حالة من الغموض والتضارب تسيطر على مصير انتخابات المجالس المحلية، فبعد أن كان منتظرا إجراؤها نهاية عام 2016 المنصرم وفقا لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، ووعد آخر من الحكومة بإجرائها في الربع الأول من عام 2017، تتجه الشواهد إلى تأجيلها لما بعد الانتخابات الرئاسية 2018 بحسب مراقبون.
ولم تجر انتخابات مجالس محلية منذ انتخابات عام 2008، والتي هيمن عليها أعضاء الحزب الوطني المنحل، وصدر حكم من محكمة القضاء الإداري بحلها، في شهر يونيو 2011 في أعقاب ثورة 25 يناير.
وخلال عرض الحكومة لبرنامجها أمام البرلمان في شهر مارس من العام الماضي، وعدت بإجراء الانتخابات المحلية في الربع الأول من عام 2017، بينما أصدر السيسي، خلال لقائه بمجموعة من شباب البرنامج الرئاسي في 15 إبريل العام الماضي، توجيهات بإجرائها قبل نهاية عام 2016.
يوم 17 أغسطس عام 2016، حمل وعدا آخر من المهندس شريف إسماعيل، رئيس الوزراء، بإجراء الانتخابات المحلية في العام نفسه، حيث قال في تصريحات صحفية "إن الحكومة مصرة على إجراء الانتخابات المحلية نهاية العام الجارى 2016" آنذاك، وهو ما جاءت به تصريحات وزير التنمية المحلية حينها أحمد زكي بدر بأن الانتخابات ستجرى قبل انتهاء 2016.
ولما أوشك عام 2016 على الرحيل دون تنفيذ توجيهات الرئيس، أصدر توجيها آخرى للحكومة، في شهر أغسطس يطالبها بالانتهاء من قانون الإدارة المحلية قبل نهاية العام. وبدورها أرسلت الحكومة القانون إلى لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب في شهر نوفمبر الماضي.
وخلال أحد الاجتماعات الأسبوعية لمجلس الوزراء قال إسماعيل، إن خطوة الانتخابات المحلية تنبع من إدراك الدولة لأهميتها في إتمام التجربة الديمقراطية، وأنها تساهم في وجود مجالس محلية تضم عناصر فاعلة ممثلة لفئات المجتمع وبخاصة من الشباب.
وفي نهاية شهر فبراير المنصرم، انتهت لجنة الإدارة المحلية من مناقشة القانون وأرسلته إلى هيئة مكتب البرلمان، إلا أنه حتى الآن لم يدرج على جدول أعمال الجلسات العامة، ويأتي ذلك وسط تصريحات منسوبة لمصادر مجهلة بالأجهزة التنفيذية وأخرى من مراقبين للمشهد تؤكد عدم إجراء الانتخابات هذا العام.
أحمد سليمان، وكيل لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب، نفى ما يتردد عن توجه الحكومة لتأجيل الانتخابات المحلية إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية، قائلا :"ليس هناك أي توجيه من الحكومة بتأجيل الانتخابات".
وأضاف سليمان، لـ "مصر العربية"، أن اللجنة انتهت من قانون الإدارة المحلية وأرسلته لهيئة المكتب، ومن المقرر أن يُعرض على رئيس المجلس الدكتور علي عبد العال لتحديد موعد مناقشته في الجلسة العامة ومن ثم إقراره.
وأشار، إلى أن اللجنة التشريعية انتهت أيضا من قانون الهيئة الوطنية، وعقب مناقشة القانونين "الإدارة المحلية والهيئة الوطنية للانتخابات" والموافقة عليهما، يتحدد موعد انتخابات المجالس المحلية، مشددا أن الأمور تسير بشكل طبيعي وليس هناك علاقة بين الانتخابات المحلية والرئاسية.
فيما اختلف معه عبد الحميد كمال، عضو لجنة الإدارة المحلية، لافتا إلى أن كل الشواهد تستبعد إجراء الانتخابات المحلية العام الجاري، موضحا أن تحديد موعد الانتخابات يستلزم مواجهة مجموعة من التحديات أمام الحكومة على رأسها ميزانية الهيئة الوطنية للانتخابات.
وتساءل كمال :"هل الحكومة لديها إرادة سياسية لإجراء الانتخابات هذا العام؟، إذا كانت تريد ذلك لماذا لم تتواكب مع توجيهات الرئيس وأجرتها العام الماضي؟، هل لديها إرادة لتضع ميزانية للهيئة العامة الوطنية للانتخابات، وأن توفر التكاليف اللازمة لإجراء الانتخابات وهي تتسع لما يقرب من 55 ألف مقعد؟".
واستطرد: "هل الحكومة جاهزة بالاستعدادات الإدارية والتنفيذية والفنية لهذه الانتخابات، هل التوقيت السياسي ملائم ونحن نقترب من شهر رمضان وإجازات الأعياد ثم موعد الانتخابات الرئاسية؟"، معتبرا أن كل ذلك يعكس الارتباك الشديد في الحكومة، متابعا :" الكرة الآن في الإرادة السياسية إذا كانت جادة تعلن بشكل صريح أنها جاهزة للانتخابات".
عمرو هاشم ربيع، نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أشار إلى أنه بالفعل هناك اتجاهات وشواهد تدل أن الانتخابات المحلية لن تجرى قبل الرئاسية في مايو 2018، مرجعا ذلك لعدة أسباب منها رغبة الحكومة في إجراء الانتخابات الرئاسية في هدوء .
وأوضح ربيع، أنه حال إجراء الانتخابات وتشكيل المجالس المحلية، سيكون هناك استجوابات وطلبات إحاطة من أعضاء المجالس للمسؤولين، وهو ما يمثل "إزعاج" للحكومة، مضيفا " والسيسي على وشك انتخابات جديدة أكيد مش عاوزين الدوشة دي".
ونوه، إلى أنه هناك سبب آخر لتأجيل الانتخابات المحلية، وهو عدم رصد الحكومة أية موازنة للهيئة الوطنية للانتخابات، مشددا أن أهم ما يشغل الحكومة الآن هو إجرء الانتخابات الرئاسية في هدوء .