محاكمة قلاش.. قصة 11 شهرًا انتهت بحبس نقيب الصحفيين السابق

يحيى قلاش وجمال عبد الرحيم وخالد البلشي

بعد 11 شهرا في أروقة القضاء، أسدلت محكمة جنح مستأنف قصر النيل، السبت 25 مارس، الستار على القضية التي صد الحكم فيها أمس السبت بحبس النقيب السابق للصحفيين يحيى قلاش وعضو مجلس النقابة السابق خالد البلشي، والعضو الحالي جمال عبد الرحيم، سنة مع إيقاف التنفيذ لمدة ثلاث سنوات.

 

وبدأت مجريات القضية في 1 مايو من العام 2016، حيث اقتحمت قوة من وزارة الداخلية مكونة من 50 فردًا من الشرطة، نقابة الصحفيين، وألقت القبض على الزميلين عمرو بدر ومحمود السقا، بتهمة التحريض على التظاهر ضد الدولة، واللذان اعتصما بمبنى النقابة في أبريل من العام نفسه.

 

يحيى قلاش وخالد البلشي وجمال عبد الرحيم

 

ووجهت النيابة العامة للزميلين تهمًا متنوعة منها محاولة قلب وتغيير دستور الدولة ونظامها الجمهوري وشكل الحكومة، والانضمام إلى إحدى الجمعيات والهيئات والمنظمات التي تبغي تعطيل أحكام الدستور والقوانين، ومنع مؤسسات الدولة وسلطاتها العامة من ممارسة عملها".

 

كما شملت التهم أيضًا الإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي، والترويج بالقول والكتابة للأغراض محل الاتهام الأول، وذلك بإحدى الطرق المعدة للتوزيع والطباعة، وإذاعة أخبار وبيانات وشائعات كاذبة من شأنها تكدير الأمن العام".

 

عمرو بدر ومحمود السقا

 

وأصدرت النيابة العامة، بيانًا عن نتائج التحريات التي أدّت إلى القبض على الزميلين عمرو بدر ومحمود السقا، من داخل نقابة الصحفيين وقالت إنّه تم بموجب إذن قضائي صادر بضبطهما وإحضارهما و7 آخرين متهمين في القضية.

 

في المقابل نظم عشرات الصحفيين في الرابع من مايو تظاهرات حاشدة أمام النقابة وعقدوا جمعية عمومية طارئة أعلنوا فيها عدة قرارات تصعيدية رفضًا لاقتحام النقابة.

مطالب الجمعية العمومية للصحفيين

 

وطالب الصحفيون وقتها بتقديم اعتذار واضح من رئاسة الجمهورية عن انتهاك القانون والدستور باقتحام النقابة، والإفراج عن جميع الصحفيين المحبوسين في قضايا نشر.

وقال كارم محمود، عضو مجلس النقابة، في بيان تلاه عقب انتهاء الجمعية العمومية، إن الجمعية تطالب بالإفراج عن جميع الصحفيين المحبوسين في قضايا الرأي والنشر، واستصدار قوانين تغلظ عقوبة الاعتداء على الصحفيين ونقابتهم، وإصدار قانون منع الحبس في قضايا النشر، وسرعة إصدار قانون الموحد للتشريعات الإعلامية، فضلا عن دعوة جميع الصحف والمواقع الإلكترونية تثبيت "لوجو" موحد بعنوان "لا لحظر النشر.. لا لتقييد الصحافة"، وهتف الجميع "اكسر حظر النشر"، ونشر صورة وزير الداخلية نيجاتيف ودون ذكر اسمه.

 

صورة وزير الداخلية نيجاتيف

 

وفي أثناء هذه الإجراءات والمطالب التي نادت بها الجماعة الصحفية في جمعيتها العمومية تقدمت وزارة الداخلية ببلاغ ضد نقيب الصحفيين حينها يحيى قلاش، وكل من خالد البلشي، وجمال عبد الرحيم، اتهمتم فيه بإيواء عمرو بدر ومحمود السقا، والتستر عليهم رغم استدعاء النيابة لهم.

 

مجلس النواب يتنصل

 

جاء موقف مجلس النواب من أزمة اقتحام النقابة على غير ما كان يتوقعه الكثيرون،  حيث أعلنت لجنة الثقافة والإعلام داخل البرلمان رفع يدها عن الأزمة وترك الأمر في يد رئيس المجلس الدكتور علي عبد العال، حيث أعلن النائب مصطفى بكري حينها رفض اللجنة للمقترح المقدم من جانب النائب خالد يوسف، حول  عقد اجتماع بين مجلس نقابة الصحفيين ورئيس مجلس الوزراء المهندس شريف إسماعيل، مؤكدا أن اللجنة رفعت يدها عن الأزمة، وأعدت تقريرًا بها رفعته إلى رئيس البرلمان.

 

لم يكن التنصل من الأزمة سيد الموقف من جانب نواب البرلمان بل إن كثير منهم هاجم الصحفيين مؤكدين أن مقر النقابة ليس حرما مكيا حتى يستحيل دخوله بهذا الشكل الذي تم عليه الأمر، وسط أصوات أخرى مطالبة بالتوصل لحل وسط ينهي حالة الخلاف الذي لن يستفيد منه أحد على حد قولهم.

 

إلى جانب موقف البرلمان من الأزمة، أتى موقف عدد من كبار الكتاب والصحفيين أيضًا ليحمّل النقابة والنقيب قلاش مسئولية الأزمة، مؤكدين الاتهامات الموجهة له بالتستر على مطلوبين للنيابة بسبب دعوتهم للتظاهرات، وكان على رأسهم الكاتب الصحفي ونقيب الصحفيين الأسبق مكرم محمد أحمد.

 

مكرم محمد أحمد: أزمة النقابة مفتعلة

 

دعوى فرض الحراسة على نقابة الصحفيين

وأقامت مجموعة تطلق على نفسها اسم "نقابة الصحفيين المستقلين"، دعوى ضد يحيى قلاش نقيب الصحفيين، ورئيس المجلس الأعلى للصحافة بصفته، تطالب بفرض الحراسة على النقابة وهي الدعوى التي رفضتها محكمة القاهرة للأمور المستعجلة في 31 يوليو 2016.

 

هجوم الداخلية على الصحفيين

 

الداخلية كان لها النصيب الأكبر من موجات الهجوم على الصحفيين حينها، حيث إن اللواء فاروق المقرحي، مساعد وزير الداخلية الأسبق، اعتاد الظهور في القنوات والهجوم على الصحفيين بدعوى أن اقتحام النقابة ليس جريمة ومبناها ليس حرمًا مقدسًا يقف في وجه تطبيق القانون في ضبط المتهمين المحتمين بداخلها.

 

 

وبرغم إخلاء سبيل عمرو بدر الذي يحاكم قلاش بتهمة التستر عليه لأنه مطلوب للنيابة، استمرت محاكمة يحيى قلاش، وفقا للتهمة السابقة، بينما لم يطعن محمود السقا على الحكم.

 

عمرو بدر ومحمود السقا خلال المحاكمة

 

وتواصلت الأزمة دائرة حتى صدر حكم ضد الثلاثي النقابي من جانب محكمة جنح قصر النيل، المنعقدة بعابدين، في التاسع عشر من نوفمبر من العام المنقضي، بالحبس عامين وكفالة 10 آلاف جنيه لإيقاف التنفيذ.  

وأثار الحكم الصادر بحق قلاش وزميليه غضب الجماعة الصحفية وعدد من السياسيين وقيادات الأحزاب وبرلمانين، ما دفع عددا من الصحفيين لتنظيم وقفات احتجاجية عدة على سلالم النقابة رفضًا للحكم الصادر بحق النقيب معتبرين إياه تعديًا على حرية الصحافة، كما اجتمع مجلس النقابة في تلك الأثناء برئاسة يحيى قلاش لبحث ومناقشة الحكم الصادر ضد النقيب وعضوى المجلس، والنظر في إجراءات الطعن.

 

 وقرر مجلس نقابة الصحفيين، دفع الكفالة وقدرها 10 آلاف جنيه لكل منهم، ووجه دعوة مفتوحة لأعضاء الجمعية العمومية، فيما تقدم قلاش بطعن على حكم محكمة جنح قصر النيل أمام محكمة جنح مستأنف نفس الدائرة، والتي قضت السبت في دعوى -استئناف يحيى قلاش ، وجمال عبد الرحيم، وخالد البلشى، على حكم حبسهم بتهمة إيواء مطلوبين-، بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع إلغاء حكم أول درجة، والقضاء مجددًا بالحبس لمدة عام لجميع المتهمين مع الإيقاف لمدة ثلاثة سنوات تبدأ من أمس.

 

يحيى قلاش نقيب الصحفيين السابق

 

 وتغيب نقيب الصحفيين السابق، وعضو مجلس النقابة، ورئيس لجنة حريات الصحفيين السابق عن حضور الجلسة، فيما حضر أيمن عبد المجيد عضو مجلس نقابة الصحفيين ورئيس لجنة التدريب الجلسة للتضامن معهم.

 

واعتبر طارق نجيدة، المحامي وعضو هيئة الدفاع عن قلاش، أن حكم حبس نقيب الصحفيين السابق يدور في إطار سياسي وليس قانونيا فقط، وهو أمر معروف للجميع، وفقا لحديثه.

 

وأشار نجيدة، لـ "مصر العربية"، إلى أنه لابد من الوضع في الاعتبار الظروف المحيطة بهذا الحكم، فنقيب الصحفيين لم يعد نقيبا للصحفيين وانتهت الانتخابات، فما الفائدة هنا من حبسه؟.

 

وتابع عضو هيئة الدفاع عن قلاش: الحكم هنا يأتي متوافقا مع ما تضمنته مواد قانون العقوبات، وقد أقر بأن قلاش مدان لكنه أعطاه فرصة جديدة لكي يعالج الخطأ الذي وقع فيه من قبل، كنوع من أنواع التخفيف عليه.

مقالات متعلقة