وسط الرصاص والدماء تحيي المرأة العراقية ذكرى الاحتفال بعيد الأم الذي يتواكب مع أحداث دامية تشهدها بلاد الرافدين، حيث تحتفل الأم العراقية بعيدها تارة مع صورة ابنها الموجود في معتقلات الأمريكان، ومن بعدهم داعش ومليشيات الحشد الشعبي، وأخرى مع صورة ابنها أمام قبره بعد أن قتل في إحدى غارات التحالف أو الغارات الأمريكية.
المرأة العراقية الآن مُهجرة، والصورة هذا العام مختلفة، حيث تحتفل العديد من الأمهات العراقيات بعيدهن، دون أبنائهن وأيضًا دون بيوتهن، بعد أن أجبرتهم ظروف الحرب على النزوح من بلد لأخرى، والعيش في مخيمات أو في بلدان متفرقة هربًا من جحيم الرصاص.
ويُطلق على المرأة العراقية "أم الثكلى" و"أم المفقود" و"أم الشهيد" و"أم الأرملة"، فجميع هذه الألقاب تصب في خانة واحدة هي معاناة الأم العراقية التي تفقد أبنائها وأحبائها يومًا بعد الآخر، حيث تعرضت العديد منهن لانتهاكات جسدية ونفسية من جانب مليشيات داعش، والتي اجتاحت البلاد أوائل عام 2013.
واستمرت معاناة الأم العراقية بسبب اجتياح مليشيات الحشد الشعبي الشيعي لعدد من المناطق، تعرضت خلالها المرأة العراقية للاغتصاب والقتل، والعديد من الانتهاكات البشعة.
صراعات سياسية
ونشرت منظمة "أنقذوا الأطفال" السويدية مؤخرا تقريراً حول وضع أمهات العالم في 178 دولة، تم تصنيف أفضل وأسوأ الدول للأمهات خلال السنوات الـ15 الأخيرة، وحازت فنلندا على المرتبة الأولى والصومال على المرتبة الأخيرة، وكان العراق بالمرتبة ١٠٤، وتركيا في المرتبة 59. ومصر 117 والمغرب 121.
وأظهر التقرير الصعوبات التي تواجهها الأمهات نتيجة للنزاع في ليبيا والصومال وسوريا والعراق، وتأثير العنف على الحالة الصحية والنفسية للأم الحامل والمرضعة كما تتأثر نفسية الام بحالة اطفالها، فهناك 3.7 مليون طفل توفي عام 2013 حول العالم واغلبها في البلدان التي نعاني من الصراعات السياسية والحروب والماسي الاقتصادية والمجاعة..
إضافة إلى انعدام الرعاية الصحية، وتسرب الأطفال من المدارس، وتعرّض أفراد الأسرة أو المنزل للخطر، وأحياناً عدم توفر التغذية الصحية.
رعاية صحية
واعتمدت نتائج التقرير على مجموعة من المؤشرات وتحديداً: الوفاة المبكرة للأمهات، معدل وفيات الأطفال تحت سن الخامسة، عدد سنوات الدارسة، متوسط الدخل القومي الإجمالي.
وأشار التقرير إلى إمكانية التعامل مع الكوارث في حالات الطوارئ، والتمثيل السياسي للمرأة وحقق العراق إحصائيات عالمية في مجال الصحة والنقل والأمراض النفسية والفساد المالي والإداري وخطورة عمل الصحفيين وجواز السفر، جعلت منه الأسوأ في الترتيب الدولي.
وبعد مرور 10 سنوات من الاحتلال تأثرت النساء العراقيات بصورة أكبر بالعنف الذي ابتلي به كل العراقيين تقريبًا.
عنف أسري
وزادت حالات العنف الأسري وممارسة الدعارة بالعراق، حسبما ذكرت وكالة رويترز للأنباء، وقفزت معدلات الأمية، وترملت آلاف النساء أو تركن في مهب الريح.
واحتل العراق الذي كان يومًا في صدارة الدول التي تحترم حقوق النساء في المنطقة، المركز 21 بين 22 دولة عربية في استطلاع أجرته مؤسسة «تومسون رويترز»، وشمل 336 من خبراء قضايا التمييز بين الجنسين. ويشمل الاستطلاع الذي أجري في أغسطس وسبتمبر الماضيين أسئلة عن العنف ضد النساء والحقوق الإنجابية ومعاملة النساء داخل الأسرة واندماجهن في المجتمع والمواقف من دور النساء في السياسة والاقتصاد.
وذكر ناجي العلي، أستاذ دراسات المرأة في المجتمع في كلية الدراسات الشرقية والأفريقية في لندن، أنه أحيانًا تستخدم النساء بصورة رمزية لرفض النظام السياسي السابق.
وأضاف «العلي» في تصريحات أوردتها صحيفة "دنيا الوطن" إن: «هناك زيادة في الاتجاهات الاجتماعية المحافظة فيما يتعلق بالنساء».
في عيد الأم يتساءل الكثير: "هل يا ترى خلقت الأم العراقية للعذاب وللبكاء وللعويل وللنعي؟"، هي الأم الثكلى على مر عصور تاريخ العراق، فهل أن الأوان أن تختفي هذه الدموع.