89 عاما مرت على تأسيس حسن البنا جماعة الإخوان المسلمين في 22 مارس 1928،كجماعة دعوية،لكنها طوال هذه الفترة مرت بعدة مراحل وتقلبات كثيرة حتى اعتبرتها الدولة جماعة إرهابية بعد 30 يونيو 2013.
خبراء في شئون الحركات الإسلامية،تحدثوا عن مستقبل الجماعة الذي يرونه غير واضح نظرا للانقسام الداخلي ووضعوا شروط ليكون إيجابي، كما أكدوا أنه المراجعات سيكون لها تأثير إيجابي على مستقبل الجماعة في حالة واحدة.
من الإسماعيلة كانت نقطة الإنطلاق،عندما أنشأ حسن البنا في 1928 جمعية دعوية أسماها"الإخوان المسلمين"،وذلك قبل أن ينقل نشاطها للقاهرة عام 1932، واقتصر نشاطها على الدعوة فقط،إلا أن عرج مسارها للسياسة عام 1938عندما اتفقت مع حزب مصر الفتاة على رفض الدستور والنظام النيابى؛لأن القرآن هو دستور الأمة.
ومنذ البداية أعلن " البنا"عدائه للأحزاب السياسية،وكانت علاقتهم وطيدة بالملك فاروق،إلا أن قوة الأسلحة التي استخدمتها الجماعة في حرب فلسطين أقلق الملك،وأيد سياسية النقراشي باشا بحلها،الذي أبعدها عن الحياة العامة حتى عودة مزاولة نشاطها عام 1951م نتيجة قرار من مجلس الدولة بعدم مشروعية حل الجماعة ومصادرة ممتلكاتها.
وبعد ثورة 23 يوليو التي ساندتها الجماعة،كان حادث المنشية بداية لعهد من التنكيل بأعضائها في عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر وأعدم سيد قطب مفكر الجماعة في عام 1966 ومعه 5 من قيادات الإخوان،وفي عهد السادات كان العلاقة بين الجماعة والسلطة هادئة، فيما عدا اعتقال عدد كبير من الإخوان فيما سمي إجراءات التحفظ في سبتمبر 1981.
ظلت الجماعة في موقع المعارضة في عهد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، وكانوا دوما ينافسون الحزب الحاكم في الانتخابات البرلمانية، وأعلى نسبة نجاح شهدتها انتخابات 2005 بحصول الجماعة على 88 مقعد في البرلمان،ماأهلهم لتصدر المشهد السياسي عقب ثورة 25 يناير وحصولهم على الأغلبية البرلمانية في 2012 قبل أن ينصب الدكتور محمد مرسي الذي ينتمي للجماعة كرئيس للجمهورية في يونيو 2012،ولكن قوبلوا برفض سياسي كبير أدى لسقوطهم عقب عام واحد.
منذ3 يوليو 2013 تمر الجماعة بأزمة كبيرة نتيجة اعتقال غالبية قياداتها وانقسامها لفريقين أحدهما القيادة التاريخية والثانية الجبهة الشبابية التي أخرجت مراجعات فكرية بالتزامن مع ذكرى نشأتها الـ89.
تحت عنوان " آفاق مجهولة: الأحزاب الإسلامية ما بعد جماعة الإخوان" نشرت مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي – برنامج الشرق الأوسط، في منتصف ديسمبر الماضي،دراسة للباحث مارك لينش يحاول فيها استشراف مستقبل جماعة الإخوان في العالم العربي.
قال لينش عن جماعة الإخوان المسلمين بعد ثورة 25 يناير في دراسته إن الجماعة تواجه مسارًا أصعب من ذاك الذي ينتظر معظم نظرائهم من الأحزاب الإسلامية وهم بانتظار أن تؤتي الحوارات الداخلية أُكلها من خلال بلوغ توافق بشأن الإستراتيجية السياسية التي ينبغي اتّباعها أو بشأن المسائل الأيديولوجية الرئيسة حول العنف والمشاركة السياسية
لكن ريثما يتحقق ذلك، يُرجّح أن تبقى الجماعةمُستغرقة بانقساماتها ومعزولة عن النظام السياسي المصري"، بحسب مارك لينش
قال ماهر فرغلي،الباحث في شئون الحركات الإسلامية،إن جماعة الإخوان انحرفت عن مبادىء حسن البنا التي أسسها عليها، وهي مهددة بالزوال حال استمرارها بهذا الشكل،مشيرا إلى أنها إذا أرادت الاستمرا فعليها العودة لطريقها الإصلاحي.
وأضاف فرغلي،لـ" مصر العربية"،أن أبناء حسن البنا وقعوا في أخطاء عديدة أوصلتهم للوضع الحالي،منها الغرق في العمل السياسي والتعاون مع المجلس العسكري عقب ثورة يناير،وعدم استيعاب الشباب ومحاولاتهم أخونة الدولة،وكذلك التورط في مشروع واحد مع السلفية الجهادية وبدا ذلك على منصة رابعة العدوية أثناء اعتصامهم عقب عزل محمد مرسي.
وأشار إلى التقييم الأخير أو المراجعات أمر جيد،خاصة أنها خرجت من المجموعة الشبابية التي اشتهرت بتبني العنف،لافتا إلى أنها ستكون لها تأثير إيجابي على مستقبل الجماعة،في حال استغنائها عن سياسة" التجميع"وتحديد هويتهم سواء جماعة دعوية أو سياسية،إضافة للتخلي عن العمل التنظيمي الواسع الذي غالبا ما تتعارض مصالحه مع الدولة.
ومن جانبه يرى الدكتور كمال حبيب،الباحث في شئون الحركات الإسلامية، أن جماعة الإخوان المسلمين أصبحت شطرين حاليا،أحدهما تابع للقيادات التاريخية، والثانية تتبنى أفكار العنف مع الدولة وهي المجموعة التي أعلنت ما سمي بالمراجعات الفكرية الأخيرة.
قال حبيب لـ" مصر العربية"،إن انقسام الجماعة حاليا،هو التهديد الأكبر على مستقبلها؛لأن أي محاولات للرجوع عن النهج الذي اتخذته منذ عزل محمد مرسي، لن يحدث في ظل وجود فريقين بداخلها،إضافة لأن اندماجهم مرة أخرى بالمجتمع المصري أمر بالغ الحساسية.
وأضاف أن الجماعة تحتاج لمراجعات حقيقية حتى تعود مرة أخرى للحياة، وفي حال عدم حدوث ذلك، فستظل في الدوامة الحالية والعمل السري.