في الفترة المقبلة، بسبب غلاء الأسعار وزيادة معدلات التضخم.
و أضاف لـ"مصر العربية" أن احتجاجات الخبز الأخيرة التي خرجت اعتراضا على قرار وزير التموين المتعلقة بحصة المخابز من الخبز خرجت ﻷن القضية تمس المواطنين بشكل مباشر، وجاءت في ظروف بالغة القسوة سواء على المستوى الاقتصادي أو السياسي.
ويتفق معه مدحت الزاهد القائم بأعمال رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي بأن الفترة المقبلة ستشهد مزيد من الاحتجاجات الاجتماعية ذات الطابع السياسية،وستكون موسمية وموقعية تتفجر من واقع المشكلات التي يواجهها المواطنون.
ويقول لـ"مصر العربية" إن حجم هذه الاحتجاجات لا يمكن توقعها لأنه لا يمكن توقع سيكولوجية الغاضبين وتصرفاتهم، لافتا إلى أنه من الوارد أن تتوسع مثل هذه الاحتجاجات لتشمل مدن صناعية، أو أحياء بعينها تعاني من مشكلة ما.
وبخصوص تكافؤ برامج الحماية الاجتماعية التي أقرتها الحكومة مؤخرا مع معدلات التضخم وارتفاع الأسعار أكد الزاهد أن شبكة الضمان الاجتماعي محدودة وغير كافية.
وذهب القيادي اليساري إلى أن الدعم التمويني على سبيل المثال تراجع ليشمل أربع سلع فقط، بواقع 21جنيها للفرد شهريا، وتم إعفاء عشرات السلع منه، لافتا غلى أن هذا المبلغ لا يكفي لشراء نصف كليو من العدس.
ويشير إلى أن الأمر لم يتوقف عند ذلك فبرنامج تكافل وكرامة الذي أقرته الحكومة على قرابة 484 ألف و 981 مواطن مستفيد بنحو 300 مليون جنيه، حسب آخر إحصاء، غير كافي لقلة المبالغ المقدمة، وعدم اشتماله على كل الفئات المحتاجه.
وبخصوص وحدات الإسكان الاجتماعي التي وفرتها الحكومة لبعض المواطنين لفت الزاهد إلى أنها ليست فى متناول يد الفقراء، فأقل قسط فيها يصل لـ25 ألف جنيه، كما أنها أقل من المستوى الذي كان يقدم في السابق كمدينة العمال على سبيل المثال التي بناها عبدالناصر في إمبابة، و15 مايو.
العدالة الاجتماعية
وأشار الزاهد إلى أن القضية ليست في زيادة عدد البرامج الاجتماعية لحماية الفقراء، لكنها متعلقة بتطبيق مبادئ العدالة الاجتماعية وإعادة توزيع الدخل، وتطبيق الحد الأدني للإجور، ومواجهة الفساد.
وألمح إلى أن ما يتم حاليا لا يمت للعدالة الاجتماعية بصلة، فرئيس الجهاز المركزي للمحاسبات يتم محاسبته ﻷنه كشف الفساد، ولم تطبيق الضرائب التصاعدية التي نص عليها الدستور،كما أن القرارات الأخيرة كلها منحازة للأغنياء على حساب غالبية المجتمعـ على حد تعبيره.
وعطفا على ما سبق رصدت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية والحريات، أن ما ينفقه الفرد المنتمي لأغنى 10% من المصريين يوازي 70 ضعف لما ينفقه الفرد في شريحة أقل 10% دخلا، وفقا لبيانات بحث الدخل والإنفاق، الذي يصدره الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء.
وفي السياق ذاته ذهب رفعت السعيد، رئيس المجلس الاستشاري لحزب التجمع إلى أن برامج الحماية الاجتماعية التي أقرتها الحكومة محدودة جدا.
وقال لـ"مصر العربية" إن مصطلح الحماية الاجتماعية مفروض على مصر من قبل صندوق النقد الدولي، لافتا إلى أن الأصل هو تحقيق العدالة الاجتماعية التي تتنافي في الأصل مع برامج الحماية.
وأضاف أن ما يسمح ببرامج الحماية يطبق على حي من الأحياء كتوفير شقق سكنية لأهالي بعض المناطق العشوائية كما حدث في حي الأسمرات، لكن بمقارنة المنتفعين من مثل هذا المشروع نجدهم نسبة ضئيلة جدا من المستحقين للدعم.
ولفت إلى أن الحماية تعمل فقط على محاولة إعانة بعض الناس على مواجهة الفقر وليس انقاذهم من ويلاته، والتي تتطلب تطبيق برامج تأمين صحي ومواجهة شبح البطالة بتوفير عمل دائم للأسر الفقيرة.
وحول جدوى مثل هذه الاجراءات في مواجهة الغضب الشعبي قال السعيد إن ذلك متوقف على الاجراءات الحكومية التي ستتخذ في الفترة المقبلة.
وتماشيا مع ما سبق كشفت دراسة حديثة للمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، أن 38.6% من المصريين يجدون صعوبة في دفع تكاليف العلاج، بينما 14.1% يجدون صعوبة في الحصول على الدواء، بينما 29.3% لا يجدون مكانًا قريبًا من السكن لتلقي العلاج.
وأوضحت أن 21.1% أجلوا الكشف أو العلاج عند المرض آخر عامين.
وبحسب الدراسة، فقد رأى (65.8%) من المواطنين أن الحكومة غير مهتمة بصحة المصريين، و(12.5%) أنها مهتمة إلى حد ما، في حين بلغت نسبة من أجابوا بأن الحكومة مهتمة 21.6%، و 68.2% يعرفون أن الحكومة تقدم خدمات صحية مدعمة أو مجانية للمواطنين.