الموازنة الجديدة| ديون وعجز.. وصندوق النقد «يحكم»

موازنة 2017- 2018 تشهد أكبر عجز في تاريخ مصر

أكد خبراء استطلع "مصر العربية" آراءهم على تزايد أعباء الموازنة العامة للدولة خلال العام 2017- 2018 في ظل الاعتماد على الاقتراض المحلي والخارجي لسداد عجز الموازنة، والتي فشلت مساعي الحكومات المتعاقبة في الحفاظ عليه عند حدوده الآمنة، وتوقع البعض أن العجز سيتراوح بين 400 إلى 500 مليار جنيه حسب الإجراءات التي ستطبق، وكأكبر قيمة للعجز في تاريخ الموازنة.

 

وأضاف الخبراء، أن الموازنة ستتوسع في أدوات الاقتراض سواء السندات الدولية أو القروض من المؤسسات الدولية، فضلا عن إصدارات أذون وسندات الخزانة الحكومية.

 

وقال هاني توفيق، الخبير الاقتصادي والرئيس السابق لجمعية الاستثمار المباشر، إن موازنة العام المالي المقبل قد تشهد أعلى قيمة لعجز الموازنة مدفوعة بارتفاع مصروفات خدمة القروض الحكومية التي يمكن أن تزيد بنحو 100 مليار جنيه.

 

وأشار توفيق إلى أن العجز قد يصل إلى 500 مليار جنيه، مع ارتفاع تكلفة الاستيراد على الموازنة في ظل السعر المضاعف للدولار مقارنة بالعام الماضي، خاصة على السلع التموينية المستوردة والقمح والمواد البترولية.

 

وقال إن ارتفاع معدلات التضخم لمستويات قياسية أعلى من 30% قد يدفع الحكومة إلى التأني قبل رفع الدعم عن المواد البترولية أو اتخاذ مزيد من الإجراءات التقشفية، إلا أن الالتزام ببرنامج صندوق النقد الدولي يحول دون التوسع في برامج الدعم.

 

وتابع الخبير الاقتصادي: "موازنة مصر تعتمد بشكل أساسي خلال السنوات الخمس الأخيرة على الاقتراض من الداخل والخارج لسداد العجز والذي يتزايد عاما تلو الآخر في ظل تراجع المؤشرات الاقتصادية".

 

وتلجأ وزارة المالية لطرح أذون وسندات خزانة بقيمة تتجاوز تريليون جنيه سنويا، وتوجه 90% من الإصدارات لسداد استحقاقات سابقة، فيما توجه 10% فقط لسداد العجز.

 

ونجحت مصر في التوصل لاتفاق مع صندوق النقد الدولي في نوفمبر الماضي وحصلت على قرض بقيمة 12 مليار دولار، حصلت على الشريحة الأولى بقيمة 2.75 مليار دولار، ووجهت لسداد عجز الموازنة، إضافة إلى طرح سندات دولية بحصيلة بلغت 4 مليارات دولار، وبحسب وزير المالية قد تلجأ مصر للاستدانة من الأسواق الخارجية مرة قبل نهاية 2017.

 

وأوضح هاني توفيق أن إحكام الرقابة في تحصيل الضرائب وغلق قنوات التهرب الضريبي قد يحقق دخلا إضافيا يصل إلى 400 مليار جنيه يساعد في خفض الاقتراض الحكومي وسداد العجز.

 

وقال محلل الاقتصاد الكلي لدى شركة فاروس للأبحاث رامي عرابي، إن الحكومة ملتزمة ببرنامج اقتصادي مع صندوق النقد يستهدف خفض عجز الموازنة بشكل تدريجي ليصل إلى 4% بحلول 2021.

 

وأضاف "عرابي" أن الموازنة توجه تحديات عدة على صعيد ارتفاع المصروفات الحكومية، واستحواذ مصروفات الدين والأجور على أكثر من 60% من النفقات العامة، لافتا إلى أن الحكومات التى أعقبت ثورة يناير 2011 فشلت في الالتزام بمعدلات العجز عند مستوياتها الآمنة نتيجة لتوقف حركة الاقتصاد.

 

وأوضح أن الحكومة ملتزمة بزيادة مخصصات التعليم والصحة والبحث العملي وفقا لبنود الدستور، ما يزيد عبء تدبير المصروفات الإضافية، كما أن العجز بأي حال من الأحوال لن يتجاوز 400 مليار جنيه.

 

ويبلغ عجز الموازنة العامة للدولة خلال العام الجاري نحو 319.5 مليار جنيه ( يعادل نحو 9.8% من الناتج المحلي الإجمالي)، مقابل 339.5 مليار جنيه ( تعادل 11.5% كنسبة للناتج المحلي.

 

لكن وزير المالية عمرو الجارحي، أكد أن عجز الموازنة سيرتفع كنسبة للناتج المحلي الإجمالي إلى 10.2% بالعام المالي الجاري متأثرا بتحرير أسعار الصرف ورفع أسعار الفائدة 3%.

 

وسجل عجز الموازنة نحو 174.6 مليار جنيه في النصف الأول من العام المالي الحالي 2016-2017؛ وهو ما يشكل نحو 5.4% من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بعجز بلغ 172.5 مليار جنيه (ما نسبته 6.4% من الناتج المحلي الإجمالي في مصر) بالنصف المماثل من العام المالي الماضي.

 

وفي بيان لرئيس الوزراء شريف إسماعيل ذكر أن مصروفات الموازنة تتجاوز 1.1 تريليون جنيه، مقابل نحو 975 مليار جنيه متوقعة بالعام المالي الجاري.

 

وأوضح مصدر مسؤول بوزارة المالية في تصريحات لـ"مصر العربية"، إن العجز المتوقع يتراوح بين 9.5 – 9.9% من الناتج المحلي الإجمالي، فيما يقدر الناتج المحلي نحو 4.2 تريليون جنيه.

 

وأضاف المصدر أن الموازنة تستهدف زيادة حصيلة الضرائب بنحو 30 مليار جنيه، لتبلغ 463 مليار جنيه مقابل 433 مليار جنيه متوقعة بالعام المالي الجاري.

 

وقال المصدر إن ضبط النفقات العامة واصدار مزيد من التشريعات هدف رئيسي للحكومة للحصول على الشريحة الثانية لقرض صندوق النقد، متوقعا الانتهاء من مناقشة الموازنة في مجلس الوزراء منتصف الأسبوع تمهيدا لإقرارها وإحالتها لمجلس النواب قبل 1 ابريل المقبل.

 

من جانبه قال أحمد ذكرالله، استاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر، إن الصندوق سيتدخل في أدق تفاصيل الموازنة، وهو يعرف أن الحكومة تحت ضغط كبير فما زال التلاعب الروسي بورقة السياحة لكسب أكبر أرباح ممكنة مستمر، وما زالت إيرادات قناة السويس تتراجع، لذلك الحكومة مضطرة للاستجابة لشروط النقد.

 

وأضاف ذكرالله، خلال تصريحات خاصة لـ"مصر العربية" أن الدولة مضطرة للخضوع لأوامر الصندوق، والتي ستتمثل في مزيد من الضغط علي الطبقات الفقيرة والتي لم يتبق لها إلا ما تبقي من الدعم والذي تمت جدولة إزالة ما تبقي منه.

 

ويرى أستاذ الاقتصاد أن الموازنة الجديدة ربما تفتح باب الاستغناء والمعاش المبكر للموظفين الحكوميين، فيما يتساءل حول إن كانت تلك الإجراءات ستعالج الإنتاج الكسيح؟

 

وقال هشام إبراهيم، أستاذ التمويل والاستثمار بجامعة القاهرة، إن برنامج مصر مع صندوق النقد يستهدف مزيدا من الإجراءات التقشفية المتوقعة للسيطرة على العجز سواء على جانب الإيرادات بإقرار تشريعات ضريبية تزيد الحصيلة، أو المصروفات بترشيد الإنفاق على بنود الدعم على الطاقة والكهرباء.

 

وأوضح أن ارتفاع النفقات بنحو مليار جنيه مثلما أعلن رئيس الوزراء لن يكون كافيا بالقدر الذي يكفل تقديم الدعم للفئات التي تضررت من القرارات الاقتصادية الأخيرة.

مقالات متعلقة