بعد معركة انتخابية شرسة، تمكن مدير تحرير جريدة الأهرام عبد المحسن سلامة من خلافة منافسه، النقيب المنتهية ولايته، يحيى قلاش، في انتخابات التجديد النصفي التي أجرتها النقابة، أمس، على المنصب الهام، وستة من مقاعد مجلسها.
فاز سلامة بحصوله على2457 صوتًا مقابل 1820 صوتًا لـقلاش، بفارق بلغ 637 صوتًا، في عملية انتخابية شارك فيها 4631 من أعضاء الجمعية العمومية بنقابة الصحفيين.
الإجابة عن سؤال: كيف حسم عبد المحسن سلامة منصب النقيب؟ توجب على الباحثين عنها العودة خطوات قليلة إلى الوراء.. إلى قائمة الوعود التي أطلقها النقيب المنتخب من على مقاعد المرشحين، إلى صورته مع وزير الإسكان مصطفى مدبولي، ووعده بالحصول للصحفيين على أكبر نسبة زيادة لبدل التدريب والتكنولوجيا، و500 عضوية بمركز شباب الجزيرة، وغير ذلك من قائمة الوعود الانتخابية التي يمكن مطالعتها بضغطة واحدة على لوحة المفاتيح بعد كتابة «وعود عبد المحسن سلامة» في خانة البحث على شبكة الإنترنت.
ورغم ما أثير من نفي لصحة ما أطلقه سلامة من وعود، خاصة ما يتعلق بزيادة البدل، وعضويات مركز شباب الجزيرة، إلا أن النقيب المنتخب تجاوز ذلك سريعا بالرد، بل إنه هاجم من روجوا النفي، وقال بنبرة غاضبة صبيحة الانتخابات :"لا بيرحموا ولا عايزين يسيبوا رحمة ربنا تنزل".
ولم يكن خطاب الخدمات كافيا لحشد الدعم اللازم لإنجاح سلامة على حساب قلاش، حيث لاحظ كثيرون إفراد مساحات أوسع في التغطية التلفزيونية لتحركات سلامة وحده، وبدا ذلك الموقف صارخا في تغطية مؤتمر الخميس الماضي الذي جرى بالتزامن؛ سلامة في جريدة الأهرام، وقلاش في نقابة الصحفيين.
ومن خطاب الخدمات مرورا بالدعم الإعلامي الواسع وصولا إلى يوم الانتخاب نفسه، بدت المؤسسات الصحفية القومية، وفي صدارتها الأهرام، أكبر داعم لسلامة، بل إن بعض أعضاء الجمعية العمومية تحدثوا عن حافلات نقلت عددا من الصحفيين إلى مقر النقابة.
خدمات ودعم إعلامي في العملية الانتخابية، صاحبه دعم واسع من كتاب مقالات وشخصيات إعلامية بارزة، مثل مكرم محمد أحمد نقيب الصحفيين الأسبق، والإعلامي أحمد موسى، كلها أمور وضعت عبد المحسن سلامة في خانة تصنفه بأنه "مرشح الدولة"، أو "مرشح الحكومة" وهو ما نفاه النقيب المنتخب في أكثر من تصريح، قائلا:"لست مرشح الحكومة إنما لدى علاقات مع شخصيات مسؤولة".
لا غبار على نزاهة المعركة الانتخابية التي شهدها مبنى النقابة العريق الذي يحمل رقم 4 بشارع عبد الخالق ثروت، ولا تشكيك في استحقاق سلامة الفوز بأصوات أعضاء الجمعية العمومية، لكن تبقى كواليس المنافسة الانتخابية الشرسة، التي جذبت أكثر من نصف أعضاء عمومية الصحفيين للمشاركة، لغزا يبحث عن حل؛ قد يطول أمد انتظاره أو يقصر، بحسب أداء النقيب المنتخب ومدى قدرته على الوفاء بوعوده التي قطعها على نفسه.
في المقابل، يترك النقيب المنتهية ولايته يحيى قلاش، مكتبه من أوسع الأبواب، متبادلا الشكر مع خلفه سلامة، وبعض هتافات محبيه الذين رددوا أمام مبنى النقابة ليلة السبت :"يكفينا شرف المحاولة.. كنا شباب بنواجه دولة".
كيف فاز سلامة؟ وكيف خسر قلاش؟ سؤال واحد من وجهين، يجيب عنه الخبير الإعلامي والكاتب الصحفي ياسر عبد العزيز قائلا: يجب الأخذ في الاعتبار، أن أنماط تصويت الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين تتسم بالبرجماتية الشديدة، ومعظم تصويتها يعكس رغبة في الاتساق مع المكونات الرئيسية للسلطة، دون أن تحرم الجماعة من نقاط ارتكاز رئيسية للتيارات المعارضة الكبيرة.
وأضاف لـ"مصر العربية": التصويت كان في وجه من وجوهه، تصويت على الدور السياسي للنقابة، وأظهر أن الاتجاهات الغالبة في الجماعة تحرص على علاقة طيبة ومنسحمة بين مجلس النقابة والدولة، وبالتالي تأمين المكاسب المادية والعينية التي تحصل عليها الجماعة، ولا عزاء لدور المناصرة والدفاع عن الحريات.
وأشار عبد العزيز إلى تمسك الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين، بتلك الصيغة، فحينما كان يحكم مبارك، كان النقيب إبراهيم نافع أو مكرم محمد أحمد، وحين حكم المجلس العسكري كان النقيب ضياء رشوان، وفي عام حكم الإخوان كان النقيب ممدوح الولي، واليوم في حكم السيسي يفوز عبد المحسن سلامة بمنصب النقيب، دون أن يلغي ذلك، في كل هذه المراحل، وجود الأصوات المتنوعة في المجلس، حيث لاحظنا فوز عمرو بدر ومحمد سعد عبد الحفيظ، كما كنا نجد محمد عبد القدوس يفوز باستمرار في السنوات الماضية.
ووصف عبد العزيز مجلس النقابة الجديد بأنه يميل إلى التوافق مع السلطة وتحقيق أكبر قدر ممكن من الخدمات للأعضاء.