مراجعات الإخوان.. كثير من «الوجع» قليل من «الأمل»

عادت فكرة المراجعات داخل جماعة الإخوان المسلمين للظهور من جديد، حيث نشرت مواقع إلكترونية قريبة من الجماعة نصوص ومقتطفات مطولة لما وصفتها بمبادرة طرحتها جبهة "القيادة الشبابية- المكتب العام"، المحسوبة على القيادي الراحل بالجماعة "د.محمد كمال"، وحملت تلك المبادرة عنوان "تقييمات ما قبل الرؤية .. إطلالة على الماضي".

 

 

ونشر موقع الجماعة، الذي تديره جبهة محمد كمال، بيانا عن هذه المبادرة،  التي وصفها بـ"التقييمات"، لافتا إلى أنه سيتم الكشف عن تفاصيلها غدا الثلاثاء،  وأنه تم توزيعها على 100 "من المفكرين والسياسيين وأصحاب الرأي والشخصيات العامة والعلماء والمهتمين بالشأن الإخواني"، إضافة إلى عرضها "لعموم الصف الإخواني للإسهام فيها بالرأي والمشورة"، فضلا عن عرضها "للشأن العام في المسارات الإعلامية المختلفة"، على أن يتم في النهاية  "جمع كل الآراء لتنقيح هذا المنتج وإفراغه في وثيقة علمية متكاملة"، وفقا للبيان.

 

والمراجعات، أو التقييمات وفقا للبيان الإخواني، تضمنت عدة انتقادات للأداء الإخواني عقب ثورة 25 يناير، أبرزها: تداخل الوظائف بين حزب الحرية والعدالة الذراع السياسي للإخوان وبين الجماعة، معتبرة أن الحزب كان قسم سياسي للجماعة أقرب منه إلى الحزب، إلى جانب غياب العلاقة المتوازنة مع الكيانات المجتمعية الأخرى داخل الدولة.

 

وتحدثت المراجعات عن غياب المشروع السياسي المتكامل للتغيير وإدارة الدولة، إلى جانب خطأ الخلط بين رموز وقيادات الحزب والجماعة ما نتج عنه تحميل التجربة الحزبية الناشئة أمورا لا دخل لها فيها.

 

كما اتنقدت "التقصير في تنمية وتطوير الكوادر السياسية للإخوان، والوقوع في مصيدة الأخونة التي تصاعدت وتيرتها من جانب التيارات والقوى السياسية الأخرى.

 

وتعليقا على تلك النقاط، اعتبر "هشام النجار"، الباحث المتخصص في شئون الحركات الإسلامية، أنها طرح غير واقعي، إذ أن الجبهة الشبابية التي أعدت المراجعات هي جبهة القيادي محمد كمال أو ما تعرف بجبهة الشباب وهي معروفة بتوجهاتها التي تميل إلى استخدام العنف، وهو ما أحدث خلافا مع جبهة القيادات التاريخية التي يتزعمها محمود عزت.

 

 

ويقول النجار لـ "مصر العربية"، إن  هذه المراجعات غير جادة لأنها تغافلت أمرين أساسيين وهما: إعلان الجماعة حل أذرعها التي تتبنى العنف وتقوم بعمليات نوعية من وقت لآخر، والأمر الثاني أن تعلن الجماعة نبذ العنف من نهجها الفكري، ثم يأتي الحديث بعد ذلك عن المراجعات.

 

 

واعتبر الباحث في الحركات الإسلامية، أن هذه المبادرة تأتي في إطار الصراع الداخلي للجماعة ومحاولة كل جبهة السيطرة على زمام الأمور، فدائما ما تخرج  إحدى الجبهتين بطرح وترفضه الآخرى، فالأمر يسير على هذا النحو منذ مدة.

 

ويتفق معه خالد الزعفراني، القيادي السابق بالجماعة، موضحا أن الجماعة إذا لم تتراجع عن الفكر القطبي الذي تنتهجه وتربت عليه طوال الفترات السابق فلا أمل في تحقيق أي نتيجة من تلك المراجعات لأنها سوف تفتقد القيمة الحقيقية لها.

 

 

وأضاف الزعفراني، لـ "مصر العربية"، أن الفكر القطبي يناقض ما ورد في المراجعات حيث أنه يعتمد على فكر انعزالي، ويرى المجتمع جاهلا وفاسدا، وينظر إليه بنظرة استعلاء، لافتا إلى أنها إذا لم تحقق هذا الشرط ستكون مجرد شو إعلامي ودون فائدة تذكر.

 

 

وتابع القيادي السابق بجماعة الإخوان: الهدف من أية مراجعات أمرين،  الأول انهاء حالة الانقسام الداخلي للجماعة، والثاني التصالح مع المجتمع وكلاهما لن يتحقق سوى بنبذ الفكر الصدامي القطبي، متسائلا: كيف يدعون إلى التلاحم مع المجتمع المدني ويتبنون فكرا انعزاليا عنه؟

 

 

وفي السياق ذاته جاء رأي أحمد عطا، الباحث في شئون الحركات الإسلامية، أن هذه التقييمات لا ترتقي إلى كونها مراجعات أو مصالحات تنوه عنها الجماعة من حين لآخر، وهدفها التصالح مع الدولة في النهاية.

 

 

وكشف عطا، لـ "مصر العربية" عن أسباب الدفع بتلك التقييمات في هذا التوقيت، مفسرا الأمر كونه محاولة من جماعة الإخوان لتبرئة نفسها وغسل أيديها من العنف أمام الشارع الداخلي والخارجي، إلى جانب الظهور أمام المجتمع الدولي بتبني وجهة نظر معتدلة ومتوازنة، عن طريق استعراض الأخطاء التي ارتكبتها منذ 1965 وحتى رحيل مرسي عن الحكم في 2013.

 

 

الأمر الثالث وفقا للباحث، هو التبرأ من مشروعهم الكبير الذي تبناه مكتب الإرشاد منذ وصوله للحكم من خلال مرسي وثورات الربيع العربي، في أخونة الدولة المصرية وهو خطأ جسيم وقعت فيه الجماعة حيث دفعت بـ 75 ألف عنصر داخل مؤسسات الدولة المختلفة للسيطرة عليها وتغيير المشهد السياسي إلى "مشهد حاكمي" بحت وعزل كافة القوى التي شاركت في 25 يناير، على حد قوله.

 

 

وأكد عطا، أن اختيار مجموعة محمد كمال لطرح الأمر مقصودا من التنظيم الدولي للإخوان -إذ أنها تتولى الجانب المسلح للجماعة- في محاولة للتنصل من التهم الموجهة إليها من جانب الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة دونالد ترامب، والتحايل على مشروع الكونجرس الأمريكي لإدراجها في قائمة المنظمات الإرهابية.

 

و يرى أحمد عطا  الباحث في شؤون الحركات الإسلامية أن هذه التقييمات أتت متأخرة لأن الشارع  المصري والمجتمع الدولي والعربي أصبحوا لا يتحملون وجود أحزاب سياسية ذات مرجعية دينية وعلى خلفية أصولية نظرا للدمار الذي سببته ، على حد تعبيره.

مقالات متعلقة