إخلاء سبيل مبارك وعودته لمنزله يمثل صفحة جديدة للديكتاتور السابق الذي ثار عليه شعبه في العام 2011، ليسدل الستار على حكمه الذي استمر 30 عاما واتسم بالفساد واتساع الفوارق الاقتصادية والاعتماد على الجهاز الأمني المخيف.
كما يسلط إخلاء سبيل الرئيس المخلوع أيضا الضوء على الطموحات الفاشلة لثورة الربيع العربي التي هبت رياحها على عدد من البلدان في منطقة الشرق الأوسط، والتي قادت الاحتجاجات الجماعية فيها، بعد مضي 6 سنوات، في دول مصر وتونس وليبيا واليمن والبحرين وسوري، إلى حروب أهلية ودول فاشلة أو حتى العودة إلى الحكم الاستبدادي.
جاء هذا في سياق تقرير نشرته وكالة "أسوشيتيد برس" للأنباء حول إطلاق سراح مبارك اليوم الجمعة من مستشفى المعادي العسكري بعد 6 سنوات قضاهاعلى ذمة محاكمات في قضايا عدة، وهو ما أحبط الناشطين الذين كان يراودهم الأمل في أن يلقى الرئيس المخلوع جزائه على قتل مئات المصريين الذين خرجوا لإسقاطة في ثورة يناير.
وأوضح التقرير أن مبارك المريض، 88 عاما، قد غادر غرفته التي تطل شرفتها على النيل بمستشفى المعادي العسكري جنوبي العاصمة المصرية القاهرة ليذهب إلى منزله في حي مصر الجديدة الراقي وسط حراسة مشددة وذلك للمرة الأولى منذ 6 سنوات.
ونقل التقرير تصريحات أدلى بها فريد الديب، محامي مبارك لصحيفة "المصري اليوم" المستقلة والتي قال كشف فيها عن عودة الرئيس المخلوع لمزله مع نجليه علاء وجمال، وأفراد الأسرة بأكملها، بمن فيهم زوجة مبارك، ليحتلفوا جميعا بعودته بتناول الإفطار سويا.
كانت النيابة قد وافقت على طلب محامي مبارك باعتبار فترة الحبس الاحتياطي، التي قضاها على ذمة قضية قتل المتظاهرين، ضمن فترة عقوبة السجن التي يقضيها في قضية القصور الرئاسية.
وعاقبت المحكمة مبارك بالسجن ثلاث سنوات في قضية القصور الرئاسية، بعد إدانته بالاستيلاء على مخصصات مالية حكومية لتلك القصور.
وكانت محكمة جنايات القاهرة قد حكمت على مبارك في يونيو 2012 بالسجن المؤبد، بعد أن أدانته بتهم تتصل بقتل 239 متظاهرا، لكن محكمة النقض ألغت الحكم وأمرت بإعادة المحاكمة أمام دائرة أخرى في محكمة جنايات القاهرة. وقضت الدائرة الجديدة في نوفمبر 2014 بعدم جواز نظر الدعوى الجنائية ضده، لكن النيابة طعنت على الحكم أمام محكمة النقض التي قبلت الطعن في مايو الماضي وقررت إعادة المحاكمة للمرة الثانية والأخيرة على أن تعقد أمامها.
وكان مبارك - الذي يبلغ الآن 88 عاما - قد أدين في أول محاكمة له عام 2012، بعد عام من تنحيه، وحُكم عليه بالسجن مدى الحياة.
وظل مبارك محتجزا منذ القبض عليه في أبريل 2011 في عدد من المستشفيات، ليستقر به الحال الآن في المستشفى العسكري جنوبي القاهرة.
ونفى مبارك اتهامه بتوجيه أمر بقتل المتظاهرين، مؤكدا على أن التاريخ سيحكم عليه بأنه "وطني خدم بلاده مترفعا عن أي مصلحة".
وكانت محكمة جنايات القاهرة برئاسة المستشار أحمد رفعت، قد حكمت على مبارك ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي بالسجن المؤبد وبرأت مساعدي العادلي الستة في الـ2 من يونيو 2012، وهو الحكم الذي ألغته محكمة "النقض" في الـ 13 من يناير 2013، وقررت إعادة المحاكمة من جديد.
كما برّأت المحكمة وزير الداخلية السابق حبيب العادلي وأربعة من مساعديه من نفس التهمة أمس الخميس.
ورفضت محكمة النقض أيضا مطالب محاميي أسر المتظاهرين برفع دعاوى قضائية أخرى ضد مبارك.
وقُتل نحو 850 شخصا في الحملة التي شنتها قوات الأمن لمواجهة المظاهرات التي اندلعت في الـ25 يناير 2011، وانتهت بتنحي مبارك عن الحكم في الـ 11 فبراير من العام نفسه.
ولا يزال قتل المتظاهرين خلال أيام الانتفاضة التي استمرت 18 يوما قضية مثيرة للنزاع، إذ يطالب النشطاء، وجماعات حقوق الإنسان بمحاسبة الشرطة عن ذلك.
وكان عشرات من ضباط الشرطة - اتهموا بقتل متظاهرين - قد برئوا، أو حكم عليهم بأحكام مخففة، أو بأحكام مع وقف التنفيذ.
لمطالعة النص الأصلي