حفتر يسعى للسيطرة على قاعدة الجفرة بعد استعادة الهلال النفطي

قوات الجيش المنبثق عن مجلس النواب المنعقد في طبرق

الحملة العسكرية التي أطلقتها القوات المنبثقة عن مجلس النواب في طبرق بقيادة خليفة حفتر، أمس الثلاثاء، وبالرغم من أنها أعلنت سيطرتها على كامل منطقة الهلال النفطي، إلا أنها توعدت سرايا الدفاع بملاحقتهم إلى غاية بلدة هراوة القريبة من مدينة سرت غربا وإلى الجفرة جنوبا، مما يطرح التساؤل حول أهداف حفتر ما بعد معركة الهلال النفطي.

 

علي سعيد، أحد قيادات القوات المنبثقة عن مجلس النواب في طبرق (شرق) الذي يقوده حفتر، يشير للأناضول، من منطقة الهلال النفطي، إلى تحشيد عسكري كبير لقوات حفتر، حيث توافدت للمنطقة عدة كتائب منها: 110، 319، الصاعقة، الجويفي، 106، الجوارح، مديرية أمن أجدابيا، الإسناد الأمني أجدابيا، حرس الحدود، حرس المنشآت النفطية (الموالي لحفتر)، بالإضافة إلى المتطوعين من أهالي المنطقة، ويقود كل ذلك غرفة عمليات سرت الكبرى.

 

فالمنطقة الممتدة من مدينة أجدابيا شرقا إلى مدينة سرت غربا، على مسافة تزيد عن 300 كلم من خليج سرت، تعتبر تاريخيا المنطقة "الرخوة" وسط الساحل الليبي، المطل على البحر المتوسط (شمال).

 

وتتميز هذه المنطقة بعدة مفارقات، فبالرغم من أنها تضم 80% من الثروة النفطية للبلاد، إلا أنها تفتقد لانتشار سكاني هام، ولا توجد بها مدن كبيرة سوى بلدات صغيرة، أو مدن صناعية صغيرة تضم عائلات العمال، والتي نشأت بالقرب من الموانئ النفطية ومصانع تكرير النفط، وعدد السكان في هذه المنطقة الغنية والشاسعة قد لا يتجاوز 1% من إجمالي السكان.

 

عسكريا، تشهد المنطقة صعوبة في تثبيتها، حيث شهدت خلال الحرب العالمية الثانية (1939- 1945) عمليات كر وفر بين قوات الحلفاء وقوات المحور، والأمر ذاته خلال الثورة على نظام القذافي في 2011، حيث شهدت أيضا كر وفر بين الثوار والكتائب الأمنية للقذافي، لأنها تفتقد لموانع طبيعية من جبال وغابات (باستثناء بعض الوديان الجافة)، فهي صحراء منبسطة ومن يملك أسلحة ذات مدى أطول، تكون له اليد الطولى في المنطقة دون أن يعني ذلك سيطرة دائمة على المنطقة.

 

فحفتر، سيطر على الموانئ النفطية خلال أيام قليلة، في سبتمبر 2016، بفضل تحالفه مع صالح الأطيوش، شيخ قبيلة المغاربة المنتشرة في المنطقة، لكنه خسر ميناءين نفطيين هامين مطلع مارس الجاري، بالسرعة ذاتها، مما يعكس أن الذي يسيطر على المنطقة يقف على رمال متحركة.

 

ويرى مراقبون، يقول بعضهم إنهم مقربون من حفتر، أن الهدف من كل هذا التحشيد ليس لاستعادة السيطرة على الموانئ النفطية فقط بل التقدم للسيطرة على قاعدة الجفرة الجوية، التي تنطلق منها قوات سرايا الدفاع، وتشكل خطر مستمر على الهلال النفطي.

 

وأهمية قاعدة الجفرة، حسب مراقبين، تكمن في عدة نقاط؛ أولها أن صد أي هجوم الآن لسرايا الدفاع على منطقى الهلال النفطي، لن يجدى نفعا طالما أنهم متمركزون في قاعدة الجفرة، فسيعيدون الكرة متى ما سنحت لهم الفرصة، وهو الأمر الذي حدث فعلا أكثر من مرة خلال الأشهر الماضية.

 

الأمر الأخر أن حفتر، يطمح للسيطرة علي كامل الجنوب الليبي، وهذه خطة بدأ تنفيذها بالفعل المدة الماضية، وسيطر على بلدة زلة الغنية بحقول النفط (شمال شرق محافظة الجفرة)، بالإضافة إلى قاعدة براك الشاطئ الجوية (قاعدة مهجورة شمال مدينة سبها جنوب غربي البلاد)، لكن تلك السيطرة لن تكتمل إلا بالسيطرة على قاعدة الجفرة، لقطع الطريق بين قوات مصراتة شمالا (أكبر المناهضين لحفتر) وبين الجنوب الليبي وقطع أي إمداد قد يصل إي قوات مناهضة هناك".

 

كذلك في حال سيطر حفتر على الجفرة، فستتمكن حتى أقل طائراته كفاءة لديه وأكثرها قدما من شن غارات جوية على أي منطقة سواء غرب أو شرق أو جنوب البلاد، دون أن تضطر للتزود بالوقود في الجو، لأن قاعدة الجفرة تقع في منتصف ليبيا تحديدا.

 

وتستمد قاعدة الجفرة أهميتها من أمرين؛ الأول كونها تقع في وسط البلاد بالضبط، وثانيها لأن القذافي حين أنشأها فترة حكمه كان ينوي جعلها مقر لقيادته الخاصة، لذلك تتمتع القاعدة ببنية تحتية قوية جدا تجعلها أكثر الأماكن تحصنا.

 

ويدرك حفتر أنه لن يستطيع السيطرة علي قاعدة الجفرة المحصنة أو طرد سرايا الدفاع منها باستخدام الطيران الحربي فقط، كما فعل أكثر من مرة على مدى الأشهر الثلاثة الماضية، لذلك يسعى حفتر، "لضرب عصفورين بحجر"، استعادة السيطرة على موانئ النفط ومطاردة المهاجمين إلى الجفرة، من خلال هجوم بري جوي يمكنه من بدء المعركة الأخرى للسيطرة على القاعدة بشكل نهائي.

 

أما سياسيا، فيرى من تحدثت إليهم الأناضول من سياسيين ليبيين حول أحداث الهلال النفطي، أن حفتر، سيستغل هجوم السرايا على الهلال النفطي ذريعة للتقدم إلى الجفرة، أو أي منطقة أخرى يهمه السيطرة عليها، دون أن يتسبب ذلك في موجة استنكار كما كانت في المرات السابقة على الأقل من قبل أهالي الجفرة، الذين سيحتاج ولاءهم بعد السيطرة على القاعدة.

 

أما عن المعلومات المتواترة التي تفيد بزيارة حفتر للقاهرة لطلب دعم مصري، قال أحد السياسيين الليبيين أن الزيارة صحيحة ولكنها ليست لطلب الدعم لحسم معركة الهلال النفطي، فالقوة موجودة، لكن زيارة المشير للقاهرة كانت لتدارس الأمر أكثر، ولوضع القاهرة في صورة الأحداث لأنها الداعم الأول لقواته.

 

و"سرايا الدفاع عن بنغازي" تضم عدة وحدات عسكرية ومقاتلين من شرقي ليبيا، من بينهم ضباط وجنود في الجيش على رأسهم العميد مصطفى الشركسي، وقادة كتائب من مجلس شورى ثوار بنغازي، وغرفة عمليات ثوار أجدابيا، وقوات إبراهيم جضران القائد السابق لحرس المنشآت النفطية (من قبيلة المغاربة).

مقالات متعلقة