ينتظر أحمد وأبناء عمومته منذ عشرة أيام قرب مخيم للنازحين في بلدة حمام العليل جنوب الموصل، للحصول على مكان وسط مئات الخيم التي تنتشر في المكان وتأوي نازحين فروا من المعارك التي تشهدها ثاني مدن العراق.
ويقول أحمد، وهو خمسيني ممتلئ الجسم، يرتدي دشداشة تقليدية بيضاء ويضع سترة رصاصية طويلة فوقها، ويعتمر كوفية: "هذا كابوس، لا توجد مخيمات لاستقبالنا كلها ممتلئة".
وفرّ عشرات آلاف المدنيين من المعارك التي تشهدها الموصل ومناطق حولها، بين قوات عراقية تنفذ عملية لاستعادة المدينة من سيطرة تنظيم داعش، ولجأوا إلى مخيمات للنازحين في مناطق متفرقة حول المدينة.
وإزاء التدفق المتواصل للنازحين، امتلأت المخيمات بسرعة. ووصل أحمد واثنان من أبناء عمومته وعائلاتهم، الذين يشكلون مجموعة من 18 شخصاً، وعشرات العائلات النازحة الأخرى إلى المخيم، لكنهم لم يجدوا سوى مكان خال في مواجهة مخيم حمام العليل، ينتظرون فيه وسط رياح قاسية.
وثبت القادمون قطعة من البلاستيك الأبيض والأزرق على أعمدة لتحميهم من هبوب الرياح المتواصل، وافترش الأطفال والنساء الأرض وهم يرتدون ملابس النوم، على أغطية نوم متسخة بالتراب.
وتناثرت حولهم أغراض حملوها معهم: أكياس من الأرز وعبوات ماء، بالإضافة إلى بضع دجاجات.
ويقول حسن الذي فرّ من المعارك في منطقة بادوش إلى الشمال من الموصل: "لا ندري إلى أين نذهب. الجو بارد هنا".
وقامت منظمات إنسانية مستقلة بتأمين أغطية وفرش من الإسفنج للنوم.
ومن بين النازحين، عبد القادر، أحد سكان حي وادي حجر في غرب الموصل، الذي فرّ من القتال ولجأ إلى بادوش (شمال غرب الموصل)، لكنه وجد نفسه وزوجته وأولادهما السبعة، مرة أخرى دون مأوى.
ويقول عبد القادر: "إنهم يقدمون الآن الطعام، لكن هناك عدد كبير من النازحين، لذلك لا توجد خيم".
68 ألف نازح
ونزح أكثر من 68 ألف شخص من غرب الموصل منذ 25 فبراير، وتوجهوا إلى مخيمات تتوزع حول المدينة، وفقاً لمنظمة الهجرة الدولية.
وتقول المتحدثة باسم المنظمة هالة جبر حول الأزمة في الموصل: "لم نصل بعد إلى درجة عدم إمكانية استقبال النازحين"، مشيرةً إلى "تواجد خمسين مخيماً للنازحين في عموم محافظة نينوى التي كبرى مدنها الموصل".
وتضيف أن "عدداً كبيراً جداً من الأشخاص يصلون كل يوم، وهناك إجراءات تدقيق يجب أن تتخذ من جانب الحكومة، أحياناً يتطلب الأمر انتظار يوم أو يومين".
وتقول المتحدثة باسم المجلس النروجي للاجئين المشرف على إدارة مخيم حمام العليل ميلاني ماركهام: "سيكون هناك مكان لحوالي 30 ألف شخص بتوفير نحو أربعة آلاف خيمة"، مشيرةً إلى "افتتاح موقع جديد خلال الأسابيع المقبلة. في غضون ذلك، تواصل حافلات المرور خلف ماركهام، وهي تقل مئات النازحين، ينزلون منها وينتظرون في ساحة واسعة خارج المخيم في انتظار أن يتم تأمين مأوى لهم".
ويقول عمر أحمد عباس (22 عاماً) الذي وصل إلى المخيم مع عائلته المؤلفة من 12 فرداً منذ عشرة أيام، "هناك أربع أو خمس عائلات في كل خيمة، الشباب والرجال ينامون في الخارج".
وكان الشاب يستعد لإنهاء دراسته الثانوية قبل الالتحاق بالجامعة ليصبح مدرساً على الأرجح، لكن تنظيم داعش سيطر على الموصل في يونيو 2014، ما أجبره على التوقف عن الدراسة. ويقول عباس: "سابقاً كانت لدينا أحلام ضاعت الآن".
وفيما تتساقط أمطار غزيرة تحول ممرات مخيم حمام العليل إلى مستنقعات، يحاول ثلاثة أطفال يتنقلون بلباس النوم، التخلص من الوحل العالق بأحذيتهم البلاستيكية، عبر السير في برك المياه المتجمعة في كل مكان.