تحت عنوان "الأمل هو الغرض الشعري المناسب لهذا العصر" وجه حبيب الصايغ، الأمين العام للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، رسالة إلى الشعراء العرب في مناسبة اليوم العالمي للشعر.
فقال الصايغ "اليوم هو يوم الشعر والشعراء، عيدكم الذي يعود في كل عام فيشهد على وجودكم في الوجود وحضوركم في الحياة، في ذواتكم وذوات الآخرين، فيمن يلتقط فاكهة المعنى؟ من يلتقط المعنى في ذروته، وفي أوج نضجه واستوائه؟ .. بل من يلتقط المعنى في تلقائيته وجبروته الأول؟ من يلتقط المعنى وهو نيئ، المعنى العضوي إذا شئتم، من غير مواد دخيلة أو حافظة؟ ليست إلا قدرة الشاعر العربي على الابتكار والمبادرة، والذهاب أبعد في الطريق، والإصرار المطلق. هذا منتصف درب شاهق يتحقق كلما حضر مريدوه، وسيجوا قلوبهم به، وأرادوه لهم وطناً".
وتابع الصايغ في رسالته :"قال الخالد المتنبي: أطويل ٌ طريقنا أم يطول؟.. كم هو بالأميال والكيلومترات، وكم هو في واقع النفس التي لاتعترف الا بحساباتها الخاصة؟.. هل يكون الوجداني في هذا السياق، وفي كل سياق، موضوعياً؟ الذي يلتقط المعنى يحدد الشكل، وللمدلجين في ضوء عتمة الوجود أن يمضوا إلى المناطق غير المكتشفة في أنفسهم. ذلك هو السفر: حقيبة العمر على الظهر، والحفله تشتعل في الرأس، والوجدان يغيب في رقصة الوجد. الوجدان يحضر ويستحضر الروح والجسد”.
وأكد الصايغ أن الأمل هو الغرض الشعري المناسب لهذا العصر، متسائلًا :من يجرؤ أيها الشعراء على كتابة الأمل الآن، وفي السنة المقبلة، والعقد المقبل، والقرن المقبل؟، من يجرؤ على مغادرة حركته الأولى، ليدخل في حركة الماء والهواء، ناسجاً معانيه الجديدة من المعاناة في المطلق، ومتحولاً بأفكاره إلى فصل واعد حيناً، وغيمة مكتظة برسائل المطر، وفكرة من الصداقة والصدق؟، كتابة الأمل، وقصيدة الأمل، هذه رسالة يومكم أيها الشعراء، وهذه رسالة أعماركم، فلنؤسس معاً، وكلاً على حدة، منذ الآن، ذاكرتنا، لايعني هذا أن الشاعر بلا ذاكرة ولا أن ذاكرة الشاعر، بالضرورة، مؤجلة”.
وأضاف أن المعنى الأبعد والأعمق أن ذاكرة الشاعر متقدة وملتهبة وصاحية، ويجب أن تبقى كذلك، لكن على الشاعر، وهذا عمل فني وتقني وليس شعرياً، أن يقسمها قسمين: مامضى لايدخل في الذاكرة الجديدة، وكل مايقال بعد ذلك يدخل، بمجرد مغادرة فعله المضارع، في ذاكرة النسيان، ويعيش هاجس الكتابة منذ خلق. منذ هو في المهد، ومن علامات نبوغه أنه اعتبر أغاني المهد قصائد تقليدية غير قادرة على التعبير عن مشاعر أطفال الغد المجنون.