إسرائيل اليوم: مزاعم الوجود الروسي في سيدي براني تذكر ببدء اجتياح سوريا

قوات روسية في سوريا

قال المحلل السياسي الإسرائيلي "آرئيل بولشتاين" إن التقارير التي نُشرت مؤخرا حول انتشار قوات روسية غرب مصر على الحدود مع ليبيا، والنفي الروسي "المراوغ" وغياب رد غربي فوري، تذكر بأجواء بدايات التدخل الروسي في سوريا.

 

وزعم "بولشتاين" - وهو من أصول سوفيتية- أنه لن يكون من المستبعد حصول الروس على قاعدة عسكرية في مصر، لافتا في مقال نشرته صحيفة "إسرائيل اليوم" اليوم الخميس 16 مارس "بعنوان "الطريق الروسي لتكثيف النفوذ"، إلى أن هذا الاحتمال مازال ضعيفا في ظل "تعصب" المصريين لسيادة أراضيهم، لكنه لن يكون مستبعدا في المستقبل.

 

كانت وكالة "رويترز" للأنباء نشرت  مؤخرا تقريرا يؤكد وصول العشرات من الجنود الروس لقاعدة عسكرية مصرية في سيدي براني غرب البلاد، تمهيدا للتدخل في ليبيا، لصالح الجنرال المتقاعد خليفة حفتر، وهو ما قوبل بالنفي من قبل روسيا ومصر على حد سواء.

 

إلى نص المقال..

يصعب التخلص من الشعور بـ"ديجا فو" (وهم سبق الرؤية) إزاء الأخبار التي تتحدث عن وجود قوات روسية على الحدود المصرية الليبية. أخبار غامضة عن القليل من الجنود الروس، نفي مراوغ من قبل متحدثين رسميين روس، غياب رد غربي فوري وحاسم- بهذه الطريقة بالضبط بدأت مشاركة الروس في الحرب الأهلية السورية.

 

في الكرملين يعرفون تحديد أي صدع يمكن من خلاله لوريثة الإمبراطورية السوفيتية التغلغل في مناطق المواجهة لزيادة نفوذها. لا تتطابق الاضطرابات المتواصلة في ليبيا منذ سقوط القذافي مع الوضع السائد في سوريا عشية الدخول الروسي، لذلك فإن تدخل الروس هناك لن يصل على ما يبدو لمستويات التدخل في سوريا. لكن لا يمكن تجاهل عدد من نقاط التشابه بين الساحتين.

 

أولا، ليبيا كسوريا بالضبط، كانت في السابق عضوا في المعسكر الموالي لروسيا. يسعى الروس أن يثبتوا لشركائهم في المستقبل أنه وعلى عكس الدول الغربية، التي دائما ما تغير أولوياتها بالمنطقة، فإن روسيا بوتين حليفة مخلصة ومتسقة لا تتراجع عن دعم الأصدقاء.

 

يبث الروس رسالة مفادها "لسنا كالولايات المتحدة، لن نترككم في وقت الضيق". يتلقى الكثير من الزعماء الرسالة. الرئيس المصري، الذي جرب تغير الطقس في واشنطن، تلقى الرسالة بالطبع.

 

 

ثانيا، ومثلما كان في سوريا، فإن حالة الفوضي في ليبيا إشكالية أيضا بالنسبة لدول أوروبا، لذلك يقدر الروس أن دخولهم بشكل تدريجي للساحة، لن يواجه باعتراض غربي شديد. ربما يعترض الأوربيون على تعاظم القوة الروسية، لكن حال استقرت الأوضاع في ليبيا، بشكل يضمن لهم تقليص المهاجرين الذين يحاولون الوصول للقارة، فإن أحدا لن يعترض.

 

 

ثالثا، الموقع الإستراتيجي لليبيا وسوريا يجعل كل واحدة منهما هدفا مطلوبا. بما في ذلك الدخول إلى ليبيا من شأنه أن يمنح الروس موطئ قدم متزايد ودائم في حوض البحر المتوسط، مثلما منحها التدخل في سوريا بقاء دائما في الميناء العسكري بطرطوس. لذلك فإن تغلغل الروس في ليبيا- إذا ما كان سيحدث فعلا- لا يتوقع أن يكون حدثا عابرا.

 

“النموذج السوري" بدا في عيون الروس ناجحا، ومن غير المفاجئ أنهم يريدون نسخه، بتغييرات معينة، إلى ساحة أخرى. في وقت يكتفي الغرب فيه بمتابعة الأحداث، لا تتردد روسيا في التشمير عن ذراعيها والانحياز لطرف. في سوريا دعمت بشار الأسد، في ليبيا، الجنرال خليفة حفتر. اختيار الشريك أبعد ما يكون عن اعتبارات الأخلاق والعدالة، وهو ما لن تجدوه لدى أي من الفصائل المتناحرة في سوريا وليبيا. روسيا على استعداد للعمل مع مراكز القوة التي تريد التعاون معها.

 

 

لن يكون من المستغرب إذا ما رأينا بعد تعميق تدخل روسيا في ليبيا تزايد وتيرة علاقاتها مع مصر. كان الروس بالتأكيد يسعون أيضا للفوز لقاعدة دائمة في أرض الفراعنة. الآن، ذلك الاحتمال مازال ضعيفا (المصريون متعصبون لمفهوم السيادة). لكن في المستقبل ربما لن يكون مثل هذا السيناريو بعيدا عن الواقع.

 

 

لا يدور الحديث فقط عن وجود مادي في مكان أو آخر، بل بشكل تطمح روسيا في الظهور به أمام العالم. لم يكن من قبيل الصدفة أن يدفع الروس بعد دخول عسكري وتحسين المواقف خطوات مصالحة وتسوية، تجرى بالطبع تحت رعايتهم. وضع دولة في موقع الحكم أو الوسيط في الصراعات، هو جزء لا يتجزأ من خصائص الدولة العظمى. وهذا بالتحديد ما يسعى الروس لتحقيقه.

 

الخبر من المصدر..

مقالات متعلقة