تطورات كثيرة شهدتها القضية الفلسطينية في الفترة الأخيرة، ما بين تنصل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لحل الدولتين واعتبار الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب أنه ليس مقدسا، مرورا بالتغير في نبرة ترامب ونقد الاستيطان ودعوته لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أبو مازن لزيارة أمريكا أبريل المقبل لتحريك ملف عملية السلام.
هذه العوامل دفعت بالرئيس عبدالفتاح السيسي لتوجيه الدعوة لنظيره الفلسطيني ليزور القاهرة اليوم لبحث أطر تطبيق حل الدولتين قبل توجههما لواشنطن الشهر المقبل، وأيضًا قبل انعقاد قمة الدول العربية نهاية مارس التي ستكون القضية الفلسطينية أهم محاورهما.
"مصر العربية" أجرت حوارا مع الدكتور أسامة شعث المستشار الفلسطيني في العلاقات الدولية لمناقشة أهم محور في الفترة الحالية وهو إلى أين تتجه القضية الفلسطينية؟
إلى نص الحوار
كيف ترى زيارة أبو مازن للقاهرة من حيث توقيتها؟
زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن للقاهرة للقاء الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي تؤكد قوة العلاقات المصرية الفلسطينية والتنسيق الدائم بين القيادتين.
وهذه الزيارة تدحض المزاعم الإعلامية التي تتحدث عن نفور وأزمة في العلاقة بين الرئيسين، مفيدا بأن زيارة أبو مازن جاءت بناء على دعوة الرئيس السيسي، وأن الادعاءات بتدهور العلاقة تأتي كمحاولة للتأثير على العلاقات الاستراتيجية بين الرئيسين.
فلسطين بالنسبة لمصر أمن قومي مصري خالص ومصر بالنسبة لفلسطين وأبو مازن خط أحمر ولا يمكن أن يسمح لأحد أن يسيء لهذه العلاقة السياسية الاستراتيجية، وهناك تنسيق دائما ومشترك في كافة القضايا الفلسطينية والعربية المشتركة المهمة للقاهرة وفلسطين معا، فالقيادة الفلسطينية لا يمكن بأي حال أن تبتعد عن القاهرة رغم قلة الزيارات مؤخرا فرغم ذلك الاتصال دائم ومستمر بكل الأحوال.
كما أن الزيارة تأتي للتشاور حول جهود عملية السلام بعد اتصال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالرئيس أبو مازن الأخيرة ودعوته لزيارة الولايات المتحدة فضلا عن انعقاد القمة العربية في آخر مارس في عمان والتي ستكون فلسطين حاضرة فيها بقوة في ما يتعلق بآخر تطورات العملية السياسية وسبل تحقيق السلام في المنطقة وإقامة دولة فلسطين على أساس حل الدولتين.
بذكر القمة العربية .. الكثيرون يرون ما يصدر عنها مجرد نقاشات وأحاديث جوفاء، فما المطلوب منها هذه المرة؟
قضية فلسطين دائما محل إجماع عربي في كل القمم العربية ولا يوجد خلاف عليها في الدعم العربي المطلق للشعب الفلسطيني، ولكن نطالب بأن يكون هناك ليس قرارات وإنما تحقيق وتنفيذ للقرارات القاضية بإقامة دولة فلسطين وتعزيز سبل إنجاح هذه الدولة تحت رعاية كاملة من جامعة الدول العربية.
والقمة مطلوب منها أن تدعم جهود المصالحة الفلسطينية مع حركة حماس وإنهاء الانقسام كليا وإدانة كل أشكال الانفصال في غزة لدعم الدولة الفلسطينية الكاملة على أراضيها المحتلة.
هل سقط حل الدولتين بإعلان نتنياهو أنه غير قابل للتطبيق وترامب أنه ليس مقدسا؟
الشعب الفلسطيني قبل بحل الدولتين تحقيقا للإرادة الدولية التي قضت بحل الدولتين وهو الحل الوحيد والممكن الذي ما زال قابلا للتحقيق على الأرض بفعل أن الاحتلال لا يرغب أساسا بالتعايش مع الشعب الفلسطيني في دولة واحدة.
الدولة الفلسطينية الواحدة كانت حلما فلسطينيا ومطلبا منذ البدايات وقد أكدت القيادة الفلسطينية والشعب الفلسطيني مرارا على مطالبتها بدولة إلا أن أمريكا ومن خلفها العالم بأسره هو الذي أراد حل الدولتين إضافة لذلك أن الاحتلال رفض حل الدولة الواحدة وهو ما يعني أن حل الدولتين هو الوحيد والممكن بين شعبين متجاورين يرسم حدود دولتيهما وفقا على أساس حدود 67 .
ننصح شعث الرئيس الأمريكي وإدارته بالتمسك بالقرار الدولي الذي هو يقضي بإقامة دولة فلسطين جانب إسرائيل .
البعض لاحظ شيء من التغيير في نبرة ترامب تجاه إسرائيل بانتقاد استمرار الاستيطان بعدما أصبح رئيس، فهل يعدل ترامب عن التأييد المطلق لإسرائيل؟
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب شأنه شأن كل الرؤساء الأمريكان السابقين في الدعم المطلق للاحتلال الإسرائيلي ولكن التزامات العملية السياسية باعتبار أن أمريكا دولة عظمى تجعل عليها مسؤولية دولية بالالتزام بتحقيق السلام بين الشعوب وفقا لمبادئها الـ14 ثم لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة بحق الشعوب في تقرير مصيرها.
المطلوب من الإدارات الامريكية أن تساند الشعوب في تقرير مصيرها إذا ما تحدثت عن الديموقراطية، وأن تساند الشعوب أيضا في استقلالها بشكل ديموقراطي وتحقيق العدالة والمساواة بين الشعوب والأطراف المتصارعة، وهذه مسؤولية الدول الكبرى إذا ما قررت أن تكون وسيطا نزيها وعادلا بين الأطراف.
وهذا لا يعني تخليها عن إسرائيل وأمنها وحمايتها باعتبارها حليفا، ولكن يعني أن تسمح بإقامة دولة مجاورة بعد أن تنسحب إسرائيل من الأراضي المحتلة عام 67 فنحن ليس لدينا مشكلة كشعب مع إسرائيل ولكن مشكلتنا مع الاحتلال.
يردد مسؤولون إسرائيليون بأن ترحيل أهالي غزة لسيناء هو حل من الحلول المطروحة ويخرج نتنياهو ينفي ذلك ثم يعيدون الكرة، هل تطرحه إسرائيل ضمن الحلول؟
إسرائيل تؤمن بمشروع يقضي بإقامة دولة على أجزاء سيناء بتوسيع غزة وموافقة عربية ضمن حل إقليمي بذلك تكون الدولة فلسطينية في غزة وأجزاء من سيناء بجانب كونتونات معزولة في الضفة، وإسرائيل دأبت منذ احتلال 67 أن تتحدث بهذه الصيغة وتروج لها.
لكن الشعب الفلسطيني رفض وما زال يرفض كل المقترحات التي تدعو للتوطين وزحزحته عن أرضه لذلك يصر الشعب الفلسطيني كل الإصرار على إقامة دولته على حدود 67 وحقه في السيادة على أرضه وتحرير القدس باعتبار أنها عاصمة دولة فلسطين.
أما بالنسبة للموقف المصري فلا يمكن أن تقبل بتوطين الشعب الفلسطيني على أرض سيناء لأنها مصرية وتم ترسيمها منذ 1906 باتفاقية طابا، وكانت أول حدود رسمت في الوطن العربي، فضلا عن أن مصر تعمل كل ما بوسعها على دعم القيادة الفلسطينية في المحافل الدولية وجهودها السياسية لإقامة دولة فلسطين على حدود الرابع من يونيو وعاصمتها القدس ودون ذلك لا حل في المنطقة .