مصير «ساكي» و«كرويف» يهدد مستقبل جوارديولا

كرويف وساكي وجوارديولا

"عندما تفقد الاتصال بلاعبيك، فيجب عليك كمدرب الإدراك بأن الوقت حان للرحيل، كانت هذه الهزيمة قاسية فعلًا بالنسبة لي، شعرت بأنه لم يعد بإمكاني المحافظة على الصلة التي تربطني بفريقي" - بيب جوارديولا، المدير الفني لمانشستر سيتي الإنجليزي، في 2014 واصفًا سبب رحيله عن برشلونة الإسباني.

 

وُصف بيب بالـ "فليسوف" بعدما قدّم نقلة هائلة في كرة القدم حينما تولى تدريب برشلونة الإسباني في 2008 لينقل النادي من القاع للقمة في عام ونصف فقط.

 

وبعد 4 مواسم ناجحة في القلعة الكتالونية، ودّع بيب الفريق ليرتاح عامًا يعود بعدها للتدريب من بوابة بايرن ميونخ الألماني ثم يتوجه لإنجلترا مع مانشستر سيتي.

 

14 بطولة في 4 مواسم في البلوجرانا، ثم نصف هذه البطولات (7) في 3 مواسم مع البافاري، وتخبط وخروج مبكر من دوري الأبطال في أولى مواسمه مع السيتزنز.

 

رواية من ثلاثة فصول، لم يكن بطلها الأول جوارديولا ولكنه - ربما - الثالث، ففي مرحلة التسعينيات تكررت القصة ذاتها مع اثنين من أساطير التدريب في العالم، الأول هو أستاذ بيب الهولندي يوهان كرويف، والثاني هو الإيطالي أريجو ساكي.

 

وكأي رواية لها بداية ومنتصف ونهاية، "ستاد مصر العربية" يقصها في السطور القادمة.

 

البدايات: انطلاقة بيب التاريخية

 

مع ساكي وكرويف، بدأت الرواية بصورة كلاسيكية، مقدمات بسيطة دون ضجة لم تنذر بالعاصفة القادمة.

 

ساكي انطلق من نادي تشيزينا تحت 19 عامًا في العام 1977 ثم استمر مع الأعمار الصغيرة في ريميني ثم فيورنتينا ثم بارما، حتى قرر أخيرًا أن يظهر كمدربًا للفريق الأول ولكن في ميلان موسم 1985/1986.

 

بداية ساكي لم تكن الأفضل، فحقق لقبًا واحدًا فقط وهو الدوري الإيطالي في 1988 ولكنّه كان كافيًا، فتحولت طريقة لعبه إلى 4-4-2 بعد أن كانت الطريقة السائدة وقتها 3-5-2 لتكون بداية لمعجزات تحققت مستقبلًا.

 

أما كرويف، فانطلق في مرحلة التدريب مع أياكس الهولندي في موسم 1984/1985 ليحقق لقب الكأس فقط مرتين متتاليين ومن بعدها بطولة كأس الكؤوس الأوروبية في 1987 قبل أن يشد الرحال إلى برشلونة حيث انطلاقته الحقيقية.

 

جوارديولا رفض أن تكون بدايته بهذه الطريقة التقليدية، فبعد عدد من المباريات السيئة للفريق، فرض أسلوب التيكي تاكا نفسه على برشلونة وأتى فريقه على الأخضر واليابس وسحق ريال مدريد بنتيجة 6-2 قبل أن يتوج بالسداسية التاريخية.

 

جوارديولا بدأ الرواية من منتصفها حيث ذروة الأحداث، وحصد 100% من الألقاب التي نافس عليها ليصنف نفسه كأحد أفضل المدربين في التاريخ.

 

الوسط: ذروة الأحداث

 

"الفرد أقل من الفريق" هكذا خطط ساكي مع ميلان ليعتمد على الضغط العالي واللامركزية، فالفريق يهاجم ككتلة واحدة ويدافع ككتلة واحدة، حتى أنّ اللاعبين كانوا يتدربون بدون كرة فيما عُرف باسم "Shadow Football"، والذي استغرق فترة لحصد ثماره.

 

أسلوب الضغط العالي الذي تميز به الإسبان والهولنديين، مع القوة الدفاعية الإيطالية جعل ميلان هو الفريق الأفضل في مرحلة التسعينيات ليحصد لقب دوري أبطال أوروبا مرتين متاليين في 1989 و1990 والسوبر الأوروبي بعدها ثم لقب الإنتركونتينتال مرتين.

 

وفي إسبانيا، عاد كرويف لبيته الكتالوني ليشكل فريق الـ "Dream Team" الذي انتصر على ريال مدريد بخماسية نظيفة وحقق لقب الدوري الإسباني 4 مرات متتالية منذ 1990 حتى 1993 بجانب لقب دوري أبطال أوروبا الأول في تاريخ برشلونة في 1992 ولقب الكأس 3 مرات في 1992 و1993 و1995 بجانب السوبر الأوروبي في 1992.

 

8 سنوات حقق فيها كرويف مع النادي الكتالوني إعجازًا، والأهم هو دعمه لمدرسة اللاماسيا، أكاديمية الفريق، والتي أخرجت بعد ذلك عددًا من النجوم أبرزهم كارلوس بويول وتشافي هيرنانديز.

 

ورغم حمى البدايات لبيب مع النادي الكتالوني، إلا أنّه عانى في موسمه الثاني قليلًا ليعود لقوته في موسم 2010/2011 ويحقق خمس بطولات من أصل 6 ممكنة، قبل أن تأتي نهاية أول فصل في روايته بقلعة الكتلان عام 2012 بخسارة الدوري لصالح ريال مدريد والخروج من تشيلسي في نصف نهائي دوري أبطال أوروبا ليحقق فقط لقب الكأس.

 

وبعدها ارتاح المحارب بيب لموسم ليعود من بوابة بايرن ميونخ، ولكنّها لم تسر كالمتوقع.

 

تحقيق 7 بطولات في 3 مواسم إنجاز كبير، ولكن ليس في بايرن ميونخ مع جوارديولا، فالخروج المتتالي لثلاث سنوات من نصف نهائي دوري أبطال أوروبا أحرج جوارديولا وأطاح به من النادي البافاري.

 

النهاية: الاكتفاء والمرض

 

رحل ساكي من ميلان بعد قصة ناجحة أوروبيًا، ليتولى تدريب منتخب إيطاليا ويصل لنهائي كأس العالم 1994 قبل أن يخسره لصالح المنتخب البرازيلي.

 

ثم عاد بعدها للميلان دون إنجازات تذكر قبل أن يتوجه لإسبانيا مع أتليتكو مدريد ولم يكرر النجاح الذي حققه مع الروسونيري فيعود أدراجه لإيطاليا مع بارما قبل أن يعلن نهاية قصته التدريبية.

 

وبالعودة لكرويف، تدهورت الحالة الصحية للأسطورة الهولندية بسبب التدخين الشره وأعلن انتهاء قصته التدريبية واللجوء للراحة بعدما قدم من أفكار كروية جعلته يقول : "سأظل خالدًا في كرة القدم حتى بعد موتي".

 

أما جوارديولا، فقصته لم تنته، ولكن بوادر النهاية جاءت بالخروج لأول مرة في تاريخه من ثمن نهائي دوري أبطال أوروبا.

 

ساكي لم يحقق إنجازات تاريخية سوى مع ميلان، وكرويف ظهر بصورة طيبة مع أياكس واكتشف مواهب شابة لكنّه يظل الأب الروحي لبرشلونة بتأسيسه فريق الأحلام.

 

فهل تكون نهاية قصة جوارديولا مماثلة؟ أم يحدث تغيير مفاجيء في الأحداث لصالح الفليسوف يجعل لروايته فصولًا أخرى؟

مقالات متعلقة