سوريات عن عيد الأم: لم يمر من هنا

أم سورية

 

في الوقت الذي يحتفل فيه الكثيرون من أغلب أنحاء الدول العربية والعالم بعيد الأم، تقضي أمهات سوريا هذا اليوم تحت وطأة الحزن والقلق؛ فالآلاف منهن فقدن ابنًا أو أكثر في الصراع الدائر في بلدهن منذ أكثر من 6 أعوام، فيما تخشى أمهات أخريات من أن يصيبهن مصير الأمهات الثكالى.

يأتي عيد الأم في سوريا في نفس الشهر الذي تحل فيه ذكري اندلاع الثورة، وبعد أيام قليلة من دخول الأزمة عامها السادس التي تحولت إلى حرب إبادة، فقدت بسببها آلاف الأمهات أبناءهن، وها هم السوريون يمر عليهم العيد السادس في ظل الأزمة بمشاعر الحزن والقهر والحرمان. كان لعيد الأم في سوريا رمزية كبيرة لدى أبناء البلد فيما يتعلق باجتماع العائلة حول الأم للاحتفاء بها.. 

فأغلب السوريين اعتادوا الاحتفال بهذه المناسبة مهما كانت الظروف، كانوا يحاولون جمع شملهم في هذا اليوم.. 

"ازدحام المطارات والشوارع والأسواق المكتظة بالناس الذين امتلأت أيديهم بالأكياس والهدايا والمطاعم المحجوزة، يحكي كيف كان يمر هذا اليوم على سوريا، لكن اليوم لا تكاد توجد أسرة سورية إلا وبها أم ثكلى أو فقيد أو لاجئ في بلد لا يعرف معني الترابط الأسري، ليصير عيد الأم مجرد ذكري بالنسبة للسوريين.

العيد في أوساط السوريين داخلياً، وخارجياً، لم يختلف، فالأمهات داخل سوريا لم يستطعن الاحتفال بالذكرى التي تنتظرها كل عام، وسط ركام المنازل المُهدمة التي منعتهن من الخروج، وكذلك رائحة الموت التي تفوح من كل اتجاه، وخارجياً، فالعيد وسط النازحين كئيب، فـ "صاحبات العيد" يجلسن وعيونهن تمتلئ بالحزن والألم. نسرين، أم سورية لأربعة أطفال تقول لجريدة "إلموندو" الإسبانية، "نعيش منذ ستة أيام على التوالي دون قطرة مياه واحدة، بالإضافة إلى انقطاع التيار الكهربائي المستمر. وتضيف "نحن نعيش كما عاش أجدادنا البدائيون".

 

شحّ الموارد جعل نسرين تخبز العيش بنفسها، وتبعد اللحوم عن النظام الغذائي، وتدفئ سرير أبنائها بالحجارة الساخنة، وتحيك ملابسهم القديمة وتتشارك مع ثلاث عائلات أخرى في منزل متواضع.

"أم عبده" التي لا تعرف عن ابنها البالغ من العمر 19 عاماً والذي اختفى منذ عامين أثناء سفره إلى دير الزور لشراء المحروقات، سوى أنه معتقل لدى النظام هو ومجموعة شبان من أقاربه، لا تعرف مصير ابنها وإذ ما كان على قيد الحياة.

وخلال فاعليات معرض صور تحت عنوان "أمهات سوريا"، يوثق شهادات أمهات سوريا بالداخل عن ويلات الحرب في العاصمة اللبنانية بيروت، تروي مريم حلاق، أم من ريف دمشق، قصتها المؤلمة مع الحرب: "كان ابني (أيهم) أصغر أولادي قد درس طب الأسنان وأتمها قبيل الثورة وأتم عامه الأول من الدراسات العليا.. 

لكنه ككل الشباب استثارته فكرة العدالة الانتقالية للسلطة والتداول العادل للحكم، فمضى يبحث في إمكانية تحقيق ذلك في سوريا الى أن اعتقلته قوات الأمن بادئ الأمر 3 أشهر ليخرج من جديد وينهي بحث تخرجه".

 

وأضافت الأم بحزن شديد: "جهّز كل التفاصيل اللازمة لمناقشة رسالة الماجستير بما فيها توزيع بطاقات الدعوة، لكن الأمن السوري أعاد اعتقاله من جديد من داخل حرم الجامعة، التي كان يدرس فيها، وكان من المستحيل معرفة مكانه على الرغم من كل محاولتنا المتكررة لإنقاذه".

وأفقدت الحرب الطاحنة في سوريا كثيرًا من الأمهات أبناءهن، وأفقدت أيضا كثيرا من الأبناء أمهاتهم. فهل أصبح هناك مكان بعد ذلك لعيد الأم في ذلك البلد الذي أنهكته الحرب؟.

 

وارتفع عدد النازحين إلى 66 ألفا بسبب المعارك التي تدور بين أكثر من طرف في محافظة حلب شمالي سوريا، حسبما ذكر تقرير للأمم المتحدة.

 

وأوضح مكتب المنظمة لتنسيق الشؤون الإسبانية في التقرير أن نحو 40 ألفًا نزحوا من مدينة الباب وبلدة تادف المجاورة، إضافة إلى 26 ألفا من شرق الباب، وفق "فرانس برس".

 

وأضاف أن 39766 شخصًا نزحوا من المدينة وفروا شمالاً إلى مناطق تسيطر عليها فصائل أخرى معارضة، لا يزالون غير قادرين على العودة، بسبب انتشار القنابل والألغام التي زرعها مسلحو داعش قبل انسحابهم.

 

يذكر أنّ ما لا يقل عن 4 ملايين شخص نزحوا من سوريا جراء الصراع القائم منذ 6 أعوام، وهم مسجلون رسمياً كلاجئين.

مقالات متعلقة