حصول مبارك على حريته تمثل لحظة قاتمة في تاريخ مصر الحديث في نظر الأشخاص الذين سعوا للإطاحة به. ومع ذلك،تعامل البعض مع الموقف وكأنه أمر واقع، بعد أن أصبح إطلاق سراح الرئيس المخلوع وشيكا، بعد أن هدت قواهم الاضطرابات السياسية التي شهدتها البلاد منذ سقوطه.
هكذا علقت صحيفة "جارديان" البريطانية على مسألة إطلاق سراح الديكتاتور المخلوع حسني مبارك من مستشفى المعادي العسكري بعد أن ظل محتجزا بها طيلة 6 سنوات، وعودته لفيلته في حي مصر الجديدة شمالي القاهرة.
وقالت الصحيفة إن مبارك عاد إلى بيته حيث تناول الفطور مع عائلته وعدد من أصدقائه المقربين، ووجه الشكر إلى من دعموه طوال مدة سجنه، وفقالما صرح به محاميه فريد الديب.
وأضافت الصحيفة أن "الرجل القوي" الذ حكم مصر لثلاثة عقود كان يظهر في جلسات المحكمة بصورة هزيلة، ممدا على نقالة ومرتديا نظارة شمس سوداء، مما أدى إلى تكرار إشاعات موته.
لكن، وفقا للصحيفة، صحة الرجل الطاعن في السن كانت تسمح له بأن يطل من نافذة الغرفة التي يرقد بها في الستشفى العسكري ليلقي التحية على من كانوا يتجمعون بالخارج في أعياد ميلاده وذكرى نصر أكتوبر على إسرائيل.
وأفادت الصحيفة البريطانية أن مبارك تمت تبرئته من تهمة قتل المتظاهرين، في القضية التي حكم عليها بالسجن المؤبد عام 2012، كما ألغيت عنه تهمة بالفساد في يناير 2015.
وأفادت الصحيفة أن سقوط نظام مبارك قبل 6 سنوات، أعطى إشارة بإمكانية حدوث تغييرات كثيرة في العالم العربي، وكان بداية الإطاحة بأنظمة عربية راسخة، ودلل على أن أقوى القادة العرب لم يصبحوا محصنين من الملاحقة القضائية.
ولكن إطلاق سراحه اليوم حطم أمال هؤلاء الناس الذين أملوا في التغيير، وأصاب المصريين بالإحباط، خاصة أن منهم من ضحى بحياته لإنهاء حكم الرئيس الأسبق، بالرغم من أن الكثيرين الآن يقولون أن التحديات أكبر من مجرد شخص واحد فقط.
ونسب التقرير لـ طارق الخطيب الذي قتل شقيقه مصطفى تظاهرات يناير:” لست حزينا أو محبطا،" مردفا:” كنت سأتفاجأ إذا كانت الأمور سارت على عكس ذلك. فسياسيا كل شيء سار في هذا الاتجاه وتم تهيئة الأجواء لهذه اللحظة.”
ولفتت الصحيفة إلى أن إخلاء سبيل مبارك يجيء في وقت تشهد مصر فيه أزمة اقتصادية طاحنة في أعقاب سنوات من القلاقل السياسة والاضطرابات الأمنية.
وسلطت الصحيفة الضوء على شكاوي المصريين من الارتفاع الحاد في الأسعار ووصول التضخم لأكثر من 30%، والتدابير التقشفية التي تتخذها الحكومة لتأمين حصولها على قرض صندوق النقد الدولي البالغ قيمته 12 مليار دولار على 3 سنوات.
وكانت النيابة العامة المصرية قد قررت مؤخرا إخلاء سبيل مبارك بعد أيام من تبرئته نهائيا من اتهامات قتل المتظاهرين إبان ثورة الخامس والعشرين من يناير/كانون الثاني 2011.
ووافقت النيابة على طلب محامي مبارك باعتبار فترة الحبس الاحتياطي، التي قضاها على ذمة قضية قتل المتظاهرين، ضمن فترة عقوبة السجن التي يقضيها في قضية القصور الرئاسية.
وكانت المحكمة قد عاقبت مبارك بالسجن ثلاث سنوات في قضية القصور الرئاسية، بعد إدانته بالاستيلاء على مخصصات مالية حكومية لتلك القصور.
وقضت محكمة النقض المصرية في الثاني من مارس الجاري ببراءة مبارك بشكل نهائي من تهمة الاشتراك في قتل المتظاهرين.
لكن مبارك لا يزال خاضعا لقرار منعه من السفر الصادر على ذمة تحقيقات تجريها النيابة بتهمة الكسب غير المشروع، المعروفة إعلاميا بـ "قضية هدايا الأهرام".
وكان مبارك، الذي يبلغ الآن 88 عاما، قد أدين في أول محاكمة له عام 2012، بعد عام من تنحيه وحُكم عليه بالسجن المؤبد.
وظل مبارك محتجزا منذ القبض عليه في أبريل 2011 في عدد من المستشفيات.
ونفى مبارك اتهامه بتوجيه أمر بقتل المتظاهرين، مؤكدا على أن التاريخ سيحكم عليه بأنه "وطني خدم بلاده مترفعا عن أي مصلحة".
وبدأت أولى جلسات إعادة محاكمة مبارك في عام 2013، وأسقط قاضٍ التهمة بعد عام، غير أن محكمة النقض أمرت بإعادة محاكمته ثانية.
ورفضت محكمة النقض أيضا مطالب محاميي أسر المتظاهرين برفع دعاوى قضائية أخرى ضد مبارك.
وقُتل نحو 850 شخصا في الحملة التي شنتها قوات الأمن لمواجهة المظاهرات التي اندلعت يوم 25 يناير 2011، وانتهت بتنحي مبارك عن الحكم في 11 فبراير من العام نفسه.
ولا يزال قتل المتظاهرين خلال أيام الانتفاضة التي استمرت 18 يوما قضية مثيرة للنزاع، إذ يطالب النشطاء، وجماعات حقوق الإنسان بمحاسبة الشرطة عن ذلك
لمطالعة النص الأصلي