دعا رئيس "جبهة الخلاص الوطني" المسلحة بدولة جنوب السودان، النائب السابق لرئيس هيئة الأركان للخدمات اللوجستية، الفريق "توماس شريلو"، إلى حوار بين كافة أطراف الصراع "في دولة محايدة ليشارك الجميع بحرية ودون مخاوف"، متهما الرئيس سلفاكير ميارديت بكتابة "شهادة وفاة اتفاق السلام"، ومعتبرا أن الدولة لن تستقر ما لم يغادر السلطة "حتى يتوقف نزيف الدماء". وخلال كلمة له، يوم الجمعة الماضي، طلب سلفاكير من شعب جنوب السودان مسامحته على كل الأخطاء التي ارتكبها في حقه. لكن حكومة جوبا عامة تتهم الجماعات المسلحة، بقيادة ريك مشار، النائب المقال للرئيس، بالعمل على الاستيلاء على السلطة، وترويع وتشريد المواطنين، ونهب ممتلكاتهم. وهو ما ينفي المتمردون صحته. وفي أول مقابلة له مع الإعلام منذ انشقاقه عن الجيش، 11 فبراير الماضي، قال "سريلو" للأناضول إن "عوامل انهيار الدولة قد اكتملت، والرئيس سلفاكير (الذي ينتمي إلى عرقية الدينكا) يتحمل المسؤولية، إذ تفشى الفساد والمحسوبية، وجرى اختزال السلطة والثروة في مجموعة صغيرة محيطة بالرئيس، وأصبحت العصبية والقبلية مشروع الدولة العاجزة". واعتبر أن "الأوضاع في جنوب السودان يستحال فيها العيش، في ظل استمرار مجاعة تتهدد الشعب، وغياب الدولة، وتغول المليشيات؛ ما جعلني أخرج من جنوب السودان لقيادة كفاح مسلح للإطاحة بحكومة جنوب السودان". ورافضا الحديث عن تأثيرات دول المنطقة في الصراع بجنوب السودان، قال "شريلو": "لا أريد الدخول في سياسة المحاور للقوى الإقليمية، وعلى دول الإقليم الوقوف على مسافة واحدة من أطراق الصراع في جنوب السودان". ومنذ ديسمبر 2013 تشهد جنوب السودان، التي انفصلت عن السودان في يوليو 2011 عبر استفتاء شعبي، حربا أهلية بين قوات الرئيس سلفاكير ومسلحين مواليين لمشار؛ ما تسبب في معاناة إنسانية زادت المجاعة من حدتها، حيث يعاني قرابة 100 ألف شخص في ولاية الوحدة (شمال) من المجاعة، التي تهدد نحو خمسة ملايين من السكان البالغ عددهم حوالي 11 مليون نسمة. واعتبر "شريلو" أن "حكومة جوبا تتحمل أوضاع جنوب السودان من تشريد ونزوح ومجاعة تتهدد الملاين من شعب الجنوب، وعلى المجتمع الدولي والإقليمي إنقاذ شعب جنوب السودان من كارثة إنسانية ستحل به في ظل استمرار الوضع الحالي". ** حوار في الخارجفي ظل الأزمات الداخلية بجنوب السودان، دعا سيلفاكير، في 14 ديسمبر الماضي، إلى "حوار وطني"، من المنتظر عقده خلال أيام، لتسوية كافة القضايا الخلافية بين الحكومة والمعارضة، ولا سيما المشاركة في السلطة وتداولها سليما. وترفض جوبا مشاركة الجماعات المسلحة في هذا الحوار. وهي دعوة اعتبر "شريلو"، الذي أعلن عن "جبهة الخلاص الوطني" المسلحة الثلاثاء الماضي، أنها "مسرحية للالتفاف على اتفاق السلام والتنصل من التزاماته، فقد كتب سلفاكير شهادة الوفاة لاتفاق السلام، الذي تم التوصل إليه، برعاية دول الهيئة الحكومية لشرق إفريقيا (إيغاد)، أغسطس 2015"، بعد مقتل عشرات الآلاف وتشريد قرابة 3.4 مليون نسمة. وقضى هذا الاتفاق بتشكيل حكومة وحدة وطنية، وهو ما تحقق بالفعل في 28 أبريل/نيسان 2016، غير أن الاتفاق انهار إثر معاودة قوات سيلفاكير ومشار الاقتتال في العاصمة جويا، يوم 8 يوليو 2016؛ ما أسقط أكثر من 200 قتيل، بينهم مدنيون، إضافة إلى تشريد قرابة 36 ألف شخص. وقال "شريلو" إن "الحوار غير ممكن في ظل استمرار الاقتتال والاستحواذ على السلطة وفقدان الثقة بين الأطراف الجنوبية.. يجب أن يكون الحوار خارج جنوب السودان في دولة محايدة ليشارك الجميع بحرية ودون مخاوف". ** مظلة شاملة للمعارضةوكشف رئيس "جبهة الخلاص الوطني" المسلحة عن "اتصالات ستتم مع قادة المعارضة الجنوبية، وعلى رأسهم رياك مشار، بهدف إقامة مظلة شاملة تجمع المعارضة لإنقاذ شعب جنوب السودان، الذي تحاصره الحروب والمجاعة".وخلفا لمشار، عين سلفاكير، في يوليو الماضي، نائبا أول له بالوكالة هو "تعبان دينق"، الذي ينتمي، مثل مشار، إلى قبيلة النوير. ومعلقا على هذه الخطوة، اعتبر "شريلو" أن "دينق ومجموعته أخطأوا التقدير، ووقعوا في مصيدة نصبتها حكومة جوبا لضمان تمسكها بالسلطة.. رؤيتنا كحركة ثورية جديدة هي أن جنوب السودان لن يستقر ما لم يغادر الرئيس سيلفاكير حتى يتوقف نزيف الدماء". ومضى قائلا إن "الإطاحة بالحكومة الحالية أصبح أمرا حتميا بالنسبة لجبهة الخلاص الوطني.. والانشقاقات في جنوب السودان هي جزء من انتفاضة قادمة ستضع حدا لمعاناة شعب لم يذوق طعم الحرية منذ الاستقلال". ** حرب مقبلةعن عملية اشنقاقه وتشكيله "جبهة الخلاص الوطني"، قال النائب السابق لرئيس هيئة الأركان: "خططت للخروج من جنوب السودان مع مجموعة كبيرة من الجيش وسياسيين لتشكيل حركة ثورية تضع حدا لهذه لمأساة الشعب". وتابع بقوله: "فكرة انشقاقي وتشكيل حركة جبهة الخلاص الوطني بدأت قبل عام 2013، عندما شعرت بنوايا حكومة جنوب السودان لإدارة الدولة.. وسبب تأخر إعلان حركتنا كانت الآمال المعقودة على اتفاق السلام وأن تغير الحكومة منهجها في الحكم، وعندما تأكد استحالة ذلك قررت الانشقاق والإعلان عن حركة مسلحة جديدة". وأعلن "شريلو" عن "انضمام مجموعات كبيرة من قوات (قبيلة) المورلي ومليشيات الكوبرا في ولاية بوما بمناطق البيبور الكبرى بجنوب السودان (لم يحدد عددهم أو أسمائهم)"، معتبرا أن "انضمام قوات الكوبرا سيعزز الجبهة في الحرب المقبلة ضد حكومة جنوب السودان". وبشدة، رفض الكشف عن أماكن تواجد قواته، قائلا إن "أسبابا أمنية تستدعي عدم الكشف عن عدد القوات ولا أماكنها". ** خطط عسكرية ودبلوماسيةوعن خططه للمرحلة المقبلة، قال رئيس "جبهة الخلاص الوطني" إن "برنامجي في المرحلة القادمة يرتكز على توعية جماهير شعب جنوب السودان وتعبئتها في الداخل والخارج وتنظيم وترتيب القوات لخوض المواجهة". وأضاف أن "ترتيبات اكتملت لقيادة حملة دبلوماسية ستقوم بها القيادة السياسية والدبلوماسية للقاء قادة دول الإقليم والمجتمع الدولي والمعارضة الجنوبية الأخرى للتشاور بشأن مستقبل جنوب السودان". وكان "شريلو" برر انشقاقه باتهامه الرئيس سيلفاكير وقيادة الجيش بإدارة الجيش على أسس عرقية، وتعطيل تنفيذ بنود اتفاق السلام، وفرض أجندة قبلية، لتفيذ سياسة تطهير عرقي لصالح الدينكا. ومنذ اشنقاقه قدم كل من الفريق بافينج منجتويل، نائب رئيس أركان الجيش لشؤون التوجيه، والجنرال هنري أوياي نياقو، المستشار العام، مدير القضاء العسكري، والجنرال خالد أونو، وهو مستشارا بالقضاء العسكرى، استقالتهم من الجيش، متهمين أيضا نظام سلفاكير بـارتكاب جرائم حرب وتطهير عرقي، وانتهاك الرئيس لبنود اتفاق السلام. وهي اتهامات علق عليها "اتينج ويك اتينج"، المتحدث باسم سلفاكير بقوله، في تصريح سابق، إن "هذه اتهامات غير حقيقية.. فالجيش مؤسسة قومية تضم جميع القوميات والعرقيات.. وإذا كان الجيش تابع لقومية الدينكا، فلماذا قبلوا بالعمل فيه من البداية؟".