(حوار)| علي بلحاج: الإسلاميون لديهم أخطاء لا خطايا.. وعنف الدولة يقابله حمل السلاح

علي بن حاج - الرجل الثاني لجبهة الإنقاذ الجزائرية

الأمن الجزائري اعتدى على جسدي.. وأقمت دعوى قضائية

 

قوى عالمية وإقليمية لا تريد للإسلام المشاركة في السياسة

 

"الديمقراطية ليست صناديق الاقتراع".. بدعة للإطاحة بالإسلاميين

 

عنف الدولة خارج القانون يقابله بلا شك حمل السلاح

 

لا بد من إطلاق سراح مرسي والتفاوض لوضع حلول

 

هناك أنظمة تتخذ الإرهاب ذريعة.. وهى نفسها تمارس العنف والإرهاب

 

الغرب يشجع الأنظمة الاستبدادية.. ويتحمل مسؤولية ما يحدث في العالم

 

الإسلاميون لديهم أخطاء لا خطايا.. وعنف الدولة يقابله حمل السلاح

 

الخلافات بين التيارات الإسلامية سياسية وليست فقهية

 

 

دخل الرجل الثاني في جبهة الإنقاذ الجزائرية -المحظورة-، علي بلحاج، في صراع مع أجهزة الأمن هناك، على خلفية تحديد إقامته، وهو ما أسفر عن اعتداء جسدي عليه خلال توجهه لأداء صلاة الجمعة في أحد المساجد خارج منطقة إقامته.

 

وقضى بلحاج، منذ القبض عليه في 1992، 12 عامًا في السجون الجزائرية، بعد الإطاحة بجبهة الإنقاذ التي كان تمثل الأغلبية البرلمانية والبلدية حينها، لتبدأ مواجهات مسلحة بين الجيش الجزائري وأنصار الجبهة استمرت نحو 10 سنوات، تعرف باسم "العشرية السوداء".

 

ويشرح بلحاج في حوار لـ "مصر العربية"، تفاصيل الأزمة الأخيرة مع أجهزة الأمن الجزائرية وتطوراتها، قبل أن يعرج على نقاط الاتفاق والاختلاف بين التجربتين المصرية والجزائرية مع وصول التيار الإسلامي للحكم.

 

ويقدم رؤية لإنهاء الخلافات والصراعات المسلحة بين الأنظمة الحاكمة في المنطقة العربية وأبناء التيار الإسلامي، لتحقيق ما اعتبره "الاستقرار الحقيقي" داخل تلك المجتمعات.

 

ويعتبر أن التيار الإسلامي لا يلجأ إلى حمل السلاح إلا إذا كان مضطرا لذلك، بعد إغلاق كل السبل أمامه للتعبير عن الرأي والإقصاء والتهميش.

 

إلى نص الحوار:

 

بماذا تعلق على أزمتك الأخيرة مع الأمن الجزائري؟

 

لا شك أن الإنسان توفرت له مجموعة من الحقوق وفقا للشريعة الإسلامية، قبل ظهور المواثيق الدولية، فمن حقه أن يعتقد ويتعبد ويتنقل ويشارك في الشأن العام والسياسي.

 

والإنسان إذا فقد هذه الحقوق لا يمكن أن نسميه إنسانًا، حيث تطورت البشرية بعد صراع مرير ونضال مع الطغاة، وتولد عنه مجموعة من الحقوق.

 

هل تم تقييد حركة تنقلك والاعتداء عليك؟

 

ما حدث اعتداء على هذه الحقوق الأربعة سالفة الذكر، حيث تم منعي من مغادرة المنطقة التي أقيم فيها، ووصل الأمر إلى الاعتداء على بالتعنيف، ثم الإضرار بالجسد.

 

وهل لجأت إلى القضاء ردًا على هذا الاعتداء؟

 

نعم، فلم يكن أمامي إلا استشارة المحامين وإقامة دعوى ضد الجهة التي مارست هذا العنف ضدي، وحاليا المسألة خاضعة لإجراءات قانونية.

 

في رأيك لماذا يتم التضييق عليك بهذه الصورة ؟

 

هذا التضييق وليد تراكمات بالطبع، فقبل عقود، شاركت الجبهة الإسلامية للإنقاذ في العمل السياسي ونجحت في الانتخابات البلدية والتشريعية، ولكن النظام حينها لم يرض واغتصب إرادة الشعب، وحمل السلاح ضد من اختارهم الشعب ونكل بهم، ونفاهم إلى الصحراء.

 

وبما أنني من الذين ساهموا في نجاح الجبهة الإسلامية، يحددون تنقلاتي ويمنعوني من حق التعبير وحق المشاركة في العمل السياسي، ليست لهم حجة شرعية أو دستورية أو قانونية في التسلط واستخدام القوة، وأي دولة تقوم على الطغيان مصيرها إلى زوال.

 

 

البعض يرى أن ثمة تقاربا بين تجربتي الجزائر ومصر، هل توافق على ذلك؟

 

هناك نقاط تقارب وافتراق، لناحية طبيعة الشعوب، وطبيعة القوى العالمية والإقليمية والنظام القائم في البلدين، وهذه القوى لا تريد للإسلام أن يشارك في العمل السياسي، وحصر الإسلام في جانب التعبد، أو الإسلام الفردي والعقيدة بين الإنسان وربه، وهذا ليس طبيعة الإسلام بما جاء في القرآن والسنة، وعرف عن الخلفاء ممارسة العمل السياسي.

 

ما هى نقاط التقارب بين التجربتين؟

 

من نقاط الالتقاء، أن الشعب المصري قال كلمته واختار البرلمان ورئيسه بمحض إرادته، ثم وقعت مناورات وتدخلات عالمية أسفرت على اغتصاب إرادة الشعوب، وإلقاء الرئيس في غياهب السجون، وأسر كل مظلوم في مصر، وهكذا كان الحالي في الجزائر وهناك من يقبع في السجون منذ ربع قرن دون تخفيف للعقوبة أو عفو شامل.

 

وماذا عن نقاط الافتراق؟

 

تتمثل أبرزها في اختلاف طبيعة الشعوب، فالشعب الجزائري معروف عبر التاريخ أنه سريع الرد العنيف على من يعتدي عليه، ولجأت قيادة الجيش إلى اختطاف تلك المؤسسة لمواجهة الشعب بقوة الحديد والنار، وأصبح السلاح يواجه السلطة التي فازت بصناديق الاقتراع.

 

أما الشعب المصري عريق في تاريخه وأمجاده الناصعة، ويهتدي بمرور الزمن إلى الحل الذي يستعيد به حقوقه المشروعة، وساهم الإعلام في اتخاذ المظاهرات سبيلا لاغتصاب الشرعية.

 

كيف ترى القول بأن الديمقراطية ليست مجرد صناديق الاقتراع؟

 

خرجت تظاهرات ضد الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب، فهل اتخذتها أمريكا ذريعة للإطاحة به؟ بالتأكيد لا لأن لديه شرعية لا يمكن أن تلغيها إلا صناديق الاقتراع.

 

وهذا القول بدعة في الجزائر ومصر، والسعودية مثلا لم تدافع عن الشرعية لا في الجزائر ولا مصر، وساندت هؤلاء الطغاة، وفي نفس الوقت تقود تحالفا في اليمن بزعم تثبيت الشرعية.

 

لو عاد بكم الزمن هل ستلجأ جبهة الإنقاذ لحمل السلاح؟

 

عندما وقع الانقلاب نصحت قيادات جبهة الإنقاذ النظام والأخوة، بأن يعتصموا بالحل السياسي السلمي ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا، ولكن عندما تحمل الدولة السلاح فإن هذا خروج عن الأطر الدستورية، ولا شك هذا سيدفع بمجموعات إلى حمل السلاح دفاعًا عن النفس.

 

وكيف يمكن حسم القضايا الخلافية بحلول سياسية سلمية؟

 

لا بد للنظامين المصري والجزائري إتاحة المشاركة أمام الجميع دون إقصاء أو استئناء، وفي مصر يجب إطلاق سراح محمد مرسي، والجلوس على طاولة مفاوضات، لوضح حلول عاجلة لحل الأزمة قبل تفاقمها أكثر من ذلك.

 

والعجيب أن وزيري خارجية مصر والجزائر، طالبوا في آخر اجتماع حول الأزمة الليبية بتونس، جميع الأطراف الليبية بالمشاركة في العملية السياسية وعدم حمل السلاح، وهما لم يحققا الحل السياسي لا في مصر ولا الجزائر.

 

في رأيك هل هناك رغبة في إقصاء التيار الإسلامي؟

 

المكون الإسلامي عامل من قوة الدولة والأمة، وهو سيظل موجودًا، ولكن المهم إتاحة الفرصة له للتعبير عن رأيه بطريقة شرعية وإلا سيبحث عن طرق أخرى.

 

وأي نظام يحارب حقوق المكون الإسلامي في المشاركة، ينتظر القلاقل، وهنا المسؤولية تعود بالدرجة الأولى على الأنظمة السياسية القائمة، فإذا كانت تريد الاستقرار الحقيقي فعليها إشراك جميع مكونات المجتمع في العمل السياسي دون إقصاء.

 

وماذا حول الحديث عن رغبة الغرب من إقصاء التيار الإسلامي؟

 

العالم الغربي له حساباته بالتأكيد فيما يتعلق بالتيار الإسلامي، ولكن المهم نكون أقوياء في الداخل بتوفير حقوق المشاركة في العمل العام والمناصب، وبذلك نسد الطريق عليه، وفي كل الأحوال الغرب لا يتدخل إلا من خلال ضعف الأنظمة والفساد السياسي.

 

ولا بد للأنظمة من إفساح المجال لجيل آخر من الشباب لهم ثوابت تتناسب مع زمانهم من دون فرض وصاية على الشعوب، ولكن يبقى الحكام في الحكم بقوة الحديد والنار والإقصاء والتشويه، وهذا من علامات الاستبداد.

 

 

هل تقصد بالطرق الأخرى لدى التيار الإسلامي حمل السلاح؟

 

تصدير الأنظمة مواجهة الإرهاب هى مجرد تبريرات يعرفون أنها كاذبة وغير صحيحة، والهدف منها البقاء في السلطة وتدمير البلاد.

 

النبي لم يحمل السلاح إلا إذا كان مضطرا، والحركات الإسلامية لا تلجأ إلى هذا الخيار إلا في حالة الاضطرار والضرورة، دفاعا عن النفس والحقوق. عندما تعتدي السلطة بالسلاح على شعبها، هذه كارثة الكوارث، فالحكام طلاب سلطة يريدون أن يبقوا في الحكم، عن طريق الإقصاء والتهميش وسن القوانين التي تساهم في الإقصاء، وهو ما يولد لدى البعض أنه لا فائدة والبديل العمل المسلح.

 

وهل ترى أن الغرب يدعم هذه الأنظمة العربية؟

 

الغرب يشجع هذه الأنظمة الاستبدادية عن طريق الدبابات والطائرات، وعليهم مسؤولية لما يحدث الآن في العالم، من خلال التحالف مع الملوك والأمراء والرؤساء.

 

في المقابل، لا يوجد في الغرب هزات سياسية، ولا يصل أحد إلى الحكم إلا عبر صناديق الاقتراع، ولماذا لا نأخذ من التجارب الغربية احترام اختيار الشعب.

 

وسياسات الأنظمة الحالية من القمع والاستبداد والإقصاء، المدمرة تولد على المستوى البعيد أجيالاً مشوهة، وما يحدث في المنطقة العربية ضريبة الابتعاد عن كتاب الله وسنة نبيه وسيرة الخلافاء.

 

هل التيار الإسلامي قادر على القيادة؟

 

أقول ماذا قدمت الأنظمة القائمة الاستبدادية؟ فإدارة الدولة تأتي بالتراكم وليس بين عشية وضحاها، والحديث أن التيار الإسلامي غير قادر على إدارة الدولة مجرد حجج، فلا بد من التماس العذر للأحزاب التي لديها عام أو عام ونصف فقط، نعم الإسلاميون لديهم أخطاء ولا يقعون في خطايا.

 

والتيار الإسلامي يشكل الأغلبية في المجتمعات، من حيث جاءت الحرية هو يكون الفائز، والمستقبل سيكون له.

 

لماذا لا يتوحد التيار الإسلامي في البلدان المختلفة؟

 

هناك خلافات بين أبناء التيار الإسلامي، ولها أسباب كثيرة، ولكن هناك قواسم مشتركة لا بد من التفاف الجميع حولها، على قاعدة التمكين لدين الله، والاتفاق على القضايا المهمة، ويبقى الخلاف على قضايا فرعية.

 

ويجب التأكيد على أن الخلاف بين أبناء التيار الإسلامي يكون فقط في الجانب السياسي لا بوصفه خلافا فقهيا، وفي كل الأحوال الحركات الإسلامية كانت تعمل تحت الأرض لم تظهر إلا آخر خمسين عامًا، نعطي لهؤلاء فرصة من أجل المراجعة والاجتماع على قواسم مشتركة.

 

هل كانت ثورات الربيع العربي باب عودة التنظيمات الجهادية؟

 

هذه القناعة ترى حمل السلاح هو سبيل التغيير الوحيد، والمتسبب في هذه الرؤية بالدرجة الأولى الأنظمة الحاكمة التي أغلقت جميع الأبواب أمام المشاركة والتعبير عن الرأي، وعندما تأسست الجبهة الإسلامية، قولنا لأصحاب هذه الأفكار أن هناك فرصة متاحة للمشاركة، ونحن أصحاب حجة ولسنا أصحاب قوة، وأنهم بحمل السلاح ليس لهم طريق للعمل السياسي والدعوى والخيري، وتركوا العمل المسلح وعملوا بالسياسة والدعوة.

 

ولكن مع الانقلاب على إرادة الشعب والقمع والسجون، قالوا لنا "ألم نقل لكم أن هذه الأنظمة لا يفلح معها إلا السلاح".

 

ولكن كيف يمكن مواجهة أفكار حمل السلاح؟

 

الحل يكون عن طريق الأنظمة الحاكمة بفتح المجال للجميع، حتى للمسلحين ونقول لهم :”رفعتم السلاح لتمكين فكركم، الآن أنتم أحرار أعرضوا فكركم، ودعوا الشعب يختار".

 

وهناك خطوة من جانب العلماء من خلال المناقشة والحوار، ولكن بشرط أن يكونوا مستقلين لا يخدمون إلا دين الله، ومواجهة انحراف الأنظمة.

 

 

بماذا تقصد بقولك انحراف الأنظمة الحاكمة؟

 

في الأساس ينبغي علينا أن ندرك عنف وإرهاب الأنظمة القائمة، لأنها تستخدم القوة لاغتصاب إرادة الشعب، والمال لشراء الذمم، فعليهم إطلاق سراح المسجونين السياسيين، ووقف الظلم والقتل بغير حق ومصادرة الرأي، و عندما تفسح الساحة للحرية تجد الحركات الإسلامية في الصدارة.

 

كيف ترى توسع "داعش" في التكفير؟

 

التكفير ليس موضوعا جديدا، فهو قديم، وهناك ضوابط لهذه المسألة في الكتاب والسنة، لبيان من هو الكافر، ويجب التأكيد أن القضاة يصدرون حكم التكفير وليس أحد غيرهم.

 

فالخوارج لهم تكفيرهم وأهل السنة لهم تكفيرهم، والشيعة لهم تكفيرهم، فعلي بن أبي طالب تم تكفيره ولم يكفر هو أحدا، والخلافات السياسية وسعت دائرة التكفير.

 

كيف ترى مساهمة الخلافات السياسية في توسيع دائرة التكفير؟

 

الخلافات السياسية بين التيارات المنتسبة للإسلام، أثرت سلبا على التوسع في استخدام لفظة التكفير، فجوهر ما نراه من خلافات ليس ديني ولكنه سياسي.

 

وهناك أيضا "تكفير سياسي"، فالمعارضون يتهمون بعدم حب الوطن والتخوين والعمالة، وهو أيضا تكفير المخالف، بدلا من سيادة الاحترام المتبادل.

 

 

ما هى حقيقة تواجد تنظيم "داعش" في الجزائر؟

 

بغض النظر عما يعلن والفيديوهات التي ينشرها التنظيم، ولكن يجب دراسة الأمر ومن يقف ورائه، لأنه ربما يكون ضربا من الكذب واختلاق الأشياء.

 

وقد يتم اللجوء إلى فزاغة داعش والقاعدة ومحاربة الإرهاب من قبل الأنظمة، لبقاء الحكام في السلطة، وبناء علاقات مع الغرب على أرضية أن هذه الأنظمة تدافع عن مصالحهم.

 

 

 

 

 

 

مقالات متعلقة