أنماط الشخصيات مختلفة ومتنوعة، ولكل نمط صفاته الخاصة سواء كانت سلبية أو إيجابية، ويندرج تحت هذه الأنماط الشخصية السيكوباتية، وهي شخصية مثيرة للجدل، ويعد الكذب أول وأهم صفة في هذه الشخصية، لذلك هي تسبب الكثير من المشاكل في العلاقات الزوجية وفي الحياة بصفة عامة.
ويرى الدكتور محمد المهدي استشاري الطب النفسي والأستاذ بجامعة الأزهر أن هذه الشخصية "صعبة جدا ومثيرة للمشاكل، فوفق التقسيم الخامس للأمراض النفسية اللي صدر سنة 2013 جاء هذا النمط تحت اسم الشخصية المضادة للمجتمع، وفي اسمين أدرجوا تحت هذه التسمية، وهما الشخصية السيكوباتية والشخصية السوشيوباتية".
وأضاف المهدي في مقطع مصور عبر صفحته على فيسبوك: "هذا الشخص يتميز بأنه شخص كذاب، والكذب أول وأهم صفة في الشخصية المضادة للمجتمع، وهو مخادع وماكر ومتلون وانتهازي ينتهك حقوق الآخرين، ولا يراعي مصالحهم، ويتوجه نحو تحقيق أهدافه الشخصية فقط دون مراعاة لمصالح أي حد تاني".
وأوضح الاستشاري النفسي أن صاحب هذه الشخصية: "لا يهتم ولا يتألم ولا يشعر بالذنب حين يفعل شيئا خطأ، ولا يهتم بالقوانين والقواعد والأصول والأعراف، وهو شخص انتهازي يبحث عن طرق تحقيق مصالحه، ولا ينتمي للمجتمع الأوسع بقوانينه وأعرافه وقواعده وأخلاقياته، وإنما ينتمي لمجموعة قليلة من الأشخاص أو فئة من الفئات، ويحقق مصالح من ينتمي إليهم دون النظر إلى مصالح الناس عموما أو إلى القواعد العامة والأخلاقيات".
وأشار المهدي إلى أن صاحب الشخصية السيكوباتية لا يشعر بالذنب، ولا يتألم إذا قام بالاعتداء على أحد أو أضر بأحد، وبالتالي لا يتعاطف مع الضحايا، لافتا إلى أنه "أعصابه باردة جدا وقد يبدو هادئا في كثير من الأحيان، وعلى الرغم من الشراسة والقسوة الداخلية إلا أنه يبدي حالة من التعاطف والدفء العاطفي، وقد يظهر عواطف أحيانا تبدو فياضة".
وتابع المهدي: "في اللقطات الصغيرة ممكن تشوفه شهم أو منقذ أو جدع وقد تنبهر به، بعضهم يبدو ساحرا على الرغم من أنه له تاريخ طويل من الجرائم والمشاكل، ومن هنا بيقدر هذا الشخص أن هو يمارس النصب والخداع والاحتيال للناس حتى للمثقفين والمتعلمين والخبراء في التعامل مع البشر".
ولفت المهدي إلى أن "بعضهم بيكون قليل الحظ من التعليم ويعيش في ظروف بيئية صعبة وينتمي للطبقات الفقيرة، والبعض الآخر يكون قد نال حظا من التعليم، وربما تجده في الطبقات العليا من المجتمع وفي الوظائف العليا، وهم ما نسميهم بالسيكوباتي المهذب أو أصحاب الياقات البيضاء لأن شكلهم مهذب ولطيف، ولكنه بيمارس كل الصفات السيئة ولكن بشكل متقن".
وقال أستاذ الطب النفسي: "الشخصية السيكوباتية لديها قدرة على الإتقان؛ لو عمل جريمة يتقنها كويس بحيث أن محدش يمسك عليه أدلة.. لو عمل مصيبة تلاقيه مظبطها كويس بحيث أنها تبدو وكأنها شيء مشروع جدا أو أخلاقي جدا".
وكشف المهدي الفرق بين الشخصية السيكوباتية والسوشيوباتية، قائلا: "الشخص السيكوباتي ده عنده مشكلة في الجينات وفي فسيولوجية المخ وفي تركيبة المخ تجعله بهذا الاضطراب، ولكن السوشيوباتي المخ والجينات مفيهمش حاجة ولكن بسبب طريقة التربية تعرض لصدمات كثيرة واضطهاد في فترة الطفولة، وتعرض لحرمان من احتياجاته الأساسية في فترة الطفولة أدت به إلى ذلك".
ويرى المهدي أن "هذا الشخصيات تسبب معاناة كثيرة في المجتمعات، وزاد انتشارها في المجتمعات الحديثة نتيجة لعوامل كثير منها؛ التلوث البيئي، انهيار القواعد الأخلاقية، غياب القدوة"، لافتا إلى أن "الناس الذي يظهرون على السطح في الإعلام أو في سطح المجتمع عموما يفتقدون للقدوة وبالتالي أصبحت الرموز التي تظهر على السطح مفتقدة للقدوة، ومن هنا زادت السمات السيكوباتية والسوشيوباتية والسمات المضادة للمجتمع".
وأضاف الاستشاري النفسي: "أصحاب هذه الشخصيات لهم حضور واضح في المجتمع وفي وسائل الإعلام العالمية المختلفة، وبالتالي بيدوا نماذج لهذه السلوكيات المضطربة للناس، وبعض الناس بيعتقدوا أن صفات الشخصيات السيكوباتية والسوشيوباتية هي الصفات المؤهلة للنجاح؛ نظرأ لأن بعض هذه الشخصيات تتبوأ مراكز مرموقة في المجتمعات المختلفة".