تباينت ردود الأفعال حول مقترح مصطفى بكري، عضو لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بالبرلمان، بمد سن المعاش للقضاة إلى 72 عاما.
ورأى قضاة سابقون، أن المقترح إما "رشوة" أو "مجاملة" للقضاة، مشيرين إلى أن تطبيقه يزيد الأعباء المالية على خزانة الدولة، مؤكدين أن الحل في الدفع بشباب القضاة وتعيين المحامين الحاصلين على إجازة دكتوراة بالقانون.
مصطفى بكري، برر مقترحه بأن هناك حاجة ضرورية لمد سن معاش القضاة للتخلص من العجز الموجود في قضاة الاستئناف والنقض، مشيرا إلى أن الدستور أوجب أن تكون الجنايات على مرحلتين فى الفترة المقبلة، وهو ما سيخلق عجزا كبيرا في أعداد القضاة.
وأضاف بكري، لـ "مصر العربية"، أن الهدف من المقترح هو سد العجز بعد تطبيق النص الدستوري بأن تكون الجنايات على مرحلتين، وهو ما يعرض القضايا المنظورة أمامهم إلى استهلاك توقيت أكبر.
وأكد، أن مقترحه منطقي في ظل احترام دستور مصر المتوافق عليه بأغلبية من قبل الشعب المصرى، لافتا إلى أن هذه الرؤية معمول بها فى العديد من دول العالم، وسيعمل على تحقيق العدالة الناجزة .
وبشأن تخوفات البعض من هذا المقترح خاصة من النواحى الصحية قال بكرى:"سيتم الخضوع لكشف طبى يحدد آليات المد، وهل مايعانى منه أي قاضى يؤثر على عمله أم لا"، مشددا أن هذا التخوف تم دراسته بشكل دقيق.
وتعليقا على المقترح، قال محمد عطا سليم، عضو اللجنة التشريعية والدستورية بمجلس النواب، إن حل إشكالية العجز في عدد القضاة ليس بمد سن المعاش، منوها إلى أنه كلما ارتفع سن القاضي زادت درجته المالية، وتطبيق هذا المقترح يزيد عجز الميزانية.
وأشار النائب، إلى أن هناك حلولا أخرى منها تقليل عدد القضاة في بعض الدوائر التي تعمل بـ 6 قضاة أو أكثر بحيث تكتفي بثلاثة فقط، وزيادة أيام العمل بالنسبة لدوائر الاستئناف إلى 8 أيام بدلا من 6 أيام في الشهر، والدوائر التي تعمل يومين فقط في الأسبوع تزيد إلى ثلاثة.
كما اقترح، أن يكون هناك قضاة متخصصون، وهو ما يحقق أداء أحسن وقدرة على الإنجاز وتراكم أسرع للخبرات، مشددا على ضرورة تفعيل القانون المعطل منذ 10 سنوات بشأن قبول المحامين كقضاة لسد العجز.
ورفض المستشار أحمد مكي، وزير العدل الأسبق، مقترح مد سن المعاش، واصفا إياه بـ "رشوة" للقضاة القائمين، لافتا إلى أنه أثناء توليه المنصب كان يعارض كل مقترحات مد سن المعاش.
ونوه مكي، إلى أن راتب القاضي يمثل أضعاف أضعاف معاشه، واستمراره في الخدمة بعد الـ 60 عاما يزيد الأعباء المالية على الميزانية.
ورأى وزير العدل الأسبق، أن مد سن المعاش يفوت الفرصة على الشباب، مؤكدا أن العجز الحقيقي في عدد القضاة الشباب.
واعتبر أن الشباب الأجدر على العطاء والترقي من شيوخ القضاة.
واتفق معه المستشار رفعت السيد، رئيس محكمة جنايات القاهرة الأسبق، مشددا أن هناك حاجة إلى قضاة من الشباب وليس الشيوخ، موضحا أن القاضي الشيخ الذي بلغ سن الـ 70 أصبح بحكم الزمن والصحة والكفاية ذا جهد محدود، وبالتالي الفائدة التي يمكن أن يتم تحصيلها منه محدودة للغاية.
وقال السيد، إن شيوخ القضاة يمكن الاستفادة منهم في مراكز الدراسات القضائية لتدريب القضاة أو إلقاء محاضرات لشباب القضاة لنقل الخبرات، أما استمرارهم في العمل في هذه السن المتأخرة ليس مناسب.
وأردف، أن الراتب الذي يحصل عليه شيخ القضاة قد يحصل عليه أكثر من قاضي في الأربعينات من عمره، لأنه في نهاية الخدمة يصل إلى أقصى راتب، ومن ثم مد سن المعاش يزيد الأعباء على خزانة الدولة .
وتابع السيد:"أن الحل سهل وهو ضرورة تعيين عشرات الآلاف من القضاة سواء بطريقة النقل من الهيئات القضائية الأخرى أو المحامين الحاصلين على دكتوراة أو ماجستير بعد إعدادهم فنيا في مراكز الدراسات القضائية لفترة لا تقل عن سنة، وبهذا تتحقق العدالة الناجزة".
واعتبر، أن مقترح مد سن المعاش قد تكون مجاملة للقضاة أنفسهم أو بعض القيادات العاملة حاليا حتى يستمروا في عملهم فترة أطول أو لأسباب أخرى، مضيفا "الحق بين وواضح".
واستطرد:"ليس من منطق العقل أن يفضل العالم الشيخ من القضاة بكل ما توفر له من ضعف في الصحة بحكم عوامل الزمن والضغوط على هؤلاء من القضاة أو المحامين الحاصلين على إجازة الدكتوراة في القانون".
وتساءل:"هل من المتصور أن نلجأ نحن إلى الشيوخ ونهمل الشباب حتى يصلوا إلى سن الشيخوخة ثم نفكر في الاستعانة بهم؟".
حالة من الجدل شهدتها لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بالبرلمان، على خلفية اقتراح للنائب مصطفى بكرى عضو اللجنة بمد سن معاش القضاة لـ 72 عاماً بدلاً من 70 عاماً كما هو معمول به فى القانون، بدعوى سد العجز فى محاكم الاستئناف والنقض خلال الفترة المقبلة.