يواجه قطاع المياه في أراضي السلطة الفلسطينية (الضفة الغربية وقطاع غزة) واقعا خطيرا، في ظل نقص الكميات المتوفرة منها، وتلوثها، فضلاً عن المعيقات الإسرائيلية التي تحول دون الانتفاع بها.
ويُحيي الفلسطينيون في قطاع غزة والضفة الغربية، في 22 مارس من كل عام، يوم المياه العالمي، عبر فعاليات تنظمها مؤسسات محلية، تسلط خلالها الضوء على أزمة المياه، والتحديات التي تواجهها.
ويعاني قطاع غزة، من نقص حاد في المياه من حيث الكميّة والجودة.
ووفق آخر الإحصاءات الصادرة عن سلطة المياه الفلسطينية، فإن نسبة العجز بالمياه في قطاع غزة وصلت إلى 110 مليون متر مكعب سنوياً، من أصل 200 مليون متر مكعب من المياه يحتاجها.
وبالإضافة إلى نقص الكميات، يعاني قطاع المياه بغزة من ارتفاع في معدلات الكلورايد والنترات، حيث ترتفع نسبة هاتين المادتين الملوِثتيْن في نحو 85% من آبار المياه المخصصة للاستعمالات المنزلية.
ويقول ياسر الشنطي، رئيس سلطة المياه في غزة، في بيان"تعتبر معدلات الكلورايد والنترات في المياه بغزة، أعلى من المعدلات المسموح بها وفق المواصفات الفلسطينية، وحسب معاير منظمة الصحة العالمية".
وتابع "آبار غزة لا تنطبق عليها شروط منظمة الصحة العالمية، والتي تنص على أن الحد الأدنى لعنصر الكلور 250 ملغم/لتر؛ بينما تصل في آبار غزة من ألف إلى 4 آلاف"، بحسب الأناضول.
ولمواجهة تلّوث المياه، شهد قطاع غزة تدشين 157 محطة تحلية للمياه، خلال السنوات الماضية، بحسب الشنطي.
ويتابع "تخضع جميع الآبار للفحص الدوري، فيما لا تزال هناك مباحثات تُجرى لتخصيص أراض لتجميع مياه الأمطار ومن ثم حقنها في التربة والاستفادة منها".
وتشهد الآبار الجوفية انخفاضاً كبيراً في منسوب المياه وصل في أقصى حالاته إلى 15 متر تحت سطح البحر، فيما تعتبر مياه الأمطار المُغذّي الرئيسي لهذه الآبار، بحسب الشنطي.
وطالب الشنطي برفع الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة للعام الحادي عشر على التوالي، والمسارعة في تنفيذ برامج الإعمار الداعمة لمشاريع البنى التحتيّة، التي تتعلق بقطاع المياه وشبكات الصرف الصحي.
وفي وقت سابق، حذّر "روبرت بايبر" منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة، من إصابة سكان قطاع غزة بالأمراض جرّاء تلّوث المياه.
وأفاد، في مؤتمر كان قد عقده بمدينة غزة بأن "نحو 2 مليون مواطن فلسطيني يعيشون في غزة معرّضون للإصابة بالأمراض جرّاء تلّوث المياه وملوحتها، حيث إن 96% من المياه المتوفّر في القطاع لا تصلح للاستعمال الآدمي".
وتحاصر السلطات الإسرائيلية غزة، منذ أن فازت حركة "حماس" بالانتخابات التشريعية في يناير 2006، ثم شددت الحصار إثر سيطرة الحركة بالكامل على القطاع منتصف 2007.
أما في الضفة الغربية، فإن الأراضي الفلسطينية تعاني من نقص في كميات المياه التي تصلها.
وتقول بعض الإحصاءات إن استهلاك "المستوطن" الإسرائيلي الواحد من المياه في الضفة الغربية تعادل ما يستهلكه 2.5 فلسطيني.
وتبلغ كميات المياه التي تصل أراضي الضفة الغربية من الأحواض المائية "الثلاثة" التي تقع فيها، حوالي 115 متر مكّعب سنوياً، من إجمالي الطاقة الإنتاجية للأحواض والتي تصل إلى 700 مليون متر مكعب.
ويقول الباحث في شؤون المياه والاستيطان وليد أبو محسن "الضفة الغربية تتربع على ثلاثة أحواض مائية، في شرق وغرب وشمال الضفة".
ومجموع المياه المتجددة في الأحواض الثلاثة، يصل لـ 700 مليون متر مكعب، لكن إسرائيل تسمح للفلسطينيين، باستخدام 15% منها، أي ما يعادل 115 متر مكعب سنوياً، مقسمة على الأحواض الثلاثة، بحسب أبو محسن.
ويوجد في الضفة الغربية 300 بئر للمياه، لكن إسرائيل تمنع الفلسطينيين من حفر أي آبار دون ترخيص وموافقة منها، حتى داخل المناطق التابعة لإدارة السلطة، حسب أبو محسن.
وأضاف "الآبار الموجودة حالياً أعماقها سطحية، لا يتجاوز عمق الواحد منها 70- 100 متر، وهي تضخ 50 مليون متر مكعب".
في حين يصل عدد الآبار الإسرائيلية في الضفة لـ 42 بئراً وهي تضخ الكمية ذاتها (50 مليون متر مكعب)، وذلك لعمقها الكبير مقارنة مع عمق الآبار الفلسطينية، حسب قوله.
وتابع "المستوطنون في الضفة الغربية يصل عددهم 600 ألف مستوطن، والمستوطن الواحد يستهلك من المياه ما يستهلكه 2.5 من الفلسطينيين بالضفة".
ويصل متوسط استهلاك الفرد الفلسطيني في شمال الضفة الغربية 100 لتر يومياً، بينما في الجنوب يهبط إلى 50 لتراً، في حين يصل استهلاك المستوطن اليهودي بالضفة لنحو 6 - 8 أضعاف ما يستهلكه الفلسطيني، وفق أبو محسن.
ويشير الباحث إلى أن "الاحتلال الإسرائيلي يعد أكبر عائق أمام توفير المياه بالضفة".
ومضى قائلاً "عدا عن القيود التي يفرضها الجانب الإسرائيلي على حفر الآبار، تقوم السلطات الإسرائيلية بهدم آبار وشبكات مائية خاصة في المناطق الزراعية والأغوار الشمالية، وتحرم الفلسطينيين منها، وتلحق خسائر فادحة على المزارعين".
وعملياً، وفق الباحث، فالاعتماد الكلي بالضفة الغربية هو على المياه الجوفية والينابيع، في ظل عدم استغلال صحيح لمياه الأمطار، وعدم استغلال مياه الصرف الصحي.
ومنذ العام 1993 يحتفل العالم في 22 مارس، باليوم العالمي للمياه، بعد أن استجابت الجمعية العامة للأمم المتحدة لتوصية قُدّمت في مؤتمر أُممي يُعنى بالبيئة والتنمية، لتعيين يوم دولي للاحتفال بالمياه العذبة.
ودعت الجمعية العامة التابعة للمنظمة الأممية، آنذاك، إلى تكريس هذا اليوم وفق مقتضيات السياق الوطني، لزيادة الوعي حول أهمية المياه باستخدام كافة الوسائل التثقيفية، والتعليمية، والإعلامية.