قال المحلل الإسرائيلي للشئون العربية "آفي يسسخاروف" إن أجواء متفائلة للغاية تسود رام الله في ظل اللقاء المرتقب بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، معتبرا أن الأخير يمنح أبو مازن بذلك طوق النجاة السياسي، ويخرجه من عزلته، التي شارك نظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في إحكامها خلال الشهور الأخيرة.
ونقل في تقرير على موقع "walla” عن مصادر فلسطينية "مطلعة" أن ترامب خرج عن المألوف في اتصاله بأبو مازن الجمعة الماضية لمنحه شعورا إيجابيا. وأضافت المصادر :”لم تكن هذه مجرد دعوة رسمية للبيت الأبيض. أكد ترامب أنه يريد أن يكون أبو مازن ضيفه"، ولفتت المصادر نفسها إلى أن الرئيس الأمريكي كرر على مسامع أبو مازن، عبارة "نريد صفقة" في إشارة لاتفاق تسوية فلسطيني إسرائيلي.
الرسالة التي فهمها الفلسطينيون في رام الله كانت واضحة، ويقدرون هناك أن الرئيس الأمريكي لا يهذي، وإنما يسعى لوضع حد للصراع بين الطرفين، بحسب "يسسخاروف".
وتقول المصادر إن محادثات جرت مع مسئولين أمريكيين خلال الأسابيع الأخيرة كشفت أن ترامب ليس معنيا بفرض حل على الطرفين، لكنه في المقابل لا يريد أن يفرض أي من الجانبين حله الخاص. بكلمات أخرى، بدايةً يمكن أن ينسى الفلسطينيون الخطوات أحادية الجانب ضد إسرائيل، كذلك على الإسرائيليين أن ينسوا مسألة بناء المستوطنات وضم الأراضي الفلسطينية لسيادتهم.
الانطباع السائد في رام الله- بحسب الكاتب الإسرائيلي- هو أن الرئيس الجديد معني بشكل كبير بالاقتصاد الفلسطيني. فقد التقى ترامب ورموز إدارته منذ دخوله البيت الأبيض في 20 يناير الماضي الكثير من رجال الأعمال الفلسطينيين، بينهم الملياردير عدنان مجلي، الذي كان على ما يبدو قناة التنسيق بين البيت الأبيض والمقاطعة (مقر إقامة الرئيس الفلسطيني برام الله)، ويعد مرشحا لشغل منصب رئاسة الحكومة الفلسطينية.
وتابع "يسسخاروف":يبدو أن ترامب يواصل تعزيز سمعته كرجل أعمال، بشكل غير متوقع، أيضا على الساحة الفلسطينية. فبخلاف كل التوقعات وتقديرات المحللين، ترامب أبعد من أن يكون الضوء الأخضر الذي تمناه اليمين الإسرائيلي".
“صحيح أنه يبدو لطيفا بالنسبة لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ويرتبط السفير رون ديرمر بعلاقة مباشرة مع صهره جراد كوشنير، وبُثت الكثير من الإشارات على أنه لم يكن من قبيل المصادفة اتصال ترامب بنتنياهو أثناء التحقيق معه (يواجه نتنياهو قضايا فساد في إسرائيل)، لكنه ليس ترامب نفسه الذي تعهد بنقل السفارة الأمريكية للقدس، وبالتأكيد ليس نفسه مرشح الرئاسة الذي تمنى الكثيرون أن يسمح بالبناء في المستوطنات ويقضي بيديه على حل الدولتين". أوضح المحلل الإسرائيلي.
ورأى الكاتب أنه وفقا لكل الدلائل، سوف تبقى السفارة الأمريكية في شارع "هايركون" بتل أبيب على الأقل خلال السنوات المقبلة، مشيرا إلى أن الأهم من ذلك، وفقا لوزير الدفاع "أفيجدور ليبرمان" أن إسرائيل تلقت رسالة واضحة من الإدارة الأمريكية بعدم ضم مستوطنة "معاليه أدوميم" أو أي مناطق أخرى تفكر في ضمها، إن كان ينوي الحفاظ على علاقات جيدة مع الإدارة الأمريكية.
وخلص صحفي "walla” إلى أن "ترامب تحديدا هو من يعيد أبو مازن لمقدمة المسرح وهو من "يحيي" القضية الفلسطينية، ورئيس السلطة الفلسطينية الذي اعتبر منتهيا سياسيا. هذا نفسه أبو مازن الذي "ليس شريكا"، و"غير ذي صلة" و"لا يريد السلام" وبقية التصريحات التي سُمعت حوله في إسرائيل".
ولفت إلى أن إسرائيل لم تكن وحدها التي ترى الرئيس الفلسطيني على هذا النحو. فمصر أيضا التي كان رئيسها عبد الفتاح السيسي أول من هنأ ترامب بفوزه في الانتخابات، بذلت خلال الشهور الماضية ما بوسعها للإضرار بمكانة أبو مازن. فالقاهرة تحفر تحته علنا، وتساعد بأقصى قوتها خصمه السياسي محمد دحلان لتعزيز مكانته على حساب أبو مازن، بل وتقاربت القاهرة مع حركة حماس بقطاع غزة بهدف إسقاط الرئيس الفلسطيني.
"يسسخاروف" اعتبر أن ترامب يمنح أبو مازن إلى حد كبير طوق نجاة سياسيا ويخلصه من عزلته النسبية. وأنه سيكون من الصعب القول إن أبو مازن "ليس ذي صلة" في وقت يزور فيه البيت الأبيض ويلتقي هناك الرئيس ترامب.
وقال إن "جاسون جرينبلات" المبعوث الخاص لترامب- يهودي درس في المدرسة الدينية "يشيفات هار هتسيون" بإسرائيل- سيزور بعد غد الثلاثاء رام الله وإسرائيل، وذلك بعدما زار رئيس المخابرات المركزية الأمريكية (CIA) أبو مازن ورجاله.
وبحسب المحلل الإسرائيلي لا يمكن استبعاد إمكانية زيارة إيفانكا ابنة ترامب وزوجها كوشنير المنطقة في القريب واستضافة أبو مازن لهما.
ولفت إلى أن الرئيس الفلسطيني يحظى بدعم غير محدود من الملك الأردني عبد الله الثاني الذي يشكل من أجله لوبي في واشنطن، لذلك، لم يكن مصادفة أن دعا ترامب أبو مازن لزيارة البيت الأبيض. مشيرا إلى أن الملك عبد الله تحدث مرتين مع أبو مازن خلال الـ 24 ساعة التي أعقبت حديث الأخير مع ترامب، ما يعد حدثا استثنيائيا بكل المقاييس.
الخبر من المصدر..