تنطلق الجولة الخامسة من مفاوضات جنيف للسلام السورية برعاية الأمم المتحدة، في ظل الانتهاكات التي يقوم بها النظام السوري لاتفاق وقف إطلاق النار، ومحاولات المعارضة للتصدّي لها.
وتجتمع الأطراف الفاعلة في سوريا مجدداً، غداً الخميس، حول طاولة المفاوضات، للبحث عن حل سياسي ينهي الأزمة في البلاد، بعد شهر على انقضاء الجولة الرابعة.
وتنعقد الجولة الجديدة في ظل استمرار النظام السوري وداعمين من الميليشيات الأجنبية، بانتهاك اتفاق وقف إطلاق النار، الذي دخل حيز التنفيذ أواخر ديسمبر الماضي، وارتكاب المجازر بحق المدنيين العزّل.
والتزمت المعارضة السورية المسلحة باتفاق وقف إطلاق النار، إلّا في حالات الدفاع المشروع، وقامت خلال الأيام الأخيرة برد مجدٍ لانتهاكات النظام.
وبسبب عدم التزام النظام وداعميه بالاتفاق، رفضت المعارضة المسلحة المشاركة في اجتماع "أستانة 3" الذي جرى في 14 - 16 مارس الحالي برعاية تركية روسية.
ولم يسفر اجتماع "أستانة 3" عن نتائج ملموسة، بسبب عدم قيام روسيا بواجباتها كدولة ضامنة لاتفاق وقف إطلاق النار.
وفي مؤتمرها الصحفي أمس الثلاثاء، قالت أليساندرا فيلوتشي المتحدثة باسم مكتب الأمم المتحدة في جنيف، إن جميع الأطراف التي شاركت في الجولة السابقة من مباحثات جنيف، ستشارك في الجولة القادمة التي من المتوقع أن تستمر حتى الأول من أبريل المقبل.
وأكّدت فيلوتشي أنّ تنظيم "ب ي د" (الامتداد السوري لمنظمة بي كا كا الإرهابية) لن يكون حاضراً في طاولة المحادثات كما في الجولات السابقة.
وستنطلق محادثات الجولة الخامسة بإدارة رمزي عزالدين رمزي مساعد المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، حيث سيعقد لقاءات ثنائية مع وفدي النظام والمعارضة.
في حين سيغيب دي مستورا عن محادثات اليوم الأول، بسبب احتمال إجرائه زيارة إلى العاصمة التركية أنقرة.
ومن المخطط أن تبدأ محادثات اليوم الثاني، بإدارة دي مستورا، إذ سيقرر إمكانية عقد لقاء مباشر بين وفدي الطرفين في حال رأى بأنّ الأجواء تناسب ذلك.
وعن أجندة المحادثات، ستبحث الأطراف المشاركة، مسألة تفريق المجموعات الإرهابية عن الفصائل المعارضة، إضافة إلى المواد الأربع التي تم الاتفاق حولها في الجولات السابقة وهي تشكيل الحكومة الانتقالية، والتحضيرات لصياغة دستور جديد، وإجراء انتخابات، ومكافحة الإرهاب.
ويرى مراقبون أن وفدي النظام وروسيا، سيركزان خلال المحادثات، على بند مكافحة الإرهاب، بعد أن تم إدراجه على جدول جنيف بضغوط من الطرفين نفسيهما.
إذ أبدت روسيا، في مفاوضات "جنيف4" رغبتها في قيام المعارضة بقتال تنظيمي داعش وجبهة النصرة وبعض الفصائل الأخرى التي تصفها بـ"الإرهابية"، وهي خطوة قد تُغرق المعارضة في "معترك التصنيفات".
هذا الأمر تدركه المعارضة تماماً، كما تضع في حساباتها كذلك أن دخولها في قتال ضد "جبهة النصرة" والفصائل الأخيرة المتحالفة معها، سيؤدي إلى إضعاف قوتها، وبدل ذلك تضع قتال "داعش" بدعم من التحالف الدولي أولوية لها.
وعلى صعيد أخر، تشتكي المعارضة من المعايير المزدوجة للغرب وروسيا، وتطالب بتصنيف الجماعات الأجنبية المدعومة إيرانيا على أنها إرهابية، وإجبارها على الخروج من سوريا.
أما النظام، فيُدرج كافة فصائل المعارضة السورية المسلحة في خانة الإرهاب إلى جانب "داعش" و"النصرة"، الأمر الذي يضعف الآمال في أن تسفر محادثات جنيف 5 عن نتائج إيجابية.
ويعتبر مراقبون أنه يتوجب على المعارضة خلال الجولة القادمة، أن تزيد جهودها من أجل الحد من دور الجماعات المقربة من إدارتي موسكو والقاهرة؛ إذ من المتوقع بشكل كبير أن يبادر النظام وروسيا إلى تعزيز دور تلك الجماعات.
وفي الجولات السابقة بذلت موسكو جهوداً حثيثة لإدراج هؤلاء ضمن وفد المعارضة، وذلك لإضعاف دور المعارضة السورية الحقيقية، الأمر الذي منح النظام خلال الجولة الماضية، حجة لمغادرة طاولة المفاوضات بذريعة أنه لم يجد جهة موحدة يتفاوض معها.
وبالنسبة للدور الإيراني، فمن غير المتوقع أن يطرأ تغيير على مواقف طهران في هذه الجولة، فالهدف الرئيسي لها هو إقناع المعارضة وداعميها على تأسيس حكومة وحدة وطنية في سوريا بدل حكومة انتقالية تتمتع بكامل الصلاحيات.
- تركيا تعارض إضعاف المعارضة
قامت تركيا في الجولة الرابعة من محادثات جنيف بالضغط على الأطراف ودفعهم لمناقشة بند الانتقال السياسي، بموجب قرارات مجلس الأمن الدولي، وشجّعت المعارضة على عدم مغادرة طاولة المفاوضات، لإجبار النظام على مناقشة بند الانتقال السياسي.
ومن المتوقع أن تبذل أنقرة جهوداً كبيرة خلال الجولة الحالية لتقوية دور المجموعات التي لم ترتبط بالمنظمات الإرهابية.
وبحسب معلومات من مصادر شاركت في أستانة 3، فإنّ أنقرة أعربت عن قلقها من أن يؤدي تصنيف المقاتلين على الأرض السورية بين معارض وإرهابي، إلى إضعاف دور المعارضة السورية الحقيقية.
ومن المنتظر أن يتولى سادات أونال مساعد مستشار وزير الخارجية التركي لشؤون الشرق الأوسط، مهمة رئاسة الوفد التركي إلى جنيف.