مع استمرار تقدم القوات العراقية لتحرير المناطق الباقية من الساحل الأيمن للموصل، تتواصل عمليات نزوح الموصليين الهاربين من نيران المعارك التي لم تتوقف منذ أكثر من 5 أشهر بين الجيش العراقي وتنظيم داعش في ظل انعدام الخدمات المقدمة للنازحين.
معاناة أهالى الموصل من نقص كل سبل الحياة رغم التحذيرات الأممية يراها مراقبون عراقيون انتقاما مقنعا، ومحاولة للتغيير الديموغرافي لا علاقة لها بوجود تنظيم داعش من عده.
وفي 17 أكتوبر الماضي، انطلقت المرحلة الأولى من معركة استعادة الموصل، حتى انتهت بتحرير المستهدف بالكامل من قبضة داعش، ثم بدأت المرحلة الثانية في نهاية ديسمبر الماضي لكنها لم تنتهى حتى الآن.
تحذيرات أممية
ومن جديد حذرت الأمم المتحدة من سوء الأوضاع التي يعيشها آلاف المدنيين العالقين في مناطق القتال، متوقعة زيادة عمليات النزوح.
ويعيش النازحون أوضاعا إنسانية ومأساوية صعبة لقلة المعونات الإغاثية والغذائية، إضافة إلى شح الأغطية والنفط والطاقة كوسيلة يستخدمونها لتحضير طعامهم وتدفئتهم وسط انخفاض حاد بدرجات الحرارة بالموصل.
وتعد مدينة الموصل مركز محافظة نينوى، ثاني أكبر مدينة في العراق من حيث السكان بعد بغداد. ويبلغ تعداد سكانها حوالي 2 مليون نسمة قبل سيطرة "داعش" عليها. وتبعد عن بغداد مسافة حوالي 465 كلم.
قتال شرس
وأغلبية سكان الموصل من العرب السنّة وينحدرون من خمس قبائل رئيسية وهي شمر والجبور والدليم وطي والبقارة، ويوجد أيضا مسيحيون، وأقليات ينتمون إلى عدة عرقيات أكراد وتركمان وشبك وغيرها.
وتعتبر هذه العملية أصعب بكثير من عملية استعادة السيطرة على الجانب الشرقي للمدينة بسبب الكثافة السكانية العالية وضيق الشوارع وتقارب المنازل.
وبحسب الأمم المتحدة فإنّ حوالي 400 ألف مدني نزحوا من الموصل لكن حوالي مليون ونصف مليون ما زالوا في مختلف أحياء المدينة.
وقالت ليز غراند، المنسقة الإنسانية للأمم المتحدة في العراق، إن "المعلومات المستقاة من الفارين من المدينة تفيد بصعوبة دخول أو خروج المدينة القديمة" وإن "العائلات معرضة للخطر سواء بقيت هناك أو حاولت الفرار".
جرائم حرب
بدوره قال العميد الركن بالجيش العراقي خليل الطائي، إنه من خلال النتائج والمفردات الميدانية إن قوات التحالف وحشودها الحكومية تنفذ مهام تدميرية وليست غايات عسكرية لذلك فإن واشنطن تختصر توقيتات المعركة لعزلها ميدانيا لتدمير منطقة الهدف بالكامل.
وأضاف في تصريحات لـ"مصر العربية" أن مخرجات عملية تحرير الموصل هى جرائم حرب يقوم بها أناس لديهم أحقاد تجاه المدنيين قبل تنيظم داعش، لافتاً إلى أن القصف العشوائي الهدف منه هو زيادة موجات النزوح ومن ثم تعرض النازحين للموت بسبب المخاطر التي تقابلهم في ظل انعدام الخدمات بالنسبة لهم.
وأوضح أن العالم اليوم أمام صورة بشعة لحرب إرهابية "قذرة" بأدوات همجية ترتكب كل يوم جرائم حرب وإبادة جماعية بحق الموصليين، مشيرا إلى أن القوات الحكومية تنتقم من المدنيين في الموصل عقب كل خسارة في الميدان.
النزوح قنبلة موقوته
وأكد أن النزوح يشكل قنبلة موقوته داخل المجتمع العراقي بسبب المعاناة التي يتعرض لها النازح والتي تقتل بداخل الانتماء للوطن، فكل ما يريده هو حماية نفسه وعائلته من خلال النزوح الذي يعلم خطورته لكنه شر لابد منه.
وكانت فصائل الحشد الشعبي، ذات الغالبية الشيعية، اتهمت العام الماضي، بارتكاب انتهاكات خطيرة ضد المدنيين السنة، خلال مساعدتها الحكومة العراقية في استعادة الفلوجة التي سيطر عليها مسلحو التنظيم في 2014.
وأقر البرلمان العراقي العام الماضي قانونا يدمج هذه الفصائل ضمن القوات العراقية المسلحة لكنها مازالت تمارس انتهاكات بحق المدنيين الموصليين وسط صمت السلطات العراقية .
تغيير حجم السكان
فيما قال الناشط الحقوقي العراقي ، سعد الشمري، إن موجات النزوح المستمرة بالموصل قطعا ستغير حجم السكان على مستوى المحافظات الأمر الذي سخلف أثاراُ سلبية على جميع الأصعدة.
وأضاف في تصريحات لـ"مصر العربية" أن اتجاه النازحين من الموصل إلى أماكن عشوائية يعتقدون أنها آمنه يعرضهم للكثير من المخاطر بسبب عدم وصول الخدمات الحكومية أو الحقوقية لهم مما يضاعف معاناتهم اليومية.
وأوضح أن خلق مناطق عشوائية للنازحين ستزيد من إرباك الحكومة العراقية التي لن تستطيع تلبية الاحتياجات الأساسية للنازحين، لذلك لابد أن تراعي القيادة العسكرية لعملية تحرير الموصل هذا البعد ومنع أي قصف عشوائي حتى لا يدفع أهل الموصل للخروج من المدينة على أمل الحصول على الأمن خارجها.
وأشار إلى أن تراكم الحروب والحصار والدمار الذي لحق بالبنى التحتية والاقتصاد الوطني يتطلب جهدا وطنيا ودعما دوليا من أجل إعادة النازحين والمهجرين إلى مناطقهم الأساسية التي تركوا فيها كل ما يملكون.