خبراء: البشير يصدر ملف حلايب وشلاتين هربا من الضغوط الداخلية

الرئيس السيسي ونظيره السوداني

تطرح السودان بين الحين والآخر ملف ضم مثلث حلايب وشلاتين إليها، باعتباره جزء من أراضيها، وتبذل في سبيل ذلك محاولات دبلوماسية مع مصر، فضلا عن تصعيد دولي عبر تقديم شكوى لمجلس الأمن، إلا أنها اتخذت خطوة داخلية مفاجئة في محاولة لحسم هذا الملف.

 

وأعلنت السودان عن تشكيل لجنة مكونة من كافة الجهات ذات الصلة لحسم قضية منطقة مثلث حلايب وأبو رماد وشلاتين الحدودية، وإخراج المصريين منه بالطرق الدبلوماسية.

 

واعتبر دبلوماسيون وخبراء، أن فتح السودان لملف حلايب وشلاتين كل فترة،  مجرد ورقة تلعب بها الخرطوم للتغطية على مشكلات داخلية، وتقلبات سياسية تواجهها السلطة هناك.

 

وقال رئيس اللجنة الفنية السودانية المشكلة لترسيم الحدود بالسودان، عبد الله الصادق، إن اللجنة عقدت اجتماعا تمهيديا لوضع محددات العمل، ووضع خارطة طريق بشأن المنطقة، وكيفية إخراج المصريين منها عبر الدبلوماسية.

 

وأضاف الصادق، في تصريحات صحفية، الأحد الماضي، أن السودان لديها وثائق تثبت بجلاء سودانية حلايب، التي تبلغ مساحتها قرابة 22 ألف كيلومتر مربع، وتطل على ساحل البحر الأحمر.

 

مساعد وزير الخارجية الأسبق، جمال بيومي، قال إن التحركات السودانية التي نشطت مؤخرا بعدما كانت ساكنة، منذ إبريل الماضي، تتعلق بوجود مشاكل داخلية هناك.

 

وأضاف بيومي لـ "مصر العربية"، أن الخرطوم ألمحت لإمكانية توقيع اتفاقية مع مصر لترسيم الحدود كما فعلت المملكة العربية السعودية، لوجود مشاكل داخلية بالسودان.

 

وتابع أن حكومة البشير تحاول أن تهرب من الضغوط الداخلية، بافتعال مشكلة وهى تعلم تماما أنها ستخسر فيها وأن كل الوثائق تؤكد مصرية هذه القطعة من الأرض.

 

وأشار إلى أن  عمل في هذا الملف سابقا ويعلم تماما ما هى القصة التي حدثت وجعلت السودان تطالب بضم حلايب وشلاتين، والتي تتلخص في طلب ضابط شرطة مصري كان يعمل هناك في مركز شرطة بمنطقة حلايب، من مأمور قسم إحدى المدن السودانية القريبة منه أن يمر كل فترة عليه للتنسيق الأمني، وبدأت مصر تسمح لبعض الجنود السودانيين لعمل دوريات أمنية بالمنطقة ودخول بعض الإمدادت لهم، فتطور الأمر لطلب جزء من الأرض.

 

واعتبر بيومي أن نظام البشير  "إخواني" متهم من قبل مصر بتسهيل دخول بعض الأفراد والسلاح لمصر، وهو ما تسبب في حدوث بعض الاختراقات الأمنية.

 

وأردف: "يخيل لنظام البشير وهو مخطئ أنه يملك مستندات قانونية تؤيد موقفه، مع العلم أن الكلام منتهي في هذه القضية ولا تمتلك السودان أي أوراق تثبت تبعية المنطقة الحدودية".

 

وفسر بيومي تكرار التصريحات من حين ﻵخر بأنها راجعة لمحاولة حكومة الخرطوم، بالتغطية على الاضطرابات الداخلية والمشاكل السياسية هناك، بافتعال أزمة خارجية.

 

وعن الربط بين زيارة الشيخة موزة والدة أمير قطر للسودان وتجدد الحديث عن قضية حلايب وشلاتين، أكد أنه لا يوجد أي طرف عربي له دخل في إثارة مثل هذه القضية مرة أخرى، مشيرا إلى أن ذلك ليس توقعا لكنه أمر بات ونهائي.

 

واتفق معه السفير معصوم مرزوق مساعد وزير الخارجية الأسبق، بأن حكومة البشير أصبح لديها عادة سنوية، كلما زادت الضغوط عليها في الداخل تهرب من مشاكلها بفتح ملف حلايب وشلاتين من جديد.

 

وقال مرزوق لـ"مصر العربية"، إن إعادة فتح الملف كل فترة وطرحه على أنه قضية نزاع أمر مؤسف، ﻷنه يقطع الطريق على أي تعاون ثنائي مثمر يمكن أن يستفيد منه الطرفان في ملفات أخرى، مشيرا إلى أن هذه القضية تعكر صفو العلاقات بين القاهرة والخرطوم.

 

وأضاف أن قضية حلايب وشلاتين قتلت بحثا والطرف السوداني يعلم جيدا أنها مصرية لكنه كلما تعذر في الدفاع عن نفسه أثارها في مواجهة الاحتجاجات الداخلية.

 

وتابع أن قضية حلايب وشلاتين تشبه إلى حد كبير جزيرتي تيران وصنافير، التي  وقعت السلطات المصرية اتفاق يقضي بأحقية المملكة العربية السعودية فيهما إلا أن محكمة مصرية رفضت ذلك وأقرت بمصريتهما، مشيرا إلى أنه لا يوجد مصري واحد يقبل بالتفريط في جزء من أرضه.

 

وبدوره، قال الدكتور جهاد عودة، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة حلوان، إن النظام السوداني تابع ويثير هذه القضية لمغازلة بعض الأطراف الخليجية لإغداق التمويل على نظامه.

 

وأضاف عودة لـ "مصر العربية"، أن نظام السودان حاليا ضعيف ويواجه تكتلات سياسية داخلية معارضة، ويفتعل أزمة للحيلولة دون الإطاحة به.

 

وتابع أن الخرطوم بها تمردات سياسية حاليا ربما تجعل بعض الأطراف في الداخل تدفع للتخلص من البشير وإحلال بديل له خلال الفترة المقبلة، ومن الوارد أن تكون وجهته السعودية قريبا ولن يعود من هناك.

 

وألمح إلى أن الرئيس عمر البشير يبحث حاليا عن طريقة كريمة للخروج من أزمته السياسية الداخلية وملف حلايب وشلاتين هو محاولة لتشتيت الانتباه عنه حتى يتمكن مما يريده.

 

وربط عودة بين زيارة الشيخة موزة وبعض القيادات الخليجية في وقت سابق للخرطوم وبين فتح هذا الملف مرة أخرى بسبب توتر العلاقات بين مصر وبعض البلدان الخليجية حاليا لاسيما قطر.

 

وجددت السودان، في يناير الماضي، الشكوى لدى مجلس الأمن الدولي بشأن الحدود مع مصر وتبعية "مثلث حلايب للسودان"، على حد قول الخرطوم.

 

وفي إبريل الماضي، رفضت القاهرة طلب الخرطوم التفاوض المباشر حول منطقة "حلايب وشلاتين"، المتنازع عليها بين البلدين منذ عقود، أو اللجوء إلى التحكيم الدولي، الذي يتطلب موافقة الدولتين.

 

ورغم نزاع الجارتين على هذه المنطقة، منذ استقلال السودان في 1956، إلا أنها كانت مفتوحة أمام حركة التجارة والأفراد من البلدين دون قيود حتى عام 1995، حين دخلها الجيش المصري وأحكم سيطرته عليها.

 

وإضافة إلى الخلاف بشأن تبعية المثلث الحدودي، تسود بين الخرطوم والقاهرة أزمة مكتومة منذ عزل الدكتور محمد مرسي من الحكم، وتوجيه اتهامات لها باستقبال عدد من قيادات جماعة الإخوان.

 

وفي مقابلة مع قناة "العربية"، بثتها يوم 5 فبراير الماضي، وصف البشير العلاقة مع السيسي بـ"المتميزة"، لكنه اتهم المخابرات المصرية بدعم معارضيه، مضيفا أن القاهرة أنكرت هذا الأمر حين طرحه عليها.

 

وأضاف البشير، في هذه المقابلة، أن حكومته "لم تؤوي أي قيادات إخوانية؛ لأن سياستنا النأي عن أي نشاط معاد لأي دولة أخرى".

 

واتهم البشير، في فبراير الماضي، القاهرة بدعم حكومة دولة جنوب السودان، التي انفصلت عن السودان في يوليو 2011، بالأسلحة والذخيرة في حربها ضد قوات المعارضة، بقيادة ريك مشار، النائب المقال للرئيس سيلفاكير ميارديت.

 

وهو اتهام نفت القاهرة صحته، مشددة على أنها لا تتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى.

 

مقالات متعلقة