أنهكتني إهمالًا.. ديكتاتورية الإناث في قهر قلوب الرجال

غلاف رواية انهكتني اهمالا

"لأن ما في الرواية أشـياء تحس، تؤلم، تبكي ولا تنسـى، يجب أن تقرأوا الرواية بالقلوب لا بالعيون، بالمشاعر لا بالكلمات، فبعض السطور قد تتشابه، ولكنّ ما في داخلها من أمل، ألم، فرح، أو حزنٍ كان، يختلف كمّاً ونوعاً".. بهذه الكلمات قدم الكاتب الشاب إبراهيم جيعان، روايته "أنهتكتني إهمالاً"، والصادرة مؤخرًا عن الآن ناشرون وموزعون، في عمّان. وأضاف إبراهيم جيعان، "كلنا نعلم جيداً أنّ الأوجاع تختلف باختلاف الأماكن، فتجد ذاك يبكي في قصـر باريسـي وحوله آلاف الدولارات، وآخر يبكي في كوخٍ تكاد خشبات جدرانه تنهار من شهقة بكائه، الأول يبكي لسبب، والآخر وجد سبباً آخر للبكاء، حينَ تختلفُ الأماكنُ تختلفُ كمية الأوجاعِ التي تهطل مع الدموع المنهمرة".

ويرى جيعان، إنه يكتب أول رواية له في تاريخ الحب، أول رواية تحكي عن الرجال وقلوبهم النقية الطاهرة؛ مشيرًا أن كل من كتب عن الحب ظلم الرجال، ولوث معنى إخلاصـهم في الحب، ولربما من بين مجموعة الدوافع التي قذفته لعالم الكتابة، هو أن يكتب لأفصـل مفاهيم الحب ولينصـف الرجال، وليقطع ديكتاتورية الإناث في هذا الكوكب. وتثير الرواية التعاطف مع هذا المحب المعذّب، وتروي قصة حب طالب جامعي من طرف واحد، لفتاة تصر على إهماله، حتى بعد وقوعها في شرك، الإعجاب بكتاباته، دون أن تدري -ضمن مجموعات الصداقة على الشبكة العنكبوتية- ومع ذلك يظل يذوب هيامًا بها، ويتدفق قلمه رسائل حب لا تنتهي. ويخاطب تلك الفتاة التي عذبت بطل روايته: "أشعر أنكِ قريبة مني إلى الحد الذي يجعلني لا أراكِ جيداً، كأن تكوني في منتصـف وجهي بين عيني، كأنكِ تتعمدين إرهاقهنّ؛ بعيدة إلى الحد الذي يجعلني لا أراكِ أبداً، كأن تكوني أميرةً، ترتدي فستاناً أسودَ في ليلةٍ كحلاء قاتمة السواد، تكادُ لا ترى فيها أصـابعَ يدك.  

قد كانت حكايتي معك مُقلَّصـة إلى الحد الذي لم أعِ فيه هل كانَ لقاؤنا قصــيراً إلى الدرجة التي لم ندرك فيها أنها كانت البداية، فحسبناهُ وداعاً لا لقاءً؟ أم كان لقاؤنا الأول هو نفسه لقاؤنا الأخير؟ في الوقت نفسه قد كانت حكايتي معكِ طويلة إلى الحد الذي شعرت فيه أني شختُ وهرمت، وأنَّ عمري قد ضاع في مُطاردتك لا أكثر، أشعر أني حينَ أهمُّ بالكتابةِ، لن تكفيني الأبجدية، وسـيضـيعُ زخم المشاعر بينَ ركاكةِ الحُروف وقلّتها، قد لا أجدُ أحياناً ما أعبّر فيه عن حالتي بالثمانية وعشـرين حرفاً، وأحياناً أخرى لا تُسعفُني الكلمات في تصـوير ما كنتُ أشعر به حقّاً".

وتقع الرواية في 180 صفحة، كتبت بلغة شاعرية تتفجر ألمًا وحزنًا. من أجواء الرواية:

"حقاً أنت وطني الذي أسمي كل بعد عنه غربة، أنت رؤيتي وما سواك عمى، أنت كل أحلامي وما سواك كوابيس، أنت إلهامي وما سواك ضـياع.

كيف يقدر الشخص أن يكون بلا رؤى، بلا وطن، بلا حلم، أو إلهام.

كانت الوداعية في ليلة قمرها ليس قمراً، كان يشكو نقصـاً، كانت عتمة الحزن طاغيةً على ملامحه، ودموع الوداع حابسةً نوره". وختم الكاتب روايته بملخص تحت عنوان: "خمس حقائق ونصـف خارجة عن النص"

الحقيقة الأولى:

أحياناً، وبتصـرفٍ بسـيطٍ منكِ، ألعن نفسـي يوم ظننتُ سوءاً بطيبتك، كأنك تبتسمين مع صديقاتك في لحظة عبر وجهك علي.  

الحقيقة الثانية:

ذات صدفة - وقبل أن أعترف لها بُحبي بعد- جلست على معقد بجانبي، شعرت أنها تقترب مني لدرجة تسمعني همس أنفاسها، فرحت، فرحتُ من كل أعماقي، لا أدري إن كان جلوسك متعمداً، أم هي مجرد صدفة خدمتني، إنكِ لا تعرفين أن أقصـى أمنياتي في ذاك الحين، لم تتجاوز الجلوس بقربك حتى لو كان بدون إحساس، أو بافتعال الصدفة، حتى لو كان رغماً عنك ورغماً عن القدر والحظ، أعرف أنك لم تتخيلي يوماً أن أحلام عاشقك بسـيطة لهذه السخافة.  

الحقيقة الثالثة:

شعرتُ أنك بجلوسك السابق إلى جانبي تودين إيذائي أكثر، ربما فكرت بخبث النساء وكيدهن، إنك تدركين جلياً أن الحرمان من تكرار تذوّق لذةٍ أذهلك طعمها في المرةِ الأولى، أصـعب من الحرمان من تذوقِ لذة تتمناها وما زلت لا تعرف طعمها، لحدّ الآن أشعر أنك قصـدت فعل ذلك لزرع مزيد من الأحلامِ والآمال التي تتعلقُ بكِ في داخلي، إنك تنوين أن تتركينني لأكمل عمري رهين حُلمٍ بأن تتكرر هذهِ الجلسة مرةً أخرى.  

الحقيقة الرابعة:

إن ما مر في السنواتِ الأخيرة من عذابٍ ووجعٍ وخذلان كان ليلي الموعد، لقد كان يصـاحبني كل ليلةٍ حتى الصـباح ثم يرحل، يرحل لحينٍ تخذلينني فيه برسالة، أو بنظرة عبوس تشطر قلبي.  

الحقيقة الخامسة:

حينَ كنت أكتب، ما كان بيدي من حيلة، ولا في وَسعي أن أفعلَ شـيئاً، سوى أن أجاملَ كرامتي بقليلٍ من الأسطر في هذهِ الرواية. أظنّ أن كلَّ ما قلت مدَّعياً قدرتي على عصـيان قلبي، قد كان كَذباً وَمجردَ حبرٍ على ورق، إنَّ ما في قلبي يتقطعُ إرباً إرباً شوقاً إليها، وإنَّ حديثها أشبهُ بقصـر من ذهب يُهدى لفقير.

مقالات متعلقة